ذكرت صحيفة سيدني مورنينج هيرالد الأسترالية أنه في الأسابيع الأخيرة ظهر جمال نجل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في حفل زفاف وجنازة ومباراة كرة قدم، سعيدا وهو يلتقط صورا شخصية "سيلفي" مع معجبين لا يزالون يعشقونه باعتباره شخصية بارزة هُيئ لخلافة والده الديكتاتور الذي حكم مصر لثلاثة عقود.
وأضافت الصحيفة في تقرير بموقعها على الانترنت أن جمال الذي يشار له باسم التدليل "جيمي"، والذي كان يعمل في مجال بنوك الاستثمار صعد داخل صفوف الحزب الحاكم السابق، جنبا إلى جنب مع زمرة من رجال الأعمال المؤثرين قبل اندلاع ثورة يناير 2011 والإطاحة بوالده في الربيع العربي.
وذكر التقرير أنه ما زال يُنظر إلى جمال على نطاق واسع كتجسيد للفساد المتفاقم في مصر، إلى جانب شقيقه علاء الذي ذكر اسمه في "وثائق بنما" لجمعة ثروة من بيع وشراء ديون مصرية من خلال حسابات خارجية.
وأُطلق سراح الأخوين عقب محاكمتهما لاتهامهما باختلاس ملايين الدولارات من أموال الدولة استخدمت في تجديد قصورهما، وكذلك وقائع تلاعب بالبورصة بما قيمته 2.5 مليار جنيه مصري.
وأضاف التقرير أنه مؤخرا، تسبب ظهور الأخوين العلني المتزايد في إثارة شائعات حول إمكانية خوض (أحدهما) الانتخابات الرئاسية في 2018 في مواجهة الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي المدعوم من الجيش.
وبحسب التقرير فقد تساءل خالد عبد النعيم (52 عاما) معلم في مدرسة ثانوية، ويدير كشكا في أحد ضواحي القاهرة، قائلا "ماذا لو ترشح (جمال) للرئاسة؟ أليس من المفترض أن تكون هذه هي الديمقراطية؟"
ويضيف "كنت أحد هذه الأصوات التي تريده أن يصبح رئيسا قبل أن يرفض والده بغباء التنحي إلى أن تم عزله بالقوة". ويضيف "كان بإمكانهم إصلاح البلاد. لقد تربوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب، لم يكونوا ليسرقوا منا أكثر".
وقال التقرير إن الحنين إلى عودة عائلة مبارك يأتي بسبب تبرئة الرئيس الأسبق في وقت سابق هذا الشهر من كل التهم المنسوبة له بقتل المتظاهرين في 2011. ووافقت النيابة العامة أمس على اطلاق سراح مبارك.
ونقل عن محمد نعيم، محلل سياسي وكاتب كان يعيش في أستراليا قبل ثورة 2011، قوله إن "جمال كان صانع قرار محوري وله صوت مهم في العديد من الملفات الرئيسية". ويضيف "كان الحاكم الفعلي منذ 2004 وحتى 2010".
ويتابع "هناك عوامل لها علاقة بالحنين للماضي لدى بعض وسائل الإعلام تجعلها تضخم في مناسبات ظهور جمال العلني الروتيني لكي تبدو أنها تعني شيئا آخر".
وأشار التقرير إلى أنه عقب تبرئة مبارك مؤخرا، تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع مكالمة هاتفية لصحفية متدفقة المشاعر تحاور مبارك، وهو أحدث الأمثلة على فقدان الذاكرة السياسي الذي تشهده البلاد. وسألت الصحفية مرارا الرئيس الأسبق إذا ما كان بإمكانها التحدث إلى أبنائه.
ويقول نعيم "هناك أيضًا بعض النخب ورجال الأعمال في مصر الذين ينظرون لجمال مبارك كشخصية بارزة، بغض النظر عن إمكانية قيامه بدور سياسي أو لا".
وذكر التقرير أن العديد من رجال مبارك المقربين عقدوا صفقات تصالح مع الدولة، لمقايضة الأحكام الصادرة ضدهم باستثمار أموالهم في الاقتصاد.
وأضاف مؤخرا تم تبرئة أحمد نظيف رئيس الوزراء في عهد مبارك، وصفوت الشريف وزير الإعلام، وفاروق حسني وزير الثقافة.
ونقل عن زينب أبو المجد، دكتورة في جامعة أوبرلين الأمريكية، والتي ألفت كتابًا عن الإمبراطورية الاقتصادية للجيش المصري، قولها "لا أعتقد أن النظام العسكري الحالي سيسمح لجمال بالمشاركة في الحياة السياسية مرة أخرى لأنه يعتبر تهديدًا له".
وبحسب التقرير، تقدر الأنشطة الاقتصادية الواسعة للجيش بما يتراوح من 5 إلى 40 بالمئة من إجمالي الناتج القومي. وقال السيسي في ديسمبر الماضي إن نصيب الجيش في الاقتصاد هو حوالي 2 بالمئة على أفضل تقدير، آملا في زيادته.
وتقول د. زينب أبو المجد إن "رجال جمال مبارك المقربين سيستمرون في تهديد النظام العسكري بسبب نفوذهم الاقتصادي وإمكانية إعادة إحياء علاقاتهم بالأشخاص القدامى في أجهزة الأمن".
وتشير إلى أحمد عز، قطب الصلب في مصر، وصديق جمال المقرب، والذي أمرت محكمة بالقبض عليه مرة أخرى قبل أيام بتهم تتعلق بالفساد، باعتباره مثالا على حساسية الجيش لأي منافسة اقتصادية.
ولا يسمح قانونًا لأبناء مبارك بتولي أي مراكز أو مناصب سياسية لمدة ستة أعوام، لذلك فالترشح للرئاسة في 2018 أمر مستحيل.
وقال التقرير إن هذا لم يمنعهم من تحسين صورتهم العامة بعناية، في الوقت الذي يعبر فيه العديد من المصريين عن فقدان صبرهم نتيجة الأوضاع الاقتصادية السيئة.
وأضاف أنه على الرغم من ذلك يقول روبرت سبرينجبورج، أستاذ متقاعد بكلية الدراسات البحرية العليا وخبير في أمور الجيش المصري والذي درس أيضًا في أستراليا لعدة سنوات، إن المفتاح لطموحات جمال مبارك السياسية هو كبار رجال الأعمال الذين دعموا السيسي بإخلاص.
ويضيف "رجال الأعمال سيكونون حذرين من دعم مبارك خوفا من إثارة غضب السيسي والجيش.. لذلك أشك في أن جمال سيلجأ لهم، لأنه ببساطة لا يستطيع منحهم ما يقدمه الجيش لهم".
وأشار التقرير إلى أنه عندما كان هناك نقص في ألبان الأطفال والأدوية والسكر في مصر مؤخرًا، بادر الجيش باستيراد وتصنيع تلك السلع محليا.
ويضيف سبرينجبورج، "إن نقطة الجذب الوحيدة لديه هي أن يكون ناقدًا للجيش والسيسي، ولكن هذا سيبدو نفاقًا".
وبالنسبة لعبد النعيم، صاحب الكشك، فإن رؤيته لجمال مبارك في العلن، لا تؤثر على دعمه للسيسي، الذي يبقى أفضل آماله للوصول للاستقرار السياسي والاقتصادي.
ويقول "الظروف صعبة هذه الأيام"، مشيرا إلى التضخم الذي ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من عشر سنوات، والعمليات المسلحة لتنظيم الدولة الإسلامية في شبه جزيرة سيناء. ويضيف "الرجل (السيسي) وضع قدمه على الطريق الصحيح. هو يحتاج لإنهاء ما بدأه ذلك علينا أن ندعه يقوم بالأمر".
تعليقات الفيسبوك