"الشعب المصري النهاردة مبسوط، مش بيتسائل... حتى مراتي مبسوطة، الوديعة بتاعتها عملت فلوس".
ما سبق، هو حديث مسؤول رفيع المستوى، أمام شاشات التلفزيون المصرية والعربية والدولية، إنه لمحافظ البنك المركزي المصري طارق عامر.
تصريح أدلى به عامر، أمس الخميس، خلال مؤتمر صحفي عقده للحديث عن قرار البنك الذي يرأسه بتعويم الجنيه في وقت سابق من اليوم نفسه.
وتعويم العملة، يعني ترك سعرها يتحدد بناء على عوامل العرض والطلب، وهو أمر ما كانت أي دولة تلجأ له إلا نتيجة وضع اقتصادي متأزم، وهو ما لم ينكره عامر، خلال المؤتمر، حيث قال "لابد من الاعتراف بأن هناك مشكلة خاصة بأوضاع الاقتصاد".
وفور صدور قرار تعويم الجنيه، وصل سعر صرف العملة المحلية –في البنوك- عند 13 جنيها للدولار (الدولار= 13 جنيه مصري)، وهو الرقم الذي وصفه عامر بأنه انتقالي "فالبنوك ستسعر العملة فيما بعد كما يحلو لها".
وبعد ساعات قليلة من القرار، بدأ الحديث عن ارتفاع الأسعار، استهلتها أسعار البنزين واسطوانات البوتاجاز.
وفي بلد يتجاوز تعداد سكانه 90 مليون مواطن، يعيش 27,8 بالمئة منهم تحت خط الفقر، أي بأقل من 482 جنيها في الشهر، وهو ما يعني أن 25 مليون مواطن مصري يعيش بأقل من دولار واحد في اليوم. إذن عن أي انبساط يتحدث محافظ البنك المركزي؟
وإذا كان محافظ المركزي يرى أن أولى خطوات حل مشكلة هو الاعتراف بها، فهل حديثه عن انبساط الشارع المصري يسير في هذا الطريق؟
المسألة أو "الحدوتة" تبدو أكبر من الحديث عن "انبساط" زوجة محافظ المركزي إذ أن تقديرات خبراء الاقتصاد ترى أن تعويم العملة في أي دولة يستتبعه فترة صعبة تستمر عاما على الأقل يتألم فيها المواطن البسيط من ضغوط الحياة وصعوبات الوضع الاقتصادي. وهناك أمثلة في دول مثل روسيا والأرجنتين وأذربيجان ونيجيريا وقازاخستان.
وعند إعلان قرارات خطيرة مثل تعويم العملة، يشعر العالم بمدى تقدير المسؤول للجمهور من عدم المغالطة ومن لغة الجسد والكلمات التي يستخدمها عند اعلان القرار. ولذلك فالرسالة التي بعث بها عامر بالحديث عن انبساط ليس من المؤكد أن يتفق معها كثيرون في الشارع ولا من المتابعين عبر شاشات التلفزيون أيا كان مكانهم.
تعليقات الفيسبوك