كشف شلومو جازيت، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن حسن الثاني، ملك المغرب السابق، سجل بصورة سرية مناقشات الحكام العرب عن صراع محتمل ضد إسرائيل، خلال قمة عام 1965، وسلم التسجيلات لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد".
وقال جازيت إن هذه التسجيلات ساعدت الجيش الإسرائيلي بشكل كبير على التحضير لحرب 1967 والتي يطلق عليها "حرب الأيام الستة".
واجتمع حكام الدول العربية، في ذلك الوقت، مع قادتهم العسكريين ورؤساء أجهزة الاستخبارات في فندق فخم في مدينة الدار البيضاء بالمغرب في سبتمبر 1965 لمناقشة سؤال رئيسي وهو "هل العرب مستعدون لخوض حرب ضد إسرائيل؟".
وفي سرية تامة وتحت إجراءات أمنية مشددة، بحث القادة العرب ما إذا كان عليهم تأسيس قيادة عربية مشتركة لمثل هذه الحرب المحتملة.
وقدم القادة العسكريون معلومات وفيرة عن نظام المعركة وتحدثوا بصراحة وشفافية عن الإمكانيات العسكرية المتاحة تحت قيادتهم.
وأضافت الصحيفة أنه إلى جانب اتفاق زعماء العرب على ضرورة الاستعداد للحرب القادمة مع إسرائيل وعواقبها الخطيرة على العالم العربي، كانت هناك كذلك خلافات عديدة بين المشاركين في القمة.
ودخل جمال عبد الناصر، رئيس مصر الأسبق، والملك حسين، ملك الأردن السابق، في جدال حاد حول رؤاهم المختلفة.
وذكرت الصحيفة أن الملك حسن الثاني لم يثق في الحضور (القادة العرب) وسمح للموساد أن يراقب المؤتمر عن قرب.
ووصل الدار البيضاء فريق مشترك بقيادة بيتر زفي مالكين ورافي إيتان، يتكون من شين بيت، (جهاز الأمن العام الإسرائيلي)، وجهاز الموساد الإسرائيلي، حيث خصص المغرب طابقا كاملا لهم بنفس الفندق الذي اجتمع فيه القادة العرب.
إلا أنه قبل يوم من انعقاد المؤتمر، أمر الملك حسن عملاء الموساد بمغادرة الفندق خوفا من ملاحظة الضيوف العرب لهم.
وروى رافي إيتان قائلا "ولكن على الفور بعد انتهاء المؤتمر، (المغربيون) أعطونا كل المعلومات اللازمة ولم يحرمونا من أي شيء".
وسُلمت كل تسجيلات مناقشات المؤتمر -التي سجلت بدون علم المشاركين- إلى مركز البحوث بشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية حيث تم فك شفرتها ونسخت وترجمت إلى اللغة العبرية.
ووفرت التسجيلات لإسرائيل رؤية غير مسبوقة لما خلف الكواليس ولعقلية قيادة عدوها.
وفي مذكرة أرسلت إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها، ليفي أشكول، وصف مير آميت، رئيس الموساد آنذاك، هذه العملية بأنها "واحدة من الأمجاد المتوجة للمخابرات الإسرائيلية".
وجهزت إسرائيل لـ"حرب الأيام الستة" مستندة على الكم الهائل من المعلومات ذات القيمة العسكرية التي استمدتها من تلك التسجيلات، وأصبح لدى قادة الجيش الإسرائيلي ثقة أن بإمكانهم الانتصار في الحرب.
وقال شلومو جازيت، رئيس مركز البحوث بشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وقتها، إن "هذه التسجيلات التي كانت حقا انجازا استثنائيا للمخابرات، كشفت لنا من ناحية عن اتجاه الدول العربية لصراع مع إسرائيل يجب علينا الاستعداد له. ومن ناحية أخرى، لم يعكس التشتت في حديثهم عن الوحدة العربية وتأسيس جبهة موحدة ضد إسرائيل إجماعاً حقيقياً بينهم".
وتابع جازيت قائلا إنه بفضل هذه التسجيلات، إلى جانب مصادر أخرى، "عرفنا مدى عدم استعدادهم (العرب) للحرب.. وتوصلنا إلى استنتاج بأن سلاح المدرعات المصري في حالة يرثى لها وغير مستعد للمعركة".
وأكد جازيت أن المعلومات الموجودة في التسجيلات ولدت إحساسا لدى كبار قادة الجيش الإسرائيلي أنهم سينتصرون في الحرب ضد مصر. وعلى الرغم من النبوءات السائدة بين غالبية الإسرائيليين والمسئولين خارج الجيش بالهزيمة الوشيكة والهلاك، إلا أن الجيش الإسرائيلي كان واثقا من قوته.
واندلعت حرب 1967 في الساعة 7.45 صباح يوم 5 يونيو حيث ضربت القوات الجوية الإسرائيلية المجالات الجوية لخصومها العرب، وخلال ساعات دُمرت تقريبا كل طائرة مقاتلة امتلكتها مصر وسوريا والأردن.
ومع انتهاء الحرب بعد ستة أيام، كانت إسرائيل تحتل سيناء والضفة الغربية وقطاع غزة.
تعليقات الفيسبوك