أصدر الأزهر الشريف اليوم الأربعاء إعلانا يحدد أطرا للعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين في الدول العربية ويؤكد على مبدأ المواطنة ويندد بالعنف والتمييز والازدراء.
وتلا شيخ الأزهر أحمد الطيب الإعلان الذي يتضمن ستة بنود في ختام مؤتمر نظمه الأزهر ومجلس حكماء المسلمين في القاهرة على مدى يومين تحت عنوان "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل".
وشارك في المؤتمر وفود من أكثر من 50 دولة بينهم رؤساء الكنائس الشرقية وعلماء ورجال دين ومفكرون وسياسيون مسلمون ومسيحيون من مختلف المذاهب والطوائف.
وعقد المؤتمر في وقت تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط توترات وصراعات بعضها على أساس ديني وطائفي. وكذلك في ظل تزايد الهجمات وأعمال العنف التي يشنها متشددون إسلاميون في دول عربية وغربية.
وقال شيخ الأزهر إن "أول عوامل التماسك وتعزيز الإرادة المشتركة يتمثل في الدولة الوطنية الدستورية القائمة على مبادئ المواطنة والمساواة وحكم القانون."
وحذر الطيب من استخدام مصطلح الأقليات "الذي يحمل في طياته معاني التمييز والانفصال بداعي التأكيد على الحقوق".
وشدد الإعلان على إدانة كل أشكال التمييز وأعمال العنف التي تنتهك مبدأ المواطنة.
وقال الطيب "إن تبني مفاهيم المواطنة والمساواة والحقوق يستلزم بالضرورة إدانة التصرفات التي تتعارض ومبدأ المواطنة من ممارسات لا تقرها شريعة الإسلام وتتبنى على أساس التمييز بين المسلم وغير المسلم وتترتب عليها ممارسات الازدراء والتهميش والكيل بمكيالين فضلا عن الملاحقة والتهجير والقتل وما إلى ذلك من سلوكيات يرفضها الإسلام وتأباها كل الأديان والأعراف."
ويتعرض المسيحيون في العراق ودول أخرى لهجمات يشنها متشددون إسلاميون وهو ما دفع كثير منهم للنزوح من ديارهم أو الهجرة.
وخلال الأيام القليلة الماضية نزحت عشرات الأسر المسيحية من مدينة العريش كبرى مدن محافظة شمال سيناء بعد مقتل سبعة مسيحيين على يد متشددين إسلاميين موالين لتنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على مناطق في سوريا والعراق وتبايعه جماعات في عدة دول.
وقال الطيب إن المجتمعين في المؤتمر "يعلنون أن الأديان كلها براء من الإرهاب بشتى صوره وهم يدينونه اشد الإدانة ويستنكرونه اشد الاستنكار."
وأكد إعلان الأزهر على أن "حماية المواطنين في حياتهم وحرياتهم وممتلكاتهم وسائر حقوق مواطنتهم وكرامتهم وإنسانيتهم صارت الواجب الأول للدول الوطنية... ولا ينبغي بأي حال من الأحوال مزاحمة الدولة في أداء هذا الواجب."
وطالب الإعلان أيضا بالكف عن اتهام الإسلام بالإرهاب.
وحذر من "أن محاكمة الإسلام بسبب التصرفات الإجرامية لبعض المنتسبين إليه يفتح الباب على مصراعيه لوصف الأديان كلها بصفة الإرهاب مما يبرر لغلاة الحداثيين مقولتهم في ضرورة التخلُّصِ من الأديان بذريعة استقرار المجتمعات."
ودعا إعلان الأزهر المسلمين والمسيحيين إلى إجراء "مزيد من المراجعات من أجل التجديد والتطوير في ثقافتنا وممارسات مؤسساتنا."
وقال الطيب إن "طموح الأزهر ومجلس حكماء المسلمين من وراء هذا المؤتمر هو التأسيس لشراكة متجددة أو عقد مستأنف بين المواطنين العرب كافة.. مسلمين ومسيحيين وغيرهم من ذوي الانتماءات الأُخرى يقوم على التفاهم والاعتراف المتبادل والمواطنة والحرية."
وأضاف أن "ما نذهب إليه في هذا الشأن ليس خِيارا حسنا فقط بل هو ضرورة حياة وتطور لمجتمعاتِنا ودولنا وإنساننا وأجيالِنا."
تعليقات الفيسبوك