صندوق ملون ذو قاعدة إسفنجية سميكة، يضم مستلزمات الطفل الرضيع من ملابس وحفاضات ومنتجات رعاية، ويصلح أيضا كسرير، يكون بانتظار كل مولود فنلندي، فالحكومة تقدم صندوق "تشايلد بوكس" أو "بيبي بوكس" لكل أسرة تنتظر مولودا.
والصندوق يتم "توفيره لكل مولود فنلندي، سواء كانت الأسرة فقيرة أو غنية.. كل المواطنين لهم الحق في هذا الصندوق"، كما قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية والصحة، هانا مانتيلا، لمجموعة من الصحفيين من منطقة الشرق الأوسط خلال زيارة إلى هلسنكي نظمتها وزارة الخارجية الفنلندية لإطلاعهم على نظامي الصحة والتعليم هناك، وشاركت فيها أصوات مصرية.
أما الأجانب المقيمون في فنلندا فليس لهم حق الحصول على هذا الصندوق، كما توضح الوزيرة.
و"تشايلد بوكس"، الذي يُستخدم أيضاً كسرير للمولود خلال الشهور الأولى، يأتي ضمن حزمة من الخدمات تقدمها عيادات خاصة بصحة الأطفال والأم، تابعة لوزارة الصحة الفنلندية، وتستهدف بها الحوامل والأطفال دون سن المدارس وعائلاتهم.
وبحسب الوزيرة، فإن هذه الخدمات تقدم للكل بدون أي مقابل مادي، ويتم تمويلها من الضرائب التي يدفعها المواطنون.
وتحتل فنلندا، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 5 ملايين نسمة، المرتبة 24 من بين 188 دولة في مؤشر التنمية البشرية الذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بينما تأتي مصر في المركز 108، بحسب تقرير التنمية البشرية لعام 2015.
وتعتمد الأمم المتحدة في قياس مستوى الدولة في هذا المؤشر على ثلاثة عوامل، هي مدى تمتع شعبها بحياة طويلة وصحية، والحصول على تعليم جيد، ومدى توافر مستوى معيشة لائق.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة، يبلغ العمر المتوقع عند الولادة للشخص الفنلندي 80.8 سنة، مقابل 71.1 سنة في مصر.
وتبدأ عيادات الأطفال الفنلندية تقديم خدماتها في مرحلة الحمل، حيث تتم متابعة صحة الحامل والطفل المنتظر من خلال فحوصات دورية، وتقوم الحوامل بمقابلة الأطباء والممرضات بما يتراوح بين 11 إلى 15 مرة أثناء فترة الحمل للاطمئنان على صحة الأم وعلى نمو الجنين.
وتنظم العيادات جلسات للعائلات التي تنتظر مولودا لتعريفها بالمشاكل التي قد تواجهها بعد الولادة وكيفية التعامل معها، وتقول الوزيرة إن الأب يحضر مع الأم هذه الجلسات. وتستقبل الممرضات العاملات في تلك العيادات مكالمات هاتفية من 8 صباحا إلى 2 ظهراً من الأمهات بشأن أي مشكلة تواجههن، وأيضا لحجز مواعيد مقابلات مع الأطباء.
وكل هذه العيادات صديقة للطفل، ففي المدخل توجد مقاعد ملونة صغيرة تحيطها ألعاب متنوعة لتسلية الأطفال خلال فترة انتظار الطبيب، كما أن العيادة، التي تزين جدرانها رسومات ملونة، ملحق بها مساحة مفتوحة للعب تُنظم فيها لقاءات وأنشطة اجتماعية للأسر.
وعلى طريقة الدعم النقدي المشروط في مصر، تُلزم الحكومة الفنلندية الحامل بزيارة العيادات والمتابعة معها قبل أربعة شهور على الأقل من الولادة، وذلك للحصول على المميزات المادية التي تقدمها الحكومة للأم.
وبعد الولادة يجب أن تحضر الأم مواعيد الأطباء في تلك العيادات للاطمئنان على صحتها وصحة طفلها.
وتقدم وزارة التضامن الاجتماعي في مصر دعما نقديا باسم "تكافل" للأسر الفقيرة بقيمة 325 جنيها كحد أدنى و625 جنيها كحد أقصى ويصرف بشكل تراكمى كل 3 أشهر.
لكن هذا الدعم مشروط باستمرار أبناء تلك الأسر فى المدرسة وبانتظام حضورهم بنسبة 80% على الأقل، وكذلك تلقي خدمات الرعاية الصحية، مثل التزام الحوامل بمتابعة حالتهم الصحية وحالة الجنين في الوحدات الصحية بانتظام، وتلقي الأطفال حتى 6 سنوات كل التطعيمات التي تتيحها وزارة الصحة.
وتقول الوزيرة الفنلندية إن التحدي الوحيد الذي تواجهه وزارتها حاليا هو كيفية إيجاد العائلات التي تحتاج إلى دعم والتي لا تأتي إلى العيادات، "فهدف الوزارة هو التأكد من أن جميع المواطنين لديهم فرص متساوية لأن يعيشوا حياة صحية وآمنة اجتماعيا".
وبحسب تقرير "السعادة العالمي 2016"، فإن الشعب الفنلندي من أكثر شعوب العالم سعادة، فقد احتلت فنلندا المركز الخامس عالميا ضمن 157 دولة يغطيها التقرير، بينما جاءت مصر في المرتبة 120.
وقاس التقرير، الصادر منذ شهرين، التقدم أو التدهور الذي حدث في سعادة شعوب 157 دولة خلال الفترة من (2013-2015)، وتوصل إلى أن مصر ثاني أكبر دولة في العالم سجلت تدهورا في مستوى سعادة شعبها بعد اليونان، التي تشهد أزمة مالية طاحنة منذ سنوات.
وأعدت التقرير الدولي شبكة حلول التنمية المستدامة، وهي مركز دولي معني بشؤون العلوم الاجتماعية، بالتعاون مع معهد الأرض في جامعة كولومبيا الأمريكية.
وتقول الحكومة إنها تطمح إلى الصعود بالمصريين إلى المركز 30 في قائمة أكثر شعوب العالم سعادة بحلول عام 2030 .
تعليقات الفيسبوك