حكم تيران وصنافير.. جزيرة فرحة وسط بحر من اليأس

الأربعاء 22-06-2016 AM 01:10
حكم تيران وصنافير.. جزيرة فرحة وسط بحر من اليأس

احتفالات الحضور بقرار ابطال اتفاقية تيران وصنافير

"دموع الفرحة" ذلك المزيج المتناقض في التعبير عن المشاعر، تجلى بوضوح بين الحاضرين جلسة النطق بالحكم في قضية جزيرتي تيران وصنافير يوم الثلاثاء، بعد حكم لمجلس الدولة (القضاء الإداري)-وصفه خبراء بالتاريخي- بقبول دعوى بطلان إتفاقية ترسيم الحدود التي أبرمتها مصر مع السعودية مطلع أبريل الماضي، وما ترتب عليها من انتقال تبعية الجزيرتين للمملكة.

قبيل النطق بالحكم

بدت قاعة الجلسة خاوية قبل دقائق قليلة من دخول هيئة المستشارين، وعلى عكس أولى جلسات نظر الدعوى (17مايو الماضي)، لم يشهد محيط المحكمة أي تشديدات أمنية تذكر. بينما سيطرت حالة من اليأس على النقاشات الجانبية بين الحاضرين الذين عبروا عن فقدان الأمل في قبول الدعوى وسط تأكيد السلطة التنفيذية على صحة قرار نقل تبعية الجزيرتين إلى السعودية، واستخدام قبضة أمنية حديدية في مواجهة المحتجين على القرار.

شريف أبو الفضل وهو صحفي متخصص في الشأن القضائي، علل تلك الحالة بأن الجميع شِبه متأكد من أن الحكم لن يتعارض مع قرارات السلطة التنفيذية، وأردف:" بنسبة 90 بالمئة سيخرج الحكم بعدم اختصاص المحكمة، والعشرة في المئة المتبقية قد تكون لصالح قبول الدعوى".

لكن قبول الدعوى في وجهة نظر الصحفي سيُحرج الحكومة ولذلك احتماليته ضعيفة جدا.

التنبؤات عينها، أشعرت الكاتبة إكرام يوسف، وهي واحدة من رافعي الدعوى "بالرعب" على حد قولها، لكنها أتت لحضور الجلسة أملا في حدوث مفاجأة.

قبل شهرين

في التاسع من أبريل خرج بيان لمجلس الوزراء المصري، قال إن جزيرتي تيران وصنافير الموجودتين في البحر الأحمر تقعان في المياه الإقليمية للمملكة السعودية.

وأثار ذلك غضب مصريين اعتبروا تلك الخطوة "تنازلاً" عن جزء من أرضهم، بينما ردت الحكومة بأن الجزر سعودية، ودافع الرئيس السيسي عن قرار تسليم الجزر للمملكة، قائلا إنهما كانتا سعوديتين وإن السعودية سمحت لمصر باستخدامهما خلال الخمسينيات من القرن الماضي.

وفي يومي 15 و25 أبريل خرجت تظاهرات؛ احتجاجا على قرار الحكومة بشأن الجزر. في المقابل شنت قوات الأمن حملة واسعة ألقت فيها القبض على عدد كبير من النشطاء والحقوقيين؛ بتهمة التحريض على التظاهر.

وحُوكِمَ أكثر من 200 شخص بتهمة التظاهر دون تصريح، لكن بُرئ الكثير منهم أوخُففت عقوبتهم إلى الغرامة المالية.

عقب النطق بالحكم

في جلسة هادئة إلى حد كبير، خرج كاتب المحكمة يطلب من الجميع إغلاق الهواتف المحمولة، معلنا أن القاضي سيُصدر الحكم فور دخوله. حبس الحضور انفاسهم وبدوا غير مصدقين الكلمات القليلة التي صاغ بها القاضي يحيى دكروري رئيس محكمة القضاء الاداري الحكم.

"استمرار هاتين الجزيرتين (تيران وصنافير) ضمن الإقليم البري المصري، وضمن حدود الدولة المصرية"، ما أن انتهى المستشار  دكروري من نطق تلك الكلمات، حتى انطلقت الصرخات والزغاريد في قاعة الجلسة كأنما يوقظ الحاضرون أنفسهم ويتأكدون أنهم يعيشون مشهدا ينتمي للعالم الحقيقي وليس الافتراضي. وهتف حاضرون بصوت غلبه البكاء: "يحيا العدل". وتردد الهتاف للقضاء المصري من نفس الحناجر التي ضاع صوتها وهي تسمع على مدى اسابيع أحكاما ضد المحتجين على اتفاقية تيران وصنافير.

استقبال الحكم بالاحضان

المحامي والحقوقي خالد علي، أحد رافعي الدعوى، والذي أتى متأخرا (بدقائق قليلة) للمحكمة وقف أمام القاضي يطلب سماع منطوق الحكم لمرة ثانية، وبينما ارتبكت خطواته فرحا، عَقب قائلاً:" الحمدلله".

وسط مشاعر الارتباك، اندفع الحاضرون والصحفيون وراء خالد علي؛ لفهم وتدقيق نص الحكم. وسرعان ما سيطرت عناصر الشرطة المتواجدة لتأمين الجلسة على القاعة.

لكن الأمن عجز عن السيطرة خارج قاعة الحكم، إذ وقف محامون وحقوقيون وآخرون في حرم المحكمة، يهتفون:" عيش، حرية، الجزر دي مصرية".

خالد علي وعناق مع الحضور عقب صدور الحكم

رانيا فهمي، ناشطة اجتماعية تعمل على تحسين أوضاع أطفال يعيشون في المقابر، قالت بصوتِ فرحٍ باك " وأنا قادمة إلى المحكمة، لم أكن أتخيل هذا الحكم، اليوم أحد أسعد أيام حياتي".

استجابةً لطلب أمن المحكمة، خرج المحتفلون إلى سُلم مجلس الدولة، يواصلون الهتاف "مصرية" في إشارة للجزيرتين.

"هذا الحكم انتصار حقيقي لإرادة الشعب المصري، الرافضة التنازل أو التفريط عن أي شبر من أرض مصر" يقول أحد مَنْ شاركوا في التظاهرات الرافضة لنقل تبعية الجزيرتين، والذي رفض ذكر اسمه.

حكمُ المحكمة كما أصاب حاضري الجلسة بالفرحة أصابهم بإرتباك بدا واضحا في إنفعالاتهم، حيث الضحك والبكاء في ذات الوقت، وتهنئة المارة الذين ربما لم يصلهم ما جرى بعد.

الفرحة تمتد إلى الشارع امام مجلس الدولة

محتفلون قرروا إعلام المارة وقائدي السيارات بقرار المحكمة، فهتفوا مشيرين بعلامات النصر:" وكسبنا القضية، والجزر مصرية".

إكرام يوسف التي بصدور الحكم تلاشى إحساسها بالرعب، قالت بفرحة صنعتها المفاجأة " القاضي أصدر حكماً تاريخياً، يحسب له..أنا سعيدة جدا والآن أجزم أن الحق أبدا لن يضيع طالما هناك أحرار في هذا البلد".

 

التصميم والتطوير بواسطة WhaleSys