بالصور- حكم تيران وصنافير.. فرحة تسع كل المصريين

الإثنين 16-01-2017 PM 09:27
بالصور- حكم تيران وصنافير.. فرحة تسع كل المصريين

أطفال أتوا مع والدهم لحضور جلسة الحكم في قضية تيران وصنافير، مجلس الدولة، 16 يناير 2017، تصوير: مروة صابر-أصوات مصرية

كتبت: مروة صابر
تصوير: مروة صابر

"حكمت المحكمة -بإجماع الآراء- برفض الطعن"، جملة أطلقها القاضي أحمد الشاذلي برصانة وهدوء لتنفجر براكين الفرح في مبنى مجلس الدولة وتمتد إلى باقي أنحاء مصر وتشمل مواطنين عاديين فضلا عن النشطاء الذين سعوا لإبطال اتفاقية نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير.

صرخات الفرح رافقتها تكبيرات وامتزجت بها هتافات تؤكد مصرية تيران وصنافير بعدما أصدرت المحكمة الإدارية العليا في القاهرة، اليوم الاثنين، حكما نهائيا ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية والتي تضمنت نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر للمملكة. 

عبور ثان

السفير السابق معصوم مرزوق أحد جنود مصر في حرب أكتوبر 1973 ضد إسرائيل اعتبر حكم اليوم عبورا ثانيا، في إشارة لعبور الجيش المصري قناة السويس ودخوله شبه جزيرة سيناء التي كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي آنذاك.

وقال "ربنا سمحلي وأسعدني بأن أشارك في عبور أول وأنا شاب عندي 20 سنة واستطعنا أن نعيد سيناء من العدو الإسرائيلي، وعبور ثان اليوم وأنا اقترب من 70 سنة".

وفي حكمها اليوم، رفضت الإدارية العليا، وهي أعلى محاكم القضاء الإداري، طعن الحكومة على حكم سابق لمحكمة القضاء الإداري الأدنى، في يونيو الماضي، ببطلان توقيع الاتفاقية.

الجوع

ولم تكن دوافع كل المحتجين لأجل الجزر سياسية.

"خرجتُ من الجوع، لم يعد بإمكاني شراء دجاجة، أشتري أجنحة الدجاج لآكل وأولادي"، لهذا السبب جاءت سيدة في الأربعينيات من عمرها تشارك المتظاهرين خارج المحكمة، الواقعة في مبنى مجلس الدولة، الهتاف بمصرية تيران وصنافير وهتفت ضد غلاء الأسعار تقول: "بدلا من بيع الجزر، يعطونا 100 متر نبني بيت نقعد عيالنا فيه".

ووقع الرئيس عبدالفتاح السيسي، في أبريل الماضي خلال زيارة ملك السعودية سلمان بن عبدالعزيز لمصر، اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، ما أثار ردود فعل معارضة للسيسي والحكومة. ونظم نشطاء وقوى سياسية تظاهرات رافضة لها، وحكم بالسجن على بعض المشاركين في تلك التظاهرات. وأقام عدد من المحامين دعاوى قضائية تطالب ببطلان الاتفاقية.

متظاهر يحمل يرفع لافتة كتب عليها " مصرية" في إشارة إلى جزيرتي تيران وصنافير

لا عزاء للحرم الأمني

صفاء عبدالله موظفة في مركز الشهاب لحقوق الإنسان جاءت من شارع فيصل لحضور الجلسة لكن تمركزات أمنية أوقفتها عند مدخل الدقي تقول "سألني شرطي: إلى أين تذهبين؟، فكذبتُ وأخبرته إني ذاهبة للبنك الأهلي".

وكذبت صفاء ثانية عند مدخل مجلس الدولة، وادعت أنها محامية حتى تتمكن من الحضور"عملت شقلبظات، الناس لما تعوز تعمل حاجة بتعملها والحجج ما بتخلصش".

وكان الكذب سبيل الناشطة الحقوقية عزة سليمان التي على الرغم من كونها محامية لم يسمح لها أمن المحكمة بالدخول إلا بعد أن ادعت ان لديها قضية في الداخل غير قضية تيران وصنافير.

ومنذ الصباح الباكر انتشرت قوات الأمن على طول شارع شارل ديجول أو مراد حيث يقع مجلس الدولة، وتمركزت مجموعات أمنية عند مدخل كل شارع جانبي، وطوق أفراد الأمن المركزي مقر المحكمة تاركين فتحة صغيرة يسدها موظفون يسألون كل داخلٍ: من أنت؟ ولم تريد الدخول؟. حتى الصحفي لابد أن يكون اسمه مكتوبا في "كشف المصرح لهم بالدخول". ولأن اسمي لم يكن بين المسموح لهم بالدخول لجأتُ لمفاوضات دامت ربع ساعة.

وقررت وزارة الداخلية، قبل أيام، تخصيص 800 متر حرما آمنا من جميع الاتجاهات المحيطة بالمحاكم ومؤسسات أخرى، يحظر فيها التظاهر.

ارحل

"عيش حرية، الجزر دي مصرية" هتاف جمع المئات خارج المحكمة، وسمح لهتافات أخرى أن يعلو صوتها بينها "يسقط يسقط حكم العسكر" و"ارحل".

عشرات الشباب وقفوا عند مدخل شارع أمين الرافعي المقابل للمجلس يرددون هتافات تكاد لا تذكرها الشوارع والميادين منذ الاحتجاجات الشعبية التي سبقت عزل الرئيس محمد مرسي.

قال أحدهم بعد محاولات لاقناعه بالحديث مقابل عدم ذكر اسمه إنه أتى ليعبر عن رفضه "التفريط بشبر واحد من أرض هذا البلد...لأنها بلدنا لحد آخر عمرنا".

مستقبل 

وفي جلسة اليوم قال القاضي أحمد الشاذلي في منطوق حكمه "قد وقر واستقر في عقيدة المحكمة أن سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير مقطوع بها".

ويتعارض حكم اليوم مع حكم آخر أصدرته دائرة الاستئناف في محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في نهاية ديسمبر ويقضي بسلامة توقيع الاتفاقية. ويقول المحامون الذي يختصمون الحكومة في القضية وخبراء قانونيون إن هذه المحكمة غير مختصة.

ويقول محامو الحكومة إن الاتفاقية من أعمال السيادة ولا تقع تحت سلطة القضاء ودفعوا بعدم اختصاص القضاء الإداري في نظر الاتفاقية.

لكن القاضي الشاذلي قال في جلسة اليوم إن المحكمة خلصت إلى أن نظر الدعوى "عمل يدرج تحت مفهوم المنازعة الإدارية. ومن ثم رفضت الدفع بعدم اختصاصها".

وقال المحامي خالد علي إن "هذه هي المحكمة المختصة الوحيدة وأعلى محكمة مختصة بالقرارات الإدارية والقرار نهائي لا رجعة فيه". وأضاف أن "اللجوء للمحكمة الدستورية العليا لن يلغي حكم القضاء الإداري واللجوء لمجلس النواب باطل".

ولم يصدر على الفور أي تعليق من الحكومة على قرار المحكمة اليوم.

وأقرت الحكومة الاتفاقية يوم 29 ديسمبر وأحالتها إلى مجلس النواب لمناقشتها واتخاذ قرار بشأنها.

وساد ارتباك في البرلمان عقب حكم اليوم ببطلان الاتفاقية، لكن النائب هيثم الحريري قال في لقاء مع قناة النيل الحكومية: "بعد حكم اليوم الاتفاقية في حكم المنعدمة".

وتدافع الحكومة عن الاتفاقية وتقول إن الجزيرتين الواقعتين عند مدخل خليج العقبة كانتا تخضعان فقط للحماية المصرية منذ عام 1950 بناء على طلب من الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية.

وذكر القاضي أن المحكمة ردت في حكمها الصادر في 59 صفحة "على ما أثير بشأن احتلال مصر للجزيرتين".

وقال "إن جيش مصر لم يكن أبدا قديما أو حديثا جيش احتلال وما أخرجته مصر خارج حدودها إلا دفاعا عن أمنها وأمن أمتها العربية".

وتقول الحكومة المصرية إن توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية إنجاز هام من شأنه أن يمكن الدولتين من الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما في خليج العقبة.

وأقر مجلس الشورى السعودي الاتفاقية بالإجماع يوم 25 أبريل الماضي.

وقال مراقبون إن الدعوات القضائية والاحتجاجات التي أثيرت في مصر بعد توقيع الاتفاقية أثارت توترا بين مصر والسعودية.

وأبلغت المملكة مصر في نوفمبر بوقف شحنات منتجات بترولية كانت متوقعة في إطار اتفاقية مساعدات بقيمة 23 مليار دولار.

وجاء ذلك بعد تصويت مصر لصالح مشروع قرار تدعمه روسيا في مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا في أكتوبر، استثنى دعوات تطالب بوقف قصف حلب وهو ما عارضته السعودية بشدة.

لكن وزير الخارجية المصري سامح شكري أشاد الشهر الماضي "بالعلاقات المميزة" مع السعودية ونفى تقارير عن وجود خلاف بين البلدين.

التصميم والتطوير بواسطة WhaleSys