قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية أثار مخاوف في الشرق الأوسط بسبب موقفه من المسلمين والمهاجرين، بالإضافة إلى عدم اليقين إزاء كيفية تعامل الرئيس الجمهوري المنتخب مع شبكة المعقدة للتحالفات الإقليمية.
وقالت الصحيفة، في تقرير نشر بموقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء، إن الحلفاء الإقليميين التقليديين للولايات المتحدة انتقدوا سياسة الرئيس الحالي باراك أوباما لسماحه لإيران وروسيا بتنفيذ أجندتهما الإقليمية بفعالية أكبر على مدى السنوات الثماني الماضية، مضيفة أن هؤلاء الحلفاء لا يرغبون في رؤية ترامب يستمر في هذه السياسات.
ونقلت الصحيفة عن وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق قوله قبيل الإنتخابات إن رئاسة ترامب ستجلب "الفوضي السياسية". وأضاف "مع انتخاب الرئيس الأمريكي الجديد، لا أرى أن الشمس الأمريكية ستشرق بإيجابية مجددا على الشرق الأوسط".
وقال ترامب إنه يعارض الاتفاق النووي الذي تفاوض أوباما لإبرامه مع إيران بشق الأنفس. لكنه وعد أيضا بتحسين علاقات واشنطن مع موسكو، وهي حليف رئيسي لطهران. ووعد ترامب بالعمل مع حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). ولكنه في الوقت ذاته انتقد بشدة المملكة العربية السعودية، وهي عضو رئيسي في التحالف الذي تقوده أمريكا، في حربها على داعش.
وقال محمد اليحيى، وهو محلل سياسي سعودي وزميل غير مقيم في المجلس الأطلسي إن ترامب "يمكنه القيام بعمل أفضل من أوباما في تعزيز العلاقات مع الحلفاء". وأضاف "أوباما تجاهل حلفاءه واستثمر بحماقة في الأعداء".
ولقي حديث ترامب الذي لا يعطي أولوية لحقوق الإنسان استحسانا لدى حلفاء إقليميين أقوياء، سئموا من لوم أمريكا لهم على سجلاتهم الرديئة في مجال حقوق الإنسان مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وقال ترامب إنه سيعيد استخدام أسلوب التعذيب أثناء استجواب الإرهابيين المشتبه بهم، وهي تكتيكات تستخدمها حكومات عربية مع نشطاء المعارضة الليبراليين والمحافظين على حد سواء ما أثار استياء جماعات حقوقية.
وقال مصطفي السيد أستاذ العلوم السياسية في جماعة القاهرة إنه "من المرجح أن يفضل السيسي ترامب. لقد قال تصريحاً مشيدا به عقب اجتماع عقداه في نيويورك في سبتمبر". وأشار إلى أن الرئيس السيسي التقى أيضا المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، لكنه لم يثن عليها.
وأضاف السيد "في حين أن السيسي وترامب يتفقان على محاربة الإرهاب، إلا أن كلينتون تحدثت أيضا عن حقوق الإنسان، وهو ما الأمر الذي ربما لم يسعد الرئيس".
وقالت الرئاسة المصرية اليوم إن السيسي كان أول زعيم دولي اتصل بترامب هاتفيا لتهنئته بالفوز.
وانزعج الأشخاص العاديون في المنطقة ذات الأغلبية المسلمة من تعليقات ترامب القاسية ازاء الإسلام. فقد تعهد المرشح بتعليق هجرة المسلمين مؤقتا إلى الولايات المتحدة.
وقال اليحيي "هناك بعض المخاوف الجادة التي أثارتها تعليقاته عن المسلمين والمهاجرين بشكل عام".
ولم يقدم ترامب موقفا واضحا بشأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، تاركا المراقبين ينتظرون في قلق سياسات الرئيس القادم لاستيضاح الأمر.
ووفقا لمستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق يعقوب عميدرور، الذي مازال مستشارا مقربا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فسيكون الشهران المقبلان قبيل تنصيب ترامب حاسمين للرئيس المنتخب في بناء علاقات مع إسرائيل وتحديد سياسات الولايات المتحدة فيما يتعلق بالحرب في سوريا والصراع الإسرائيلي الفلسطيني ودور إيران في المنطقة.
وعلى الرغم من الانتقادات التي تعرض لها ترامب في الولايات المتحدة لكونه معاديا للسامية، فقد تعهد بنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس. وقد يعد ذلك اعترافا بالعاصمة المتنازع عليها التي ادعى الإسرائيليون أنها عاصمة دولتهم ولكن المجتمع الدولي رفض الاعتراف بذلك. ويرغب الفلسطينيون من جانبهم أن تكون القدس عاصمة لدولتهم التي يأملون في إقامتها مستقبلا.
وينظر العديد من الإسرائيليين إلى البيت الأبيض في عهد أوباما على أنه معاد لإسرائيل، خاصة بين المستوطنين، بعد أن حثت الولايات المتحدة إسرائيل على تجميد البناء في الضفة الغربية عام 2010. وأصبحت تصريحات ترامب ومقابلاته الإعلامية مؤيدة بشكل متزايد لإسرائيل.
وقال ترامب، في مقابلة أجراها مع صحفية الديلي ميل البريطانية في مايو الماضي، إنه يجب على إسرائيل "الاستمرار" في بناء المستوطنات. وينتظر الإسرائيليون الآن عقب فوز ترامب بالرئاسة ليروا إذا ما كان سيفي بوعوده.
ويحظى ترامب بتفضيل حكومات بعض الدول التي تحاول القضاء على ثورات الربيع العربي التي بدأت في أواخر عام 2010 في الشرق الأوسط.
وفي مصر وسوريا، حيث تراجعت الانتفاضات أو قمعت بشدة، كان ينظر إلى كلينتون باعتبارها من كبار مشجعي تغيير الأنظمة. فقد دعت إلى اتخاذ موقف أكثر حدة بشأن تسليح المتمردين السوريين حينما كانت وزيرة الخارجية الأمريكية. لكن القاهرة ودمشق اعتبرتا أن سياستها ستزيد من انعدام الأمن الإقليمي.
وضغط ترامب لاستمرار الأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط قائلا إن تغييرها من شأنه فقط أن يزيد من عدم الاستقرار في المنطقة.
وسيكون استعداد ترامب لإصلاح العلاقات مع دول خليجية مثل الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية، محل متابعة وثيقة، وسط معارضة شديدة من الملوك العرب للاتفاق النووي الإيراني.
وقال ترامب أيضا إنه سيقوم بإصلاح العلاقات مع روسيا، حليفة إيران القوية، وهما الدولتان اللتان تقاتلان حاليا في سوريا لدعم النظام الحاكم الذي تعارضه دول الخليج بشدة، ما يترك الرئيس المنتخب الجديد وسط شبكة معقدة من التحالفات عليه أن يناضل لإدارتها.
وتراجعت أسواق المال الخليجية بشكل حاد اليوم الأربعاء عقب إعلان فوز ترامب. ومازال المستثمرون على مستوى العالم متشككين تجاه سياسات ترامب والآثار الاقتصادية المحتملة لها.
وتعامل البعض في المنطقة مع المخاوف التي أفرزتها نتيجة الانتخابات الأمريكية وفوز ترامب بسخرية سوداء. فقد انتشر على نطاق واسع إعلان للخطوط الجوية الملكية الأردنية تدعو فيه للسفر إلى الولايات المتحدة بشكل ساخر، وجاء فيه "تحسباً لفوزه ... سافر الآن إلى أمريكا طالما الأمر مازال متاحا لك".
تعليقات الفيسبوك