ارتفاع سعر صرف الدولار وزيادة تكاليف استيراد الغاز، بالإضافة إلى رغبة الحكومة في تثبيت تكاليف الدعم، وحاجتها للتوسع في بناء محطات الكهرباء، كانت الأسباب الأربعة الرئيسية التي دفعت الحكومة للإعلان أمس عن زيادة في أسعار الكهرباء تفوق ما كانت تستهدفه عام 2014.
وأعلنت وزارة الكهرباء أمس الأسعار الجديدة لاستهلاك الكهرباء، ضمن المرحلة الثالثة من خطة رفع الدعم عن الطاقة.
وسيتراوح متوسط الزيادة على فواتير الاستهلاك المنزلي باختلاف شرائحها ما بين 33% إلى 47% عن قيمتها خلال الفترة الماضية، وذلك بداية من فاتورة استهلاك شهر أغسطس (التي يتم تحصيلها في مطلع سبتمبر).
ثبات قيمة الدعم
وتسعى وزارة الكهرباء من خلال الأسعار الجديدة للاستهلاك، إلى الحفاظ على مستوى قيمة الدعم المقدم للكهرباء الذي تم تحديده في موازنة العام المالي الجاري عند 29 مليار جنيه.
وقالت الوزارة في بيان وزعته على الصحفيين أمس حول الزيادات الجديدة للكهرباء إن "الاستمرار في التعريفة التي كانت مطبقة، كان سيصل بقيمة الدعم إلى 48.5 مليار جنيه، بفارق حوالي 20 مليار جنيه".
وأشار البيان إلى أن "الفارق لا يمكن أن تتحمله الموازنة العامة للدولة".
وانخفض الدعم المقدم لقطاع الكهرباء في موازنة العام الجاري (2016/2017) إلى 28.9 مليار جنيه، مقابل 31 مليار جنيه في الموازنة السابقة.
وتنخفض قيمة دعم الكهرباء المقررة خلال العام الجاري عما كان مقررا لها في خطة التحرير التدريجي لأسعار الكهرباء التي أطلقتها الحكومة عام 2014.
وقالت وزارة الكهرباء إن ارتفاع الأسعار الأخير لا يعني رفع الدعم عن الفئات محدودة ومتوسطة الدخل، ولكنه يعني تقليل الدعم المقدم لفئات الاستهلاك العالية.
وستقل نسبة الدعم المقدم من الدولة، كلما ارتفعت شريحة استهلاك المواطنين وفقا لوزارة الكهرباء.
خلال موازنة العام الجاري انخفض الدعم المقدم للكهرباء إلى 28.9 مليار جنيه مقابل 31 مليار جنيه في الموازنة السابقة
ووفقا للخطة التي أعلنتها الوزارة فإن قيمة الدعم الذي ستقدمه الوزارة لفواتير الكهرباء ستتراوح ما بين 430% إلى 11% من قيمة الفاتورة، بحسب شريحة الاستهلاك، وذلك في الشرائح العشرة الأولى من الاستهلاك المنزلي.
أما الشرائح الأربعة الأعلى والتي تبدأ من استهلاك 2000 كيلووات/ ساعة في الشهر، فسيتم رفع الدعم عنها تماما.
كانت الحكومة قد بدأت منذ العام المالي 2014/2015 في تطبيق خطة لإعادة هيكلة دعم الطاقة، متضمنة زيادة أسعار الكهرباء، وأقرت الحكومة زيادة ثانية في أسعار الكهرباء خلال العام المالي الماضي، بعد استثناء الشرائح التي يقل استهلاكها عن 200 كيلو وات/ ساعة شهرياً.
وقال البنك الدولي في وثيقة نشرها في فبراير الماضي، متعلقة بتفاصيل إقراضه 3 مليارات دولار لمصر، إن استثناء الشرائح التي تستهلك أقل من 200 كيلو وات/ ساعة من زيادة أسعار الكهرباء خلال العام الماضي "حمى قطاعات من منخفضي الدخل" ولكنه قدم أيضا امتيازات لشرائح مرتفعة الدخل يقع حجم استهلاكها في هذه الشريحة.
وخضعت تلك الشرائح المنخفضة للزيادات التي تم الإعلان عنها أمس.
كما تم رفع أسعار استهلاك الكهرباء بالنسبة للاستخدامات الصناعية بنسب تتراوح ما بين 18% إلى 56% بحسب مستويات الطاقة المستخدمة، وكذلك بالنسبة للاستخدامات التجارية بنسبة 20% في المتوسط.
سعر الصرف
ثاني الأسباب التي دفعت الحكومة لرفع أسعار استهلاك الكهرباء، كان ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، خلال الفترة الأخيرة.
وتقول وزارة الكهرباء إن "سعر صرف الدولار مقابل الجنيه ارتفع من 7.15 جنيه وقت وضع خطة رفع الدعم عن الطاقة في 2014 إلى حوالي 8.9 جنيه للدولار الواحد حاليا".
"نحن نشتري الوقود من الخارج بالدولار، كذلك المعدات ومراكز التحكم الخاصة بمحطات الكهرباء، وارتفاع سعر الصرف كان له تأثير واضح على إعادة هيكلة أسعار الكهرباء"، وفقا لما قاله وزير الكهرباء في المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه عن الأسعار الجديدة.
وتواجه مصر أزمة شديدة في توفير العملة الصعبة وتكافح لإنعاش اقتصادها.
"وزارة البترول كتر خيرها لسه بتدينا الغاز بسعر 3 دولار، لكن بعد كده هتديهولنا بحوالي 7 دولار"
ويبلغ السعر الرسمي للجنيه في البنوك 8.88 جنيه للدولار لتعاملات الأفراد بينما يبلغ أكثر من 12 جنيها في السوق السوداء.
وخلال شهر يوليو الماضي تراجع حجم الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي إلى 15.365 مليار دولار مقابل 17.546 مليار دولار بنهاية شهر يونيو الماضي، بتراجع قدره أكثر من ملياري دولار، وفقا لبيانات البنك المركزي.
واستقبلت مصر يوم السبت قبل الماضي وفدا من صندوق النقد الدولي لإجراء مفاوضات على طلب مصر اقتراض 12 مليار دولار ضمن برنامج تمويلي بقيمة 21 مليار دولار على ثلاث سنوات.
وسيحتاج اتفاق مصر المزمع مع صندوق النقد على الأرجح التزامها بإصلاحات قد تجدها الحكومة محفوفة بالمخاطر من الناحية السياسية، منها خفض دعم الطاقة، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، التي تلقى اعتراضات من عدد من الفئات التي ستخضع لها.
ارتفاع سعر الغاز
مع تراجع إمدادات الغاز الطبيعي المحلي، ولجوء مصر إلى استيراد جزء من احتياجاتها منه بتكلفة مرتفعة، لجأت وزارة الكهرباء إلى خفض نسبة الغاز المستخدم كوقود في محطات توليد الكهرباء، لتصل نسبته إلى 70% من إجمالي الوقود المستخدم، بدلا من 84%.
وتعتمد وزارة الكهرباء، على المازوت في النسبة المتبقية من الوقود، "لكن أسعار المازوت أصبحت مرتفعة هي الأخرى"، كما قال وزير الكهرباء أمس في المؤتمر الصحفي، مستعرضا السبب الثالث وراء زيادة أسعار الكهرباء.
وتحصل الوزارة على ثلثي الغاز المطلوب من المصادر المحلية، الثلث الباقي من الغاز المستورد.
وقال وزير الكهرباء، أمس في المؤتمر الصحفي إن الخطة التي وضعتها الوزارة في 2014، كانت تحسب سعر الغاز الطبيعي بقيمة 3 دولارات للمليون وحدة حرارية (وهو سعر مدعم من الدولة)، لكن هذه الأسعار ارتفعت في إطار إعادة هيكلة دعم الطاقة.
وأضاف "وزارة البترول كتر خيرها لسه بتدينا الغاز بسعر 3 دولار، لكن بعد كده هتديهولنا بحوالي 7 دولار".
إجمالي الاستثمارات في قطاع الكهرباء خلال العامين الماليين الماضيين، بلغ حوالي 75.5 مليار جنيه مصري
زيادة استثمارات الكهرباء
وتأتي الحاجة لزيادة الاستثمارات في محطات إنتاج الكهرباء وكذلك زيادة قيمة الاستثمارات في منظومة نقل وتوزيع الكهرباء، كسبب رابع دفع وزارة الكهرباء لمراجعة خطة الزيادة المقررة للكهرباء منذ 2014.
وقالت الوزارة إن إجمالي الاستثمارات في قطاع الكهرباء خلال العامين الماليين 2014/2015 و 2015/2016، بلغ حوالي 75.5 مليار جنيه مصري.
وتعتزم الوزارة تنفيذ خطة استثمارات لرفع كفاءة وتحسين أداء شبكتي النقل والتوزيع خلال العامين الماليين القادمين.
وقالت الوزارة إنها تحتاج من أجل تحقيق الاستثمارات المطلوبة لكل من شبكتي النقل والتوزيع إلى موارد مالية بحوالي 22 مليار جنيه، وهو ما يستلزم رفع أسعار الكهرباء لتدبيرها.
تعليقات الفيسبوك