رغم اقترابه من الدخول في المرحلة الأخيرة لإقراره بعد عقود من التجميد والتجاهل، لا يزال قانون بناء وترميم الكنائس مثيرا للجدل والانتقادات بين الأطراف المختلفة.
وقالت الحكومة، الأسبوع الماضي، إن الكنائس المصرية الثلاث وافقت على المسودة النهائية لمشروع قانون بناء وترميم الكنائس، لكن نشطاء أقباط أكدوا أن مشروع القانون لن يحقق الهدف منه في تيسير عملية بناء الكنائس.
وينتظر مجلس النواب مشروع قانون بناء وترميم الكنائس بعد أن ينهي رحلته بين أروقة مجلسي الوزراء والدولة لمناقشته، وذلك تمهيدا لإقراره بشكل نهائي وفقا لمقتضيات الدستور المصري الذي نص على إقراره خلال دور الانعقاد الأول للبرلمان.
وتتركز الانتقادات لمشروع القانون الجديد في إبقاء بناء الكنائس في يد السلطة التنفيذية الممثلة في المحافظ، الذي ينص مشروع القانون في مادته الثالثة بسلطته المطلقة في منح تراخيص بناء وترميم الكنائس.
* لدواع أمنية
ودشنت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حملة باسم "مغلق لدواع أمنية"، قالت إن هدفها التعريف بأنماط المشاكل المرتبطة ببناء الكنائس وترميمها، ودور الجهات الإدارية والأمنية في التعامل معها. وقالت الحملة إن هناك العديد من الكنائس حصلت على أحكام قضائية وقرارات إدارية بالهدم وإعادة البناء، لكن الجهات الأمنية تمنع الأقباط من التنفيذ "لدواع أمنية".
وتحدد المادة الخامسة من مشروع قانون بناء وترميم الكنائس، أربعة أشهر بحد أقصى لفحص طلبات ترميم أو بناء الكنائس، كما تنص المادة على أن "رفض الطلب يجب أن يكون بقرار مسبب".
واعتبر مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إسحق إبراهيم، أن اعتماد مشروع القانون على فصل بناء الكنائس عن باقي دور العبادة هو "ترسيخ لدور الدولة التمييزي بين المواطنين".
* صياغة فضفاضة
وقال إسحق إبراهيم، في مقابلة مع أصوات مصرية، إن صياغة القانون فضفاضة وغير محددة، مستشهدا بنص القانون في مادته الخامسة على أن "المحافظ يقوم بالبت في القرار بعد التنسيق مع الجهات المعنية" دون تحديد تلك الجهات.
وأضاف أن "عدم تحديد الجهات المسؤولة عن الموافقة على طلبات البناء أو الترميم يعرقل التنفيذ ويسمح بتدخل جهات إدارية غير معروفة"، مؤكدا أن مشروع القانون الجديد لم يحدد أيضا الإجراءات الواجب اتباعها بعد انقضاء مدة الأربعة أشهر دون موافقة المحافظ.
وتابع إبراهيم أن مشروع القانون لم يحدد آليات التعامل مع الكنائس التي أغلقتها الأجهزة الأمنية دون أسباب، وذلك رغم تواجدها في مناطق ذات كثافة سكانية عالية من المسيحيين.
* إهدار للاستقلالية الدينية
وعرضت حملة "مغلق لدواع أمنية" مقطعا مصورا مدته خمس دقائق لكنائس أرثوذكسية وكاثوليكية حصلت على أحكام قضائية بإعادة البناء، لكن الأجهزة الأمنية لم تنفذها دون ذكر أسباب، وتقع هذه الكنائس في محافظة قنا.
وعن شروط بناء الكنائس التي حددها مشروع القانون الجديد، قال إسحق إبراهيم إن تلك الشروط "تهدم مبدأ استقلالية المؤسسة الدينية"، لا سيما وأنها تحدد مساحة الكنيسة ووجود هيكل ومنارة ومذبح وغيرها من الأمور التي تخص الكنيسة وحدها.
ودلل إبراهيم على ذلك بعدم قدرة بعض الكنائس في القرى الفقيرة على استيفاء الشروط المحددة في مشروع القانون، كما عاب على نص القانون فيما يتعلق بتحديد مساحة الكنيسة بناء على عدد السكان من المسيحيين، مؤكدا أن هذا الشرط لم يراع اختلاف الطوائف.
* "طائفة" 7 مرات
ومن جانبه انتقد الكاتب والباحث في الشأن القبطي، سليمان شفيق، ذكر كلمة "الطائفة" في مشروع قانون بناء وترميم الكنائس 7 مرات، مؤكدا تعارض ذلك مع الدستور المصري الذي يحترم المواطنة ويتعامل مع المصريين كمواطنين وليسوا كطوائف.
وأوضح شفيق، في تصريح لأصوات مصرية، أن مشروع القانون الجديد يحيل معظم الإجراءات لقانون البناء المصري رقم 119 لسنة 2008 وخط تنظيم الشوارع، رغم أن 70% من القرى والأحياء الشعبية في مصر عشوائية ولا علاقة لها بالقانون.
وتابع شفيق أن "قانون بناء وترميم الكنائس يتعامل مع المسيحيين كونهم أهل ذمة وسكان مدن كبرى فقط.. في حين أن الواقع غير ذلك تماما".
وعاب سليمان شفيق على موقف الكنائس الثلاث التي وافقت على مشروع القانون بشكله الحالي، مؤكدا أنهم أصحاب مصلحة في اعتبار أن المسيحيين أهل ذمة لاستمرار إحكام سيطرتها على رعاياها، على حد تعبيره.
ولم يتسن لأصوات مصرية الحصول على تعقيب من الكنيستين الكاثوليكية والإنجيلية، فيما رفض المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية التعقيب على مشروع القانون.
وكان البابا تواضروس الثاني قال -في وقت سابق- إن مشروع قانون بناء وترميم الكنائس لا يوجد تحفظات لدى الكنيسة عليه، وإنه في مرحلة المناقشة داخل مجلس الوزراء تمهيدا لرفعه إلى مجلس النواب وإقراره.
تعليقات الفيسبوك