طرح التقرير النهائي للجنة تطوير الأقطان، التي شكلها رئيس الوزراء، حزمة من السياسات الزراعية والصناعية والجمركية لإنقاذ القطن المحلي من وضعه "المتدهور"، الذي يعانيه مع تراجع مستوى جودته بصورة متزايدة منذ ثورة يناير 2011.
وكان رئيس الوزراء قد شكل لجنة تطوير الأقطان في أكتوبر من العام الماضي، برئاسة محسن الجيلاني الرئيس السابق للشركة القابضة للغزل والنسيج، لوضع حلول ومقترحات للنهوض بزراعة وصناعة القطن.
وعرضت اللجنة تقريرها النهائي، الذي حصلت أصوات مصرية على نسخة منه، على رئيس الحكومة في اجتماع أمس الثلاثاء.
تدهور الأصناف ذات الجودة العالية
أشار التقرير إلى "انتهاء صنف جيزة 88 (الطويل الممتاز) تماما، وتدهور كبير في صنف جيزة 86"، وأضاف أن الأخير لم يعد قادرا على منافسة "البيما الأمريكي".
وفي هذا السياق انخفضت الصادرات المصرية من القطن خلال السنوات الأخيرة، كما تراجعت أسعار المحصول المحلي عالميا بالمقارنة مع المنافسين، وفقا للتقرير.
وبحسب بيانات وزارة التجارة والصناعة، تراجعت صادرات مصر من القطن والغزل والمنسوجات والملابس والمفروشات من 3.4 مليار دولار في 2011 إلى 2.7 مليار في 2015.
وانعكست أزمة القطن على الصناعة المحلية، حيث يقول التقرير إن المصانع المنتجة للخيوط فائقة الجودة تحولت إلى الخسارة بسبب " تدهور الخصائص الغزلية للقطن المصري"، علاوة على أن بعض المصانع المنتجة للغزول الرفيعة فائقة الجودة أصبحت تعتمد على القطن الأمريكي.
وتعد وزارة الزراعة هي المسؤولة عن تنظيم زراعة القطن في مصر، بحيث تتركز زراعة الأقطان المتوسطة والقصيرة، جيزة 80 وجيزة 90، في صعيد مصر، بينما تتركز الأصناف فائقة الطول في دلتا مصر.
وتقول دراسة لوزارة الزراعة الأمريكية عن القطن المصري، صدرت في 2014، إن الانفلات الأمني بعد ثورة يناير 2011 حال دون قيام وزارة الزراعة المصرية بدورها في منع زراعة أصناف في غير المناطق المصرح بها حفاظا على جودة الإنتاج.
كيف نحمي جودة القطن؟
أوصى تقرير لجنة القطن بتوفير تقاوي نقية للأصناف المصرية، وتجريم زراعة أية أقطان أجنبية في الوادي، والالتزام بالخريطة الزراعية للقطن التي يصدر بها قرار وزاري سنوي.
كما قال التقرير إن "المحالج غير الشرعية في ازدياد باستمرار، وهي أحد الأسباب التي أدت إلى تدهور القطن المصري".
واقترحت اللجنة إضافة نص صريح في القانون يجرم حلج الأقطان خارج المحالج الشرعية، التي تشرف عليها وزارة الزراعة.
سياسات زراعية للنهوض بالقطن
طالبت اللجنة بتحديد سعر لشراء القطن قبل بداية موسم الزراعة بفترة كافية، وتحديد جهة تشتري القطن من المنتجين عند امتناع الشركات عن الشراء، وهي آليات تضمن تشجيع المزارعين على زراعة القطن.
وتحدد الحكومة أسعارا لبعض المحاصيل مثل الذرة والقمح قبل بداية الموسم الزراعي لتشجيع الفلاحين على زراعتها.
وأشار التقرير إلى ضرورة تحديد مساحة القطن المزروعة سنويا، بحسب ما يمكن استيعابه في الصناعة المحلية والتصدير، وبما لا يزيد على 2 مليون أو 2.5 مليون قنطار سنويا، من الوجه البحري فقط، وذلك حتى لا تنخفض الأسعار.
ولا يلتزم المزارعون عادة بالمساحات المقررة للقطن، ما يؤدي لزيادة الإنتاج عن الاحتياجات المحلية والتصديرية، واضطرت الحكومة لدعم تصريف "فضلة" القطن خلال السنوات الأخيرة بشرائه عبر الشركة القابضة للغزل والنسيج، وتقديم دعم للشركات التي تقوم بتصديره.
ودعت اللجنة كذلك لتفعيل دور التعاونيات، وتكوين جمعيات واتحادات لمنتجي القطن للمساعدة في الإنتاج والتسويق، لتكون كيانا قويا في مواجهة تقلبات الأسعار وضمان حقوق المنتجين لدى التجار والتأمين ضد المخاطر.
زراعة أصناف جديدة تحتاجها الصناعة
اقترحت كذلك اللجنة التوجه لزراعة أصناف جديدة من الأقطان متوسطة التيلة، التي تتميز بأنها قصيرة العمر عالية الإنتاج في أراض صحراوية، وهي الأقطان التي تحتاج إليها الصناعة المحلية بقوة، وتستوردها من الخارج.
والمشروع المقترح حسب تقرير اللجنة هو زراعة حوالي 300 ألف فدان في صحراء طريق السويس القاهرة، بمياه الصرف الصحي والصناعي المعالجة للقاهرة الكبرى.
وقدر التقرير تكلفة تنفيذ المشروع بحوالي 17 مليار جنيه.وتوقعت اللجنة أن ينتج هذا المشروع 5 ملايين قنطار سنويا، تدر إيرادات بنحو 9 مليارات جنيه، ويحقق صافي ربح سنوي، قبل الضرائب، في حدود 1.5 مليار جنيه.
وعلق التقرير بأن "زراعة أقطان متوسطة التيلة غزيرة الإنتاج، منخفضة التكاليف، ستكون أكبر دعم لإنعاش صناعة الغزل والنسيج"، مشيرا إلى أن هذه الصناعة تتراجع منذ التسعينات مع تزايد اعتمادها على الأقطان المستوردة.
وفي سياق حماية الصناعة المحلية اقترح التقرير زيادة التعريفة الجمركية الحالية على الغزل إلى 15% بدلا من 5%، وعلى القماش إلى 25% بدلا من 10%، وعلى الملابس 40% بدلا من 30%، خاصة أن قواعد التجارة الدولية التي تلتزم بها مصر تسمح بزيادة التعريفة على تلك المنتجات بنسب تصل إلى 21% و42% و60% على التوالي.
وضمت اللجنة التي أعدت التقرير النهائي 5 أعضاء، هم أحمد البساطي رئيس اللجنة الدولية للقطن والرئيس السابق لاتحاد مصدري الأقطان، ومحمد عبد الجواد أستاذ المحاصيل بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، وأحمد محسن عبد اللطيف خبير الأقطان ورئيس مجلس إدارة شركة القاهرة للإقطان، وأحمد مصطفى رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج والملابس الجاهزة، ومنير جاد الأستاذ غير المتفرغ بمعهد بحوث الأقطان.
تعليقات الفيسبوك