تعاني مصر من أزمة في توافر العملة الصعبة تتفاقم بمرور الوقت.. ويبدو أن تلك الأزمة بدأت تطال سلعا أساسية مثل زيت الطعام الذي لم تتوافر منه كميات كافية لدى بقالي التموين خلال الفترة الماضية.
والزيت ليس السلعة الوحيدة التي عانى أصحاب البطاقات التموينية من نقصها خلال مؤخرا..ولكن الأرز أيضا وإن كان لأسباب أخرى غير متعلقة بالدولار، وإنما بإنتاج مصر الكثيف منه.
وبينما تُرجع وزارة التموين أسباب نقص الأرز إلى تفضيل الموردين لبيعه في السوق الحر بأسعار أعلى، فإن الموردين يقولون أن السبب هو عدم دفع الحكومة لمستحقاتهم.
أصوات مصرية تعرض أسباب غياب الزيت والأرز عن بيوت مستحقي الدعم التمويني.يقول المتحدث باسم وزارة التموين، محمود دياب، لأصوات مصرية، إن "العقبات التي واجهت المستوردين في فتح اعتمادات الاستيراد هي التي أعاقت استيراد الزيوت" مشيرا إلى أن الوزارة تدخلت مؤخرا لتيسير فتح تلك الاعتمادات.
ويعد قطاع زيوت الطعام من أكثر القطاعات حساسية لأزمة عدم إتاحة النقد الأجنبي في ظل الاعتماد القوي لمصر على استيراده، حيث تقدر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أن مصر تحتاج لاستيراد نحو 85% من احتياجاتها من الزيوت والدهون خلال العام المالي الحالي 2015-2016.
وتعاني مصر من أزمة عدم توافر النقد الأجنبي، بعد تراجع صافي احتياطاتها منه من نحو 36 مليار دولار قبل خمسة أعوام إلى 16.4 مليار دولار في يناير الماضي، وتسببت الأزمة في مصاعب في فتح الاعتمادات المستندية في البنوك، والمطلوبة لإتمام عملية الاستيراد.
ويتضح من آخر تقارير وزارة الزراعة الأمريكية عن سوق المحاصيل الزيتية بمصر، الصادر في فبراير 2015، بدء تأثير أزمة نقص الدولار على قطاع الزيوت منذ فترة غير قصيرة.فقد خفضت الوزارة تقديراتها لحجم الواردات المصرية لعام 2014-2015 من زيت عباد الشمس من 850 مليون طن إلى 810 مليون طن بسبب هذه الأزمة، كما توقعت واردات بنحو 800 مليون طن فقط في عام 2015-2016.
وبحسب تقرير الوزارة الامريكية، فإن الحكومة المصرية تعد المستورد الرئيسي لمحاصيل عباد الشمس لاستخدامها في زيت التموين المدعم.ولا يواجه الأرز نفس التحديات نظرا لإنتاج مصر الكثيف منه، فوفقا لتوقعات وزارة الزراعة الأمريكية من المفترض أن تنتج مصر في 2015-2016 نحو 4 ملايين طن من الأرز مقابل استيرادها لحوالي 25 ألف طن فقط.ولكن الإنتاج المصري من الأرز لعام 2015-2016 تعرض لخسائر بحسب تقرير للوزارة الأمريكية، صدر في يناير الماضي، والذي قال إن انتاجية العام تقل عن متوسط الإنتاجية في الخمس سنوات الأخيرة بنحو 4.3 مليون طن.
ويفسر التقرير ذلك بأنه "خلال أغسطس 2015 ارتفعت درجة الحرارة بأعلى من المعدل الطبيعي، حتى بالمقاييس المصرية، مما تسبب في خسائر بالمحاصيل خاصة الأرز".
إلا أن وزارة التموين المصرية تُرجع مشكلة نقص الأرز عند بقالي التموين إلى الموردين المحليين، حيث يقول المتحدث باسم الوزارة، لأصوات مصرية، "لقد تباطؤوا (الموردون) في توفير الأرز لأن الأسعار في السوق كانت مرتفعة (مما جعل تسويق الأرز في السوق الحر مغريا)، وعندما انخفضت الأسعار تحسنت التوريدات".
وفي المقابل يعارض رجب شحاتة، رئيس شعبة مضارب الأرز باتحاد الصناعات، تفسير وزارة التموين للأزمة، ويقول إن ضعف التوريدات يعود إلى تأخر الوزارة في سداد مستحقات موردي الأرز "هناك موردون لديهم متأخرت منذ نحو عام ونصف".
وأشار شحاتة إلى أن الوزارة اتفقت منذ حوالي أسبوعين مع موردي الأرز على تقديم 50% من تكلفة الشحنة عند الاتفاق عليها، و50% أخرى بعد التسليم في محاولة لكسب ثقة الموردين.
وتسعى الوزارة للتأكيد على أن أزمات نقص السلع التي شهدها المواطنون في الفترة الأخيرة سيتم تجاوزها خلال الفترة المقبلة، حيث يقول دياب إن الوزارة تسعى لتكوين احتياطي استراتيجي من الزيوت في محطة الزيوت بمنطقة المكس.
وقال أحمد حسانين، نائب رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية، المسؤولة عن توفير السلع لبقالي التموين، "بدأنا في ضخ 3000 طن يوميا من الزيوت (خلال الشهر الماضي) بزيادة 1000 طن عن الكميات المعتادة، للتعويض عن النقص في الفترة الماضية".
وأضاف حسانين، لأصوات مصرية، أن الحكومة لديها "تعاقدات تضمن توفير الزيوت الكافية لمنظومة الدعم "حتى شهر يوليو المقبل".
وأكد المتحدث باسم وزارة التموين أن أصحاب بطاقات التموين سيشهدون انفراجة مماثلة في توفير الأرز لدى بقالي التموين بعد أن تدفقت للوزارة كميات أكبر منه خلال الفترة الأخيرة.
إلا أن رئيس شعبة الأرز يرى أن مصداقية وزارة التموين في توفير مستحقات الموردين خلال الفترة المقبلة هي التي ستحدد مستقبل توفير أرز الدعم.
ولم تنكر وزارة التموين، في بياناتها الرسمية، عدم توافر أرز وزيت التموين خلال فبراير بالمعدلات المطلوبة، ولكنها تقدر أنها وفرت 75% من السلع التموينية المطلوبة حتى منتصف الشهر الماضي.بالإضافة إلى أنها تقول في بياناتها الرسمية إنها ستعوض المواطنين في مقررات تموين مارس عما كان ينقصهم في فبراير.
إلا أن الكميات الإضافية التي يفترض أن الوزارة تعاقدت عليها لم يشعر بقالو التموين بآثارها بعد "السلع التموينية المتاحة لنا خلال فترة استلام مقررات شهر مارس، والتي تبدأ من 20 فبراير، كانت أقل بكثير من الطلبات التي قدمناها" كما يقول محمد الشرقاوي، المتحدث باسم نقابة البقالين التموينيين المستقلة في الإسكندرية، وهو ما أكده أيضا ماجد نادي، المتحدث باسم النقابة العامة لبقالي التموين لأصوات مصرية.
تعليقات الفيسبوك