كتب: محمد البعلي
قال الدكتور عماد جاد، رئيس مجلس إدارة قناة "التحرير" الفضائية المصرية والكاتب الصحفي، إنه لا يتصور أن تنجح أي محاولة لتكميم وسائل الإعلام في مصر بعدما شهدت البلاد ثورتين خلال أقل من ثلاث أعوام.
وقال جاد في مقابلة مع "أصوات مصرية" إن هناك ضغوطا وتحديات يواجهها الإعلام المصري حاليا تتمثل أولا في قطاعات من الرأي العام التي أصبحت تضيق ذرعا بنقد السلطة، وثانيا في بعض وسائل الإعلام التي بدأت تضبط خطابها الناقد للنظام بسبب الظروف التي تمر بها الدولة المصرية.
وتواجه مصر منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي مطلع يوليو الماضي اضطرابات وعمليات عنف وتفجيرات سقط فيها المئات من مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي ومن رجال الجيش والشرطة، كما قبض على الآلاف من المعارضين.
وتتهم السلطات المصرية جماعة الإخوان بالوقوف وراء العمليات الإرهابية التي استهدفت منشآت حكومية وعاملين بالشرطة والجيش.
وقال جاد إنه يشعر بالقلق أيضا مما سماه "ظاهرة خطرة" تتمثل في تقديس بعض المسؤولين إلى الحد الذي وصل ببعض رجال الدين إلى "مساواتهم بالرسل".
ونقلت وسائل إعلام عن الدكتور سعد الدين الهلالي، رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن الله بعث المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية "رسولين" لحماية الدين.
وأضاف د.عماد جاد "شفنا حفلات طبل وزمر لوزير الدفاع وأرى أنها لا تليق".
وينظر كثيرون في مصر إلى وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي باعتباره الرجل القوي في الحكومة الحالية، ويعتبر البعض أن تدخله للإطاحة بمرسي جنب البلاد مخاطر الحرب الأهلية.
وأوضح جاد أنه لا يرى قيودا على حرية الإعلام بعد المظاهرات الحاشدة التي مهدت للإطاحة بمرسي في 30 يونيو.
وقال "إن البعض يرى أن غلق عدد من القنوات الدينية (بعد الإطاحة بمرسي) يعد تضييقا على الإعلام، والبعض الآخر يراه منعا للتحريض الذي كانت تقوم به هذه القنوات".
وأضاف أن الوضع بعد 30 يونيو (2013) مازال ملتبسا بشأن حدود حرية الإعلام سواء بسبب ضيق قطاعات من المواطنين بالنقد الموجه للحكومة أو طبيعة النظام الانتقالي.
وتوقع عماد جاد أن يتم إرساء قواعد لترسيخ حرية الإعلام في مصر بعد انتخاب رئيس جديد للبلاد ومجلس تشريعي جديد وتحويل المواد المقرة في الدستور بشأن الإعلام إلى قوانين.
وأقر المصريون تعديلات واسعة على دستور البلاد في يناير الماضي، ومن المتوقع أن تجري الانتخابات الرئاسية في مصر خلال شهرين وأن تعقبها الانتخابات التشريعية خلال أشهر قليلة.
وقال جاد إن الدستور يحتوي موادا عديدة ذات محتوى إيجابي لحرية الإعلام في مصر مثل إلغاء وزارة الإعلام وتأسيس مفوضية للإعلام بالبلاد.
وأضاف أن تحويل مثل هذه المواد إلى قوانين وتطبيق محتواها سيكون جزءا من خطوات مصر للوصل إلى نظام ديمقراطي حقيقي.
وقال جاد إن قطاع الإعلام من جانبه يعمل لتقوية آليات حماية حريته.
وأشار إلى تأسيس غرفة الإعلام المرئي والمسموع باتحاد الصناعات المصرية بداية العام الجاري بمشاركة ملاك عدد من القنوات التلفزيونية كجزء من محاولات التنظيم الذاتي للإعلام.
وتأسست الغرفة مطلع العام الحالي ويجب أن توافق الحكومة على تشكيل مجلس إدارتها بعد أن يتم انتخابه من أعضاء الغرفة.
وأضاف أن هناك عدة قنوات حصلت مؤخرا على ترددات على موجات إذاعةFM التي كانت تحتكرها الدولة من قبل ما سيضيف إلى مساحة حرية الإعلام في البلاد.
وتعليقا على بث مكالمات خاصة مسجلة بشكل غير قانوني لنشطاء وسياسيين عبر قنوات تلفزيونية قال إن مبدأ حرمة الحياة الخاصة يجب ترسيخه في مصر.
وأضاف أن هناك جهود واتصالات لوضع ميثاق شرف للإعلام المرئي والمسموع، وإن الإعلام المطبوع لديه مثل هذا الميثاق الذي تتابع تنفيذه نقابة الصحفيين المصرية.
وجاد عضو بنقابة الصحفيين ويشغل حاليا منصب نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وهو مركز تابع لمؤسسة الأهرام التي تصدر إحدى أكبر الصحف الحكومية.
وقال عماد جاد إنه شارك مؤخرا في اجتماع عقد بمقر رئاسة الجمهورية لبحث وضع ميثاق شرف للإعلام المرئي والمسموع، وإنه يعتقد أن "الغرفة" يمكن أن تلعب دورا في هذا الإطار.
وأضاف جاد أن مسألة التسريبات لها جانب آخر متمثل في الترحيب بها من جانب قطاعات من الرأي العام خاصة عندما تمس شخصيات كان لها دور في وقت حكم الإخوان.
وكان جاد يشير إلى العام الذي حكم فيه مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان.
وقال عماد جاد إنه يرى أن مواجهة مثل هذه التجاوزات يتم باستكمال بناء باقي مؤسسات الدولة والإسراع بانتخاب رئيس وبرلمان جديدين يعملان على تشريع وحماية الحقوق والحريات المقرة في الدستور.
تعليقات الفيسبوك