يمثل التهديد المشترك من فرع تنظيم الدولة الاسلامية في سيناء سببا مهما ،ضمن اعتبارات أخرى، لتعاون قوي بين إسرائيل ومصر في مجال المخابرات والأمن، فإن لم يُهزم التنظيم في مصر سيهاجم إسرائيل مباشرة.
وقالت صحيفة جيروزاليم بوست -في مقال نشرته اليوم الخميس- إن الجماعة أطلقت في الماضي صواريخ عبر الحدود، وكانت مسؤولة عن هجوم إرهابي حدث عبر الحدود في مدينة إيلات في 2011 أدى إلى مقتل ثمانية إسرائيليين.
وأضاف المقال الذي كتبه السفير الاسرائيلي السابق لدى مصر زيفي مازيل أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقول علانية إنه يجرى محادثات بين الحين والآخر مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وذكر أن هذه هي الخلفية للتقارب التدريجي بين البلدين حيث أرسلت مصر سفيرا إلى تل أبيب، وأعيد فتح السفارة الإسرائيلية في القاهرة مرة أخرى.
وتابع أن السيسي قال كذلك إنه على استعداد للمساعدة في تشجيع المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، كما قام وزير خارجيته مؤخراً بزيارة لإسرائيل. ويسافر مبعوثو نتنياهو بانتظام للقاهرة للمشاركة في مباحثات رفيعة المستوى.
وقالت الصحيفة في المقال الذي نشر بقسم الصراع العربي الاسرائيلي "يمكن التكهن باطمئنان أنهم يبحثون عددا من القضايا وليس القضية الفلسطينية وحدها، وهي بعيدة عن أن تكون أولوية للسيسي".
وأضافت أنه لا يمكن الشك في أن الرئيس المصري يقف وراء كل تلك التحركات. وقالت إنه بدأ جهدا شاملا لتنمية بلاده ووضعها على طريق النمو الاقتصادي المستدام، ويعد التعاون مع إسرائيل جزءاً من هذه الرؤية.
وأضافت أن السيسي "مسلم مخلص" ولكنه تجنب دائما التطرف الديني، فلقد كان معتدلا بشكل ملحوظ فيما يتعلق بإسرائيل منذ أن أصبح شخصية عامة، أي منذ أن عيّنه الرئيس الأسبق محمد مرسي وزيرا للدفاع.
وتابعت أن السيسي يحجم عن مهاجمة أو حتى إدانة إسرائيل، وكان ذلك واضحا من المقابلات الأولى التي أجراها مع الصحافة حتى قبل انتخابه كرئيس، فقد تطلب الأمر عدة أسئلة عن رأيه في الشأن الفلسطيني قبل أن يقول بإيجاز إنه يجب أن تكون هناك دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
وقالت الصحيفة إنه في نفس الوقت كان الرئيس المصري يعمل على كبح التطرف في الإسلام، وطالب بأن يقوم العاملون في الأزهر بتصحيح الخطاب الديني من بعض المصطلحات المتطرفة، كما طالب وزير التعليم بإزالة العناصر التي تشجع على التطرف الديني -بشكل أخص تلك التي تمجد الجهاد- من الكتب الدراسية، وكذلك تم إعطاء مساحة أكبر في الكتب المدرسية للفصول التي تتناول معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، مشيرة إلى أن كتاب تاريخ مصر الحديث الجديد يحتوي على صورة رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجين جنبا إلى جنب مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات، بالإضافة إلى أجزاء من اتفاقية السلام.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من هذه التطورات المشجعة (للتقارب بين مصر وإسرائيل)، إلا أن هناك البعض ما زالوا مستمرين في معارضتهم لإسرائيل، وهم على الأغلب من النخبة القديمة (المؤسسة الإسلامية وما بقي من الحركات القومية).
وأشارت إلى أنه ما زال هناك اعتقاد سائد بين عامة المصريين أن إسرائيل هي عدو حريص على إيذاء مصر. واستشهدت الصحيفة -في مقالها- ببعض التقارير التي قالت إن قرار السيسي بشق قناة ثانية إلى جانب قناة السويس الرئيسية -لمضاعفة قدرة القناة والسماح لعدد أكبر من السفن بالمرور- كان يهدف إلى إحباط مشروع إسرائيل ببناء سكة حديد من إيلات على خليج العقبة إلى ميناء اشدود على البحر المتوسط، حيث زعمت المقالات أن هدف السكة الحديد هو الحد من تدفق السفن على قناة السويس.
وقالت إنه حين زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دولا افريقية قبل أسبوعين فسرت وسائل إعلام مصرية التحرك بأنه يهدف إلى تشجيع الزراعة في دول منابع النيل وهو ما سيحتاج حينئذ مزيدا من المياه ويقلل ما يتبقى لمصر.
كما استشهدت كذلك بما تعرض له لاعب جودو مصري من توبيخ، لموافقته على خوض مباراة أمام لاعب إسرائيلي وكذلك لخسارته المباراة.
وقالت "لا عجب أن الرئيس المصري يسير بحذر (في مسار التقارب مع إسرائيل)"، مضيفة أن تحسين العلاقات مع إسرائيل أمر ذو أهمية قصوى، لكنه (السيسي) ليس لديه الرغبة في خوض مواجهة مع النخبة، التي يحتاج إليها في دعم سياسته الاقتصادية لا سيما مع بدء إجراءات تقشف لا تحظى بشعبية عالية.
وأضافت أن السيسي اختار طريقا غير مباشر. فقد أعلن قبل عدة أشهر أنه يريد المساعدة في استئناف الحوار بين إسرائيل والفلسطينيين، وهو الأمر الذي يعد الشغل الشاغل لمصر على المدى الطويل، حيث تطمح إلى السلام في المنطقة.
وتابعت "لكن يبدو أن السيسي لم يصغ مبادرته الخاصة بالسلام. فقد أعلن مرارا عن ترحيبه بكل المبادرات المطروحة على المائدة بما في ذلك المبادرة الفرنسية، والبعض في إسرائيل والغرب يعتقد أنه يفضل وجود كتلة سنية قد تتضمن السعودية ودول الخليج، والتي سترعى مع مصر الحوار الإسرائيلي الفلسطيني".
وأضافت "لكن يبقى من الصعب تصديق أن تلك الدول ستكون مستعدة وراغبة في إقناع الفلسطينيين بتغيير استراتيجيتهم المعلنة بعدم الاعتراف بإسرائيل والتخلي عن حق العودة".
واختتمت الصحيفة مقالها قائلة إن الترويج للقضية الفلسطينية يتيح للسيسي الفرصة للإبقاء على حوار مفتوح مع إسرائيل ومناقشة طرق وأساليب تعزيز ما يحظى باهتمامه فعلا، وهو العلاقات الاقتصادية للاستفادة من تكنولوجيا إسرائيل والتعاون معها.
تعليقات الفيسبوك