شهد الاقتصاد المصري تقلبات عديدة خلال عامين من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، تظهر بوضوح في المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، التي تحسن بعضها نسبيا مثل معدلات النمو الاقتصادي والبطالة، بينما تراجع البعض الآخر كما حدث في قيمة العملة المحلية وزيادة أسعار الكثير من السلع، وما يرتبط بذلك من تراجع لمستوى معيشة قطاعات من المصريين.
تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي منصبه في يونيو 2014، في وقت كان فيه البنك المركزي ماضيا في تطبيق سياساته النقدية التي بدأها في 2012، العام الأول لحكم الرئيس السابق محمد مرسي، والمعتمدة على التعويم التدريجي للجنيه.
حيث بدأ المركزي في ديسمبر 2012 في إجراء عمليات تخفيض طفيفة لقيمة العملة المحلية مقابل الدولار، عبر مزادات باع فيها البنك المركزي العملة الأمريكية للبنوك، في محاولة للاقتراب من السعر المتداول في السوق السوداء، ولكن بطريقة متدرجة.
وخلال النصف الثاني من 2014 ظل السعر الرسمي للدولار يدور حول 7.14 جنيه، حتى قام المركزي في الأسابيع الأولى من 2015 بتحريك الدولار إلى 7.53، ووصل قبل رحيل المحافظ السابق هشام رامز عن المركزي في أكتوبر 2015 إلى 7.93 جنيه قبل أن يرتفع عشرين قرشا في عهد طارق عامر إلى 7.73 جنيه.
لكن الفرق بين السوقين الرسمي والموازي ظل كبيرا حيث تقدر وكالة بلومبرج الإخبارية أن هذا الفارق بلغت نسبته في مارس حوالي 24%.
وهو ما استدعى قيام البنك المركزي بتطبيق سياسة التخفيض الصادم للجنيه في 14 مارس الماضي، عبر عملية تعويم رفعت قيمة الدولار أمام العملة المحلية إلى 8.78 جنيه.
وبحسب وكالة بلومبرج فإن هذا الإجراء الصادم هبط بالفارق بين سعري السوق الرسمي والموازي إلى نسبة 3%، لكنه سرعان ما عاد يتسع مجددا ليصل خلال ابريل الماضي إلى 29%.
وترتبط أزمة الجنيه بضعف تدفقات النقد الأجنبي، والتي تفاقمت بعد ثورة 2011، وهبطت بمستويات احتياطي النقد الأجنبي من نحو 36 مليار دولار، لتصل في شهر تولي السيسي للرئاسة إلى 16.6 مليار دولار.
وتذبذبت مستويات الاحتياطي خلال فترة حكم السيسي حيث كان يرتفع قليلا في بعض الفترات بفضل المساعدات الخليجية، وينخفض في غياب تلك المساعدات، ووصل في إبريل الماضي إلى 17 مليار دولار، وهو مستوى مقارب لما بدأ به حكمه.
وساهم ضعف الجنيه ونقص تدفقات العملة الأجنبية في ارتفاع أسعار السلع، في ظل اعتماد مصر بشكل كبير على استيراد المكونات النهائية ومدخلات الإنتاج.
وفي هذا السياق ارتفع مستوى معدل الزيادة السنوية في أسعار المستهلكين من 8.2% في شهر تولي السيسي للرئاسة، إلى 10.9% في أبريل الماضي.
وتُظهر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء ارتفاع مستويات التضخم السنوي للطعام والمشروبات من 11.2% في يونيو 2014، إلى 13.5% في أبريل الماضي.
وبحسب بيانات الجهاز، فإن متوسط سعر بيع كيلو اللحم البقري ارتفع من نحو 67 جنيها في بداية حكم السيسي إلى حوالي 91 جنيها في أبريل الماضي، كما ارتفع كيلو دجاج المزارع من 27 جنيها إلى 29 جنيها خلال نفس الفترة.
وربما يخفف من تلك الضغوط التضخمية تراجع معدلات البطالة، من 13.3% من قوة العمل في يونيو 2014 إلى 12.7% في مارس الماضي.
ويأتي تراجع البطالة مدفوعا بالتحسن النسبي للنمو الاقتصادي خلال حكم السيسي، حيث ارتفع النمو من 2.2% في العام المالي 2013/2014 إلى 3.1% في العام التالي، وفقا لبيانات البنك المركزي.
وجاء هذا النمو مدفوعا بنشاط قطاعات مثل الإنشاءات التي نمت في 2014/2015 بنحو 9.7%، والسياحة التي ارتفعت بنسبة 19.5%.
لكن النمو في الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2015 تراجع إلى 2.7%، وكانت السياحة من أبرز القطاعات التي حدت من النمو خلال الأشهر الأخيرة من العام، حيث انكمش القطاع السياحي في هذه الفترة بنسبة 15%.
وتأثر تراجع السياحة بشكل رئيسي بحادث سقوط طائرة روسية فوق سيناء في نهاية أكتوبر 2015، حيث تراجع عدد السائحين الوافدين إلى مصر بعدها من 909 ألف سائح في شهر سقوط الطائرة إلى 347 ألف في فبراير الماضي.
تعليقات الفيسبوك