لم تكن كل من أرزاق ومها ونجاة تتخيل أن تصدُق الحكومة في وعدها لهن وتسلم لأسرهن معاشا شهريا، بعد ثلاثة أشهر فقط من تقدمهن للحصول على الدعم النقدي المشروط، ضمن برنامجي "تكافل" و"كرامة".
فبينما كان رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، يحتفل بمرور عام واحد على توليه الحكم في يونيو 2015، كانت السيدات الثلاثة، أرزاق ومها ونجاة، الذين التقتهن أصوات مصرية في وقت سابق، يحصلن على معاشهن الأول من تكافل وكرامة.
وبعد مرور عامين على توليه المنصب، وصل عدد المستحقين لتلك المعاشات إلى نحو 506 ألف أسرة (2.02 مليون شخص) في 10 محافظات، وفقا لإحصائيات وزارة التضامن الاجتماعي.
ويقدم برنامج "تكافل" دعما نقديا للأسرة التي تعاني من الفقر الشديد، وتحتاج إلى دعم نقدي وخدمي، على أن يكون لديها أطفال من عمر يوم إلى 18 سنة.
ويبلغ مبلغ الدعم 325 جنيها في الشهر، بالإضافة إلى 60 جنيها لطفل المرحلة الابتدائية، و80 جنيها لطالب المرحلة الإعدادية و100 جنيه للمرحلة الثانوية ويصرف بشكل تراكمى كل 3 أشهر عن طريق الأم، شرط استمرار الأبناء فى المدرسة وتلقيهم خدمات صحية.
بينما يمنح برنامج "كرامة" مساعدات نقدية شهرية، بمبلغ 350 جنيها، لكبار السن، فوق 65 عاما، ولمن لديهم عجز كلي أو إعاقة، ولا يستطيعون العمل، أو ليس لديهم دخل ثابت.
وكان السيسي تعهد في لقاءات تلفزيونية خلال الحملة الدعائية التي سبقت ترشحه للرئاسة، بأن "الدعم سيذهب لمستحقيه".
كما أكد في حفل تنصيبه رئيسا للجمهورية في يونيو 2014، أنه خلال فترة حكمه "هيبقى في محافظة على حقوق الفقراء ومحدودي الدخل..أومال هنعمل إيه يعني"، على حد قوله.
وفي خطابه أمام البرلمان في فبراير الماضي قال السيسي إن "مشروع تكافل وكرامة انطلق ليكون مظلة حماية اجتماعية لأبناء الأسر الفقيرة، ولكبار السن، وذوى الاحتياجـــات الخاصـــة".
وبدأت وزارة التضامن الاجتماعي في تطبيق نظام الدعم النقدي المشروط في يونيو الماضي، ضمن برنامج اجتماعي تتبناه الحكومة للتخفيف عن الطبقات الفقيرة التي ستتأثر بخفض الدعم على الطاقة، بحسب ما أعلنته الوزارة.
وبعد مرور عام على تطبيق هذا النظام تقول أرزاق عويس، إحدى المستفيدات من معاش تكافل، عن تأثير حصول أسرتها عليه، "بقينا بنطبخ يومين في الأسبوع".
وبعد مرور عام على تكافل وكرامة، تقول أرزاق إحدى المستفيدات "بقينا بنطبخ يومين في الأسبوع"
في حين أصبحت أسرة مها عبد المحي، التي تحصل على معاش تكافل، تعد الأيام "علشان نقبض ونسد اللي علينا من المعاش".
أما أولاد محاسن عبد السميع، فعادوا لمواصلة دراستهم بعدما كانت تنوي إخراجهم من المدرسة "علشان مش قادرين على مصاريف التعليم".
وخصصت الحكومة نحو 4.1 مليار جنيه لتمويل برنامجي الدعم النقدي "تكافل" و"كرامة" في الموازنة الجديدة، وتتوقع أن يرتفع عدد المستفيدين منهما في نهاية العام المالي المقبل 2016/2017 إلى نحو مليون أسرة.
وتستهدف الحكومة تقديم الدعم إلى أفقر 20% من المصريين من خلال تكافل وكرامة على مدار ثلاث سنوات، وفقا لوزيرة التضامن الاجتماعي، غادة والي.
وتقول هانيا شلقامي، الأستاذة بمركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الأمريكية، عن تطبيق الدعم النقدي المشروط، إن البرنامجين من الناحية التنفيذية حققا المرجو منهما، وإن المستحقين وحدهم يستطيعون أن يحكموا هل استفادوا منه أم لا.
وتضيف الأستاذة التي أجرت كثيرا من الأبحاث في هذا المجال، فضلا عن احتكاكها الميداني به، "كان لابد من التحول للدعم النقدي تدريجيا لأن الدعم العيني (عن طريق تقديم سلع مدعمة وغيرها) تكلفته التنفيذية عالية جدا، بينما لا يتطلب ذلك الدعم النقدي".
وتضيف لأصوات مصرية أن الدعم النقدي تسهل مراقبته من خلال قاعدة البيانات الدقيقة التي تكون لدى الحكومة عن المستحقين، كما أنه يتيح درجة أعلى من المرونة في تلبية الاحتياجات، "مهما كانت الناس تتشابه في فقرها، إلا أن احتياجاتهم تختلف، لذلك فالدعم النقدي يكون جيدا في هذه الحالات".
"بعض الفقراء لديه ديون يريد تسديدها، وآخرين يريدون أن ينفقوا على أطفالهم في المدارس أو يطعمونهم، وكلها احتياجات يستطيع الدعم النقدي لو صرف بطريقة واضحة وشفافة أن يحققها" كما توضح هانيا شلقامي.
صممت هانيا الصورة الأولية لبرنامجي الدعم النقدي المشروط بالاتفاق مع وزارة التضمان الاجتماعي، في سبتمبر 2014، قبل أن تبدأ الوزارة في تنفيذه ابتداءً من يناير 2015.
"التحدي الحقيقي الذي يواجه الحكومة الآن، وهو كيفية استخدام الدعم النقدي لتحقيق أهداف تنموية"، كما تقول هانيا.
هانيا شلقامي: التحدي الحقيقي الذي يواجه الحكومة الآن، وهو كيفية استخدام الدعم النقدي لتحقيق أهداف تنموية.
وتقول هبة الليثي، الاستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إنه من المفترض أن يكون برنامج "تكافل" و"كرامة" جزءاً من استراتيجية عامة تتبناها الدولة لتخفيض نسبة الفقر.
وأضافت لأصوات مصرية "المساعدات النقدية وقتية، ويجب أن يكون هناك خطة شاملة لرفع مستوى المعيشة للفقراء، من خلال خلق فرص عمل لهم وتحسين الصحة والتعليم".
"لا يمكن للدولة أن تدفع مساعدات نقدية للفقراء طوال الوقت، دون أن تحاول تحسين معيشتهم ورفع مستواها"، كما تقول هبة الليثي.
تعليقات الفيسبوك