أصبح الإعلام الرياضي نفسه في قفص الاتهام بسبب اسلوب تعامله مع واقعة تهجَّم الإعلامي أحمد شوبير على المعلق الرياضي أحمد الطيب واشتباكهما بالايدي في برنامج على الهواء.
واقعة شوبير والطيب أثناء حلقة من برنامج العاشرة مساء فسرها البعض بأنها محاولات من الطرفين لاستقطاب جمهور أوسع وتحقيق شعبية أكبر على حساب المهنية والروح الرياضية في وقت تعاني فيه مصر من استقطاب تنفخ فيه وقائع في مجالات عدة كان أحدثها حرق منازل مسيحيين وتجريد عجوز مسيحية من ملابسها وتجريسها في شوارع قريتها في محافظة المنيا.
وخلع شوبير والطيب القفازات في مواجهتهما بعد تصريحات الطيب في حلقة العاشرة مساء والتي دفعت شوبير لاعب الأهلي السابق إلى القدوم إلى الاستديو اثناء الحلقة للرد.
مشاجرة العاشرة مساء بررها شوبير بأنها دفاع عن الشرف والكرامة في اعتذار أذاعه لجمهوره عبر برنامجه "مع شوبير"، مؤكدا أنه لزاما عليه أن يعتذر عن هذا الانفعال، لكنه لن يقبل أي تلميح عن أسرته بعدما قال الطيب إن شوبير طلب منه التوسط لتشغيل ابنته في قطر.
هجوم الطيب
لكن الخلاف كان يختمر فيما يبدو منذ شهور. ففي مارس الماضي، واجه أحمد الطيب هجوما أهلاويا من جماهير متصدر الدوري العام؛ اعتراضا منهم على ما وصفوه بـ"تحيز الطيب لصالح نادي الزمالك"، مؤكدين أن الطيب يتحدث عن ظلم الحكام للزمالك، وعدم حصوله على حقوقه، ويتغافل عما ما يتعرض له الأهلي.
وزاد من حدة الهجوم، انتقاد الطيب لمدافعي النادي الأهلي أحمد حجازي ورامي ربيعة، واصفا اللاعبين بالبطء، خلال لقاء تليفزيوني في مارس، وهو ما عرَّضه لهجوم حاد، رد عليه الطيب على صفحته الشخصية عبر فيسبوك، مؤكدا أنه سبق وانتقد اللاعبين قبل ذلك، لكن هذا الهجوم حدث فقط لأنه –أي الطيب- أصبح معلقا في التليفزيون المصري.
غضب شوبير
وبدأت أحدث أزمة بعدما تحدث الطيب عن مشجعي الأهلي والزمالك أكبر ناديين في مصر من الفنانين خلال تعليقه بقناة النيل للرياضة على مباراة الزمالك وإنبي في الدوري الممتاز الأسبوع الماضي.
وذكر الطيب قبل اسماء الفنانين مشجعي الزمالك القابا تمجد كلا منهم وحين انتقل لمشجعي الأهلي ذكر أربعة أسماء بينهم ثلاثة مطربين شعبيين. وأثار هذا التصنيف فيما يبدو غضب الإعلامي أحمد شوبير مقدم الأستوديو التحليلي عبر نفس القناة.
وقال الطيب خلال تعليقه "مع الزمالك هاني شاكر أمير الغناء العربي، والكينج محمد منير والهضبة عمرو دياب، ومع الأهلي بقى فيه شعبان عبد الرحيم عبد الباسط حمودة، سعد الصغير، أسماء أيضا لها شعبية ومكانة،.. وايهاب توفيق".
واستنكر شوبير ما اعتبره تصنيفا لنوعية المشجعين قائلا "إذا كنا سنزرع تعصب من خلال التعليق فلن أكون مشاركا في هذه الأحداث".
وفتحت كلمات الطيب ورد شوبير جدلا أوسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أسس مؤيدون للطيب وسم (هاشتاج) #ادعم_أحمد_الطيب، وآخر يحمل عنوان "#شوبير_بلطجي_وحرامي" وأطلقوا حملة على فيسبوك وتويتر لمقاطعة رعاة برنامج شوبير على قناة صدى البلد، فيما تعاطف البعض مع شوبير، مستندين إلى أن ما قاله الطيب يبدو تقليلا من حجم النادي الأهلي.
وتصدرت هاشتاجات خاصة بمؤيدي ومعارضي الطيب وشوبير قائمة الأكثر تداولا الأيام الماضية.
تغطية اعلامية أم تصفية حسابات؟
ولم يخل تعامل برامج التوك شو الرياضية مع الواقعة من الغمز واللمز وأثار علامات استفهام عن مدى حياد الاعلام الرياضي.
وتحدث الطيب عبر الهاتف مع برنامج بالورقة والقلم الذي يقدمه إسلام صادق، الذي أقسم أكثر من مرة أنه لا يعرف من هو مقدم الاستديو التحليلي في قناة النيل، رافضا ذكر اسم شوبير في حين اشاد بالطيب كثيرا. وأكد أنه فقط يشاهد المباراة بتعليق الطيب ولا يستمع للاستديو التحليلي. وأصر على عدم معرفته بمقدم البرنامج حتى مع ذكر الطيب لشوبير. ولم يشر صادق إلى محاولة للحصول على رد من شوبير.
وتحدث الطيب أيضا من خلال برنامج الكرة في دريم الذي يقدمه لاعب الزمالك السابق خالد الغندور. ولم يختلف الحديث كثيرا عن برنامج صادق.
وشهد الإعلام الرياضي حالة تراشق بين شوبير وخالد الغندور امتدت بينهما لشهور.
آراء النقاد
واستنكر نقاد رياضيون عبر صفحاتهم على موقع فيسبوك، ما وصفوه بنشر الفتن وزيادة الاحتقان بين الجماهير.
وقال إبراهيم المنيسي رئيس تحرير مجلة النادي الأهلي عبر صفحته: "النادي الأهلي، الذي قالت عنه كوكب الشرق أم كلثوم بعد أن منحها الملك فاروق وسام الكمال في حفل أغنية ليلة العيد بالأهلى إن فرحتها بالكمال لم تكن لتكتمل لولا وجودها في النادي الأهلي، ليس هو النادي الذي تقاس قيمته بمن ينتمي إليه أو يحبه وإنما هو من تقاس قيمة أبنائه ومحبيه بقدر حبهم له وغيرتهم عليه، الأهلي قلعة الوطنية نادي الشعب".
ونشرت صفحة نادي الزمالك الرسمية على فيسبوك صورة للأديب الراحل نجيب محفوظ صاحب نوبل قائلة إنه كان أحد مشجعي الزمالك.
ونشر مؤيدون للطيب فيديوهات لأغاني عن النادي الأهلي لعبد الباسط حمودة وسعد الصغير، فيما رد مشجعون للأهلي أن النادي هو نادي الشعب وطبيعي أن يكون للنادي مشجعون من كافة الاتجاهات.
ونظم مؤيدون للطيب مسيرة لدعمه في مسقط رأسه بالسويس، هاجموا فيها أحمد شوبير ورفعوا لافتات تؤيد المعلق الرياضي.
السياسة تدخل على الخط
وأثناء حلقة العاشرة مساء، أضاف شوبير بعدا سياسيا للخلاف قائلا إن الطيب ينفذ مخططا إخوانيا داخل مصر يغذيه وفقا لأجندة إخوانية قطرية. وقال "في كل مباراة لا بد أن يأتي بكلمة قطر، وكأن الدوري القطري هو مثل الدوري الأسباني أو الألماني".
وأضاف: "كان يعلق على قناة "ten"، وظل يؤكد على كلمة انقلاب، عمرنا ما سمعنا كلمة انقلاب ولا قولناها في الكرة، كررها أكثر من مرة في المباراة، ثم رحل بقرار من القناة".
وتدخل الاعلامي وائل الابراشي مقدم برنامج العاشرة مساء ليشير إلى أن معنى كلام شوبير أن كلمة "انقلاب" مقصود بها اسقاط على عزل الجيش للرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين والذي كان مدعوما من قطر.
وأكد شوبير أن كل كلام الطيب وإيحاءاته "تعصب"، وأن معه "مخطط من قطر لتنفيذه في مصر"، مضيفا: "اسألوا أمير قطر عامله عقد عامل إزاي".
وقطعت القناة التلفزيونية بث الحلقة بعدما اندفع شوبير للاشتباك بالايدي مع الطيب.
رد ماسبيرو
وفي أول رد فعل تطورات الخلاف، أصدرت صفاء حجازي رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون قرارا بوقف التعامل مع أحمد شوبير، ومنع استضافة أحمد الطيب.
وكان شوبير بالإضافة إلى الأستوديو التحليلي فقرة يومية صباحية في الإذاعة، فيما يتبع الطيب قناة الدوري والكأس القطرية.
الأهلي والزمالك يردان
ومثلما اثارت الأزمة رد فعل قويا في الشارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، كانت لإدارتي الأهلي والزمالك ردود متباينة
ورفض مرتضى منصور الدفاع عن أحمد الطيب بعد الاشتباك بينه وبين شوبير، وعلل ذلك بأنه "كي لا تتحول الأمور إلى أهلي وزمالك، وإلى تصفية حسابات بين مرتضى منصور وأحمد شوبير".
وقال منصور إن "هناك رموزا لنادي الزمالك مثل نجيب محفوظ ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وللأهلي مثل سعد زغلول وفؤاد سراج الدين، كما أن المطرب محمد حماقي محسوب على النادي الأهلي وهو مثل عمرو دياب لنادي الزمالك".
وتساءل مرتضى منصور عن الجريمة التي ارتكبها أحمد الطيب كي يضرب، وأضاف: "الطيب ضرب لأنه يدافع عن الزمالك، ولم يتعرض لسمعة زوجتك ولم يقل لفظا بذيئا".
ووجه منصور حديثه لشوبير: "ماذا استفدت يا شوبير، كي تقول إن الأهلي هزم الزمالك؟ أنت أسأت للنادي الأهلي، النادي الأهلي عمره ما كان بلطجة".
وفي النادي الأهلي كان رد محمد عبد الوهاب عضو مجلس الإدارة قائلا عن الطيب "أنا معرفوش، المعلقين عندي محمد لطيف وعلي زيوار ومحمود بكر، وأنا معرفش حد من الناس الجديدة دي خالص".
ووجه حديثه للطيب: "كونك زملكاوي هذا لا يعيبك لكن متجيبش سيرة الأهلي على لسانك".
ومع تصاعد حدة اللغة والخلاف لم يكن غريبا أن تثور التساؤلات عن دور الاعلام الرياضي في زيادة حدة الاحتقان والاستقطاب بين الجماهير.
تعليقات الفيسبوك