"لا يجوز لأنه يقلل من هيبة كتاب الله في نفوس المسلمين" بتلك الكلمات وأخرى مشابهة يثار الجدل حول بيع "المصاحف الملونة" التي بدأت تنتشر بصورة واسعة هذا العام.
ومع اقتراب شهر رمضان يزداد الإقبال على شراء المصاحف، ما دفع المكتبات والمحال إلى عرض أحجام مختلفة من المصاحف الملونة، كما تنشط جروبات على موقع "فيس بوك" في عرض المنتج الذي لا يزال غريبا ومثيرا للجدل داخل المجتمع المصري.
وتقول إحدى بائعات المصاحف الملونة -تلقب حسابها الشخصي على "فيس بوك" باسم خديجة المسلمة- إن جميع عملائها من الفتيات الصغيرات والسيدات من سن 12 عاما إلى 35 عاما.
وتضيف خديجة أن "سعر المصحف الملون مقاس 8×12 سم يبلغ 40 جنيها، ومقاس 14×17 سم 50 جنيها، ومقاس 17×20 سم 80 جنيها".
الرجال يمتنعون
وتابعت خديجة المسلمة أن "الرجال لا يُقبِلون على شراء هذه المصاحف لأن ألوانها لا تتناسب معهم... ممكن تجيب لهم الانتقادات والسخرية وخصوصا في الأماكن العامة".
ويؤكد محمد أشرف "28 عاما" أنه استقبل مصحفا ملونا هدية من أحد أصدقائه، لكنه نادرا ما يستخدمه، قائلا "ألوانه بناتي شوية".
ويقول أشرف إن الأفضل بالنسبة له شراء مصحف تقليدي كبير لتكون طباعته مريحة للعين، موضحا أن الاحتياج لمصاحف "الجيب" لا يعني اللجوء إلى الملونين.
وعاب محمد أشرف على الفتيات انبهارهن بالمصاحف الملونة الجديدة، قائلا "بتغاظ من البنات اللي بتقول الله المصحف الملون جميل أوي.. يعني هو المصحف التقليدي وحش؟!"
بهجة الألوان
تقول رضوى طنطاوي "25 عاما" إن المصاحف الملونة تضفي بهجة وتساعد على حفظ القرآن، لأن كل فقرة تكون بلون معين وهو ما يساعد على التركيز والحفظ.
وتضيف رضوى أن "تعدد الألوان يوقظ الحواس ومنها النظر.. هو أيضا مُحبب للفتيات ومحفز لهن على قراءة القرآن.. قدسية المصاحف لا تعني أن تكون ألوانها الأسود والبني فقط".
التجارة في المقدس
وبالمخالفة للرأي السابق لا تميل سلوى الدسوقي "28 عاما" لشراء مصحف ملون لتختم به القرآن في شهر رمضان، رافضة ما سمته بـ"التعامل التجاري مع الكتب المقدسة".
وقالت سلوى إن "ألوان المصاحف (أحمر وفوشيا وموف وأصفر) تفقد القرآن الكريم هيبته المقدسة... ويفقد من يقرأه التركيز بسبب تعدد ألوان الصفحات والسطور".
وتوضح أن ظاهرة طباعة المصاحف الملونة تجتذب الفتيات الصغيرات اللاتي "يمثل لهن المصحف الشريف جزءًا من أدوات لفت النظر إليهن".
وانتقدت سلوى الدسوقي المغالاة في سعر المصحف الملون والذي يصل إلى 70 و80 جنيها، وهو ما يضاعف سعر المصحف التقليدي أكثر من أربع مرات.
وقالت "الأحسن اشتري 4 مصاحف عاديين بـ80 جنيها وأوزعهم على الجوامع علشان اكسب ثواب قراءة الناس للقرآن بدل ما اشتري مصحف ملون واحد بنفس السعر علشان اتباهى به وسط الناس".
والمصحف المجزأ هو أكثر المصاحف التي يُقبِل المسلمون على شرائها في رمضان ويتراوح سعره من 15 جنيها إلى 25 جنيها، بحسب تصريح صاحب مكتبة لبيع المصاحف بوسط القاهرة.
إجازة فقهية بشروط
ويقول أستاذ الحديث بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، عبد المُهدي عبد القادر، إن ألوان المصاحف وألون الكتابة لا دخل لها في احترام القرآن الكريم، لأنه كلام الله عز وجل.
لكن عبد القادر –الذي كان يشغل منصب رئيس قسم الحديث بجامعة الأزهر- أجاز استخدام المصاحف الملونة بشرط "إذا كانت الألوان في حدود المحتمل والمقبول وليست زاهية أو طاغية على وضوح الكلمات".
وتابع أن ألوان المصاحف يجب أن تكون في حدود المألوف ولا تخرج عن إطار المحترم، قائلا إن "للشيوخ في ذلك اجتهادات كثيرة والمُعول عليه ذوق القارئ".
وكعادة الظواهر الجديدة تنقسم الأراء حولها بالقبول والرفض، لكن المصاحف الملونة تبقى هي التجارة الأحدث التي يتوقع ازدهار بورصتها خلال شهر رمضان هذا العام.
تعليقات الفيسبوك