بوفد مكون من ثلاثة أساقفة جددت الكنيسة الأرثوذكسية في مصر اثبات أحقيتها في دير السلطان بالقدس، والذي تتنازع على ملكيته مع الكنيسة الإثيوبية منذ عقود، لتكتب سطرا جديدا في ملف ملغم بالتعقيدات.
وأرسلت الكنيسة الأرثوذكسية، يوم الاثنين، وفدا من الأساقفة رافائيل وبيمن ويوسف لترميم الدير الذي أهداه السلطان صلاح الدين الأيوبي للأقباط تقديرا لدورهم في النضال ضد جيوش الدول الأوروبية المسماة وقتئذ بـ"الصليبيين".
و"السلطان" دير مجاور لكنيسة القيامة في القدس، امتلكه الأقباط الأرثوذكس منذ قرون حتى طردت القوات الإسرائيلية الرهبان المصريين منه في عام 1967 وسلَّمته للإثيوبيين، ما جعل الدير موضع نزاع طويل بين الأقباط والإثيوبيين.
وكانت المحكمة الإسرائيلية العليا أصدرت حكما بأحقية امتلاك الكنيسة الأرثوذكسية لدير السلطان وأمرت بإرجاعه وغرمت وزير الشرطة وأسقف الأحباش، لكن السلطات الإسرائيلية لم تنفذ قرار القضاء الإسرائيلي.
وظل النزاع على الدير أحد الأسباب القابعة وراء قرار البطريرك الراحل البابا شنودة الثالث في عام 1980 بمنع زيارة الأقباط للقدس لحين استعادة الكنيسة رسميا لدير السلطان.
ويقول المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية، الأب بولس حليم، إن الكنيسة الأثيوبية دعت نظيرتها الأرثوذكسية لحضور إجراءات ترميم دير السلطان في القدس، وإن زيارة الأساقفة الأقباط ستستغرق 4 أيام وستقتصر على هذا الغرض.
ويضيف حليم، في مقابلة مع "أصوات مصرية"، أن الدير لا يوجد به رهبان أقباط وإنما يقتصر التواجد فيه على رجال الدين التابعين للكنيسة الأثيوبية، مؤكدا أن الوضع الحالي للدير أن "مصر تمتلكه قانونا وإثيوبيا تمتلكه فعليا".
وتابع أن "التواصل الجيد بين الكنيستين الأرثوذكسية والإثيوبية ووجود منسق للعلاقات بينهما هو الذي دفع الكنيسة الإثيوبية لدعوة نظيرتها الأرثوذكسية لحضور إجراءات ترميم الدير وعدم الانفراد بالقرار".
ويوضح الأب بولس حليم أن الكنيسة الأرثوذكسية لن تتنازل عن أحقيتها في امتلاك دير السلطان، مؤكدا أن ملف ملكية الدير لا يزال موضع مفاوضات بين الجانبين المصري والإسرائيلي على الصعيد الرسمي، والكنيستين الأرثوذكسية والإثيوبية على الصعيد الديني.
وعُرف الدير باسم "السلطان" نسبة للسلطان صلاح الدين الأيوبي الذي أهداه للأقباط الأرثوذكس. وتفوق القيمة التاريخية والأثرية للدير مساحته التي تعد صغيرة بالمقارنة لمساحات الأديرة في مصر.
ويصف المفكر والباحث في الشأن القبطي، كمال زاخر، زيارة الوفد الكنسي لدير السلطان في القدس بـ"الخلطة السياسية والدينية التي تتداخل معها الحقوق التاريخية".
ويقول زاخر، في تصريح لأصوات مصرية، إن أزمة الدير لا تبعد كثيرا عن ملف المياه العالق بين مصر وإثيوبيا والذي تحاول إسرائيل توظيفه لصالحها.
ويتوقع زاخر أن تَحدث انفراجة في أزمة ملكية الكنيسة القبطية لدير السلطان، لا سيما في ظل رغبة إسرائيل في تقديم ترضيات لمصر في الوقت الحالي.
والكنيسة الأثيوبية من الكنائس الأرثوذكسية المشرقية، لكنها انفصلت عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في عام 1959.
وتعد الزيارة للقدس هي الرابعة للكنيسة الأرثوذكسية خلال أقل من عامين، بعد أن زارها البابا تواضروس لحضور جنازة مطرانها الراحل الأنبا إبراهام، في نوفمبر 2015، ثم إيفاد الأنبا رافائيل لحضور ذكرى الأربعين للمطران الراحل، وعقب ذلك إيفاد فريق من المطارنة لتجليس الأنبا أنطونيوس مطران القدس، في مارس الماضي.
تعليقات الفيسبوك