قال وزير البترول المصري إنه إذا لم تتم إعادة هيكلة منظومة دعم المواد البترولية في مصر بأسرع ما يمكن فستواجه البلاد أزمة اقتصادية بعد أن بلغ الدعم نحو 28 مليار جنيه خلال الربع الأول ومن المتوقع أن يتجاوز 120 مليار جنيه بنهاية 2012-2013.
وأبلغ أسامة كمال وزير البترول رويترز في مقابلة أن الحكومة تخلت عن فكرة توزيع اسطوانات البوتجاز (غاز الطهي) بالكوبونات التي كان من المنتظر تطبيقها خلال أيام وستعتمد على نظام البطاقات الذكية في توفير الدعم للمستحقين. لكنه لم يحدد موعدا لذلك.
وقال إن إصلاح منظومة الدعم لن يبدأ إلا بعد الانتهاء من الدراسات واجراء "حوار مجتمعي" بشأن القضية لم يحدد اطارا زمنيا له.
وتعتبر مسألة ترشيد الدعم الذي يمثل نحو ربع الإنفاق الحكومي حاسمة لحصول مصر على قرض عاجل بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لمساعدتها في سد العجز المتفاقم في الموازنة.
لكن الوزير شدد على أنه لا توجد صلة بين اصلاح الدعم ومساعي الحصول على قرض من صندوق النقد.
وقال كمال الذي يملك خبرة على مدار 30 عاما في الصناعات البترولية والغاز "لو لم يتم إعادة هيكلة منظومة دعم المواد البترولية بأسرع ما يمكن ستكون هناك مشكلة اقتصادية كبيرة وزيادة في عجز الموازنة."
وقال إن الحكومة قررت استخدام البطاقات الذكية دون غيرها في اطار مساعيها لتوصيل الدعم إلى مستحقيه.
وقال "هناك ثلاث طرق لإيصال الدعم لمستحقيه من الفقراء ومتوسطي الدخل هي الدعم النقدي ونظام الكوبونات ونظام البطاقات الذكية.
الدعم النقدي إذا طبق سيعمل على زيادة التضخم فورا بالاضافة إلى ان إيراداتنا حاليا لا تسمح به في الوقت الجاري."
وأضاف الوزير ان الكوبونات تتميز بأنها مطبوعة ولكن يسهل تزويرها أو بيعها أو فقدها "لذا تم استبعاد هذه الفكرة تماما."
وتابع قائلا "أما البطاقات الذكية فهي مطبقة في صرف المواد التموينية ولذا سنعتمد عليها في توزيع أسطوانات البوتاجاز وكذلك المواد البترولية مثل السولار وبنزين 80 و90 وبنزين 92 (اوكتين)."
وكان هشام قنديل رئيس الوزراء المصري قال لرويترز في مقابلة في مطلع سبتمبر أيلول إن الحكومة تعتزم توجيه دعم الطاقة على نحو أفضل عن طريق توزيع كوبونات أو بطاقات ذكية على الفقراء للحصول على اسطوانات الغاز بحلول منتصف أكتوبر تشرين الأول.
وتظهر البيانات الحكومية أن تضخم أسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 6.4 بالمئة في أغسطس الماضي مسجلا أدنى مستوى في ست سنوات بفعل زيادة بسيطة في أسعار الأغذية.
وأكد كمال أن من لا يملك بطاقة تموين سيتم اصدار بطاقة ذكية له "وستكون هناك مدة كافية لجميع المواطنين لتوفيق أوضاعهم حتى يستحقوا الدعم قبل تطبيق المنظومة الجديدة لإعادة ترشيد الدعم."
وقال الوزير خلال المقابلة التي جرت معه في مقر الوزارة بالقاهرة إنه عند ترشيد الدعم على البنزين "سيعتبر كل من يمتلك سيارة واحدة (بقوة محرك) أقل من 1600 سي سي مستحقا للدعم. وكل من يمتلك سيارة (تاريخ صنعها) قبل 1995 وسعتها أكبر من 1600 سي سي سيتم معاملته على أن (السيارة)أقل من 1600 سي سي."
وأضاف إن قائدي عربات التوك توك والميكروباص لابد من ان يكون لديهم ترخيص حتى يحصلوا على الدعم في المنظومة الجديدة وكذلك الفلاح لابد من اثبات حيازة زراعية وملكية جرار للحصول على الدعم.
وتستخدم قطاعات كبيرة من المواطنين في مصر التوك توك والميكروباص في التنقل بالأجرة.
وبسؤال الوزير عن الوقت المحدد للبدء في تنفيذ منظومة إعادة هيكلة دعم المواد البترولية قال "لم يتم تحديد أي موعد بعد. لا أستطيع توقع موعد محدد. القرار غير خاص بي. وهو غير مرتبط بتوقيت الانتخابات البرلمانية المقبلة أو تشكيل الدستور."
لكنه شدد على أن "كل يوم نتأخر فيه عن إعادة هيكلة الدعم (على المواد البترولية) هو نزيف لموارد الدولة."
وكان محللون أكدوا لرويترز إن الحكومة التي ستواجه انتخابات برلمانية في الأشهر القادمة تبدو قلقة بشأن المضي قدما في إجراءات تقشفية قد تثير غضب الناخبين.
وتسعى مصر للحصول على دعم للميزانية من حكومات أجنبية ومؤسسات مالية دولية لمساعدتها في سد عجز الميزانية البالغ 11 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي.
وقال الوزير "نحن ندعم السولار بنحو 50 مليار جنيه والبوتاجاز بنحو 20 مليار جنيه. إجمالي الدعم المعتمد في الميزانية الحالية للسنة المالية 2012-2013 يبلغ 70 مليار فقط."
وتابع قائلا "دعم المواد البترولية وفقا للمؤشرات المبدئية خلال الربع الاول من السنة المالية الجارية بلغ نحو 25-28 مليار جنيه. أتوقع أن يتجاوز الدعم 120 مليار جنيه بنهاية السنة المالية."
وبلغ الدعم الحكومي للمواد البترولية خلال السنة المالية الماضية نحو 115 مليار جنيه.
وبسؤال وزير البترول عن الغاء الدعم للصناعات كثيفة استهلاك الطاقة قال"رفعنا بالفعل الدعم عن أسعار الطاقة للمصانع كثيفة الاستهلاك بأثر رجعي من يناير الماضي. هذا الرفع سيوفر للدولة 11 مليار جنيه خلال 2012 ."
وأضاف "سيتم إعادة هيكلة أسعار الغاز الطبيعي للكهرباء(محطات الكهرباء). أما إعادة هيكلة أسعار الغاز الموصل للمنازل فلن يشعر بها أحد. أنت لن تتضرر كثيرا إذا دفعت عشرة جنيهات بدلا من ستة جنيهات خاصة انك تستخدمه في العديد من الأغراض."
وفيما يخص المفاوضات مع قطر والجزائر لإستيراد الغاز الطبيعي قال كمال "نعم هناك مفاوضات. ولكن لم نناقش بعد أي تفاصيل مالية. نسعى للاستيراد لتوفير الطاقة للاستثمارات المتوقعة في مصر."
وسعت الحكومة المصرية على مدى الأسابيع القليلة الماضية لاغراء المستثمرين والحصول على مساعدة حكومات أجنبية لدعم الاقتصاد الذي نما اثنين بالمئة فحسب منذ الانتفاضة الشعبية العام الماضي. وحصلت مصر حتى الان على وعود بمليارات الدولارات.
وقال الوزير إن مصر لم تصدر أي كميات من الغاز الطبيعي للخارج منذ مارس اذار الماضي"نحن لا نملك ما يغطي احتياجات الدولة حتى نصدر."
وذكر كمال ان وزارته لا تفكر حاليا في طرح عام لأي من شركاتها في البورصة خلال المرحلة الحالية.
تعليقات الفيسبوك