رسوم كارتونية لفأر بأذنين مستديرتين وعينين خضراوين تزين واجهات المحال وجدران الأضرحة على طريق متعرج يؤدي إلى منطقة مقابر بالقاهرة حيث يعيش آلاف المصريين بين شواهد القبور.
وقالت وكالة رويترز إن هذا الطريق يؤدي إلى مجمع السلطان الأشرف قايتباي الذي أنشئ في القرن الخامس عشر ويضم مسجدا ومدرسة وبقايا سبيل مياه والمدرج على قائمة لمواقع التراث العالمي الخاصة بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو). وقد عاد هذا المجمع مؤخرا إلى سابق عهده كمركز محلي للفنون.
واضافت انه في فناء مجاور للمجمع حيث كان أولاد من أهل المنطقة يلعبون كرة القدم كان أحد الجدران مزينا برسم للفأر الكارتوني (فرانكي) وهو يمسك بسلسلة حديدية في نهايتها طوق حول رقبة قط فرعوني.
وأضفت الأعمال الفنية المعاصرة -بحسب رويترز- روحا جديدة مفعمة بالحياة والألوان الزاهية للمنطقة المعروفة باسم "قرافة (مقابر) المماليك" التي كان يغطيها اللون الرمادي في السابق.
وهذه الأعمال جزء من مشروع قائم ترأسه المهندسة المعمارية البولندية أنيسكا دوبروفولسكا ويحمل عنوان "الداخل الخارجي: فن الإدماج".
وقالت دوبروفولسكا لرويترز "ما نريد أن نقوم به هو خلط التراث القديم وعادات هذا المكان على وجه الخصوص بفن معاصر خلاق ومع مناسبات ثقافية متنوعة لتعزيز التنوع. القديم يلتقي الحديث.. الموت والحياة يجتمعان سويا في مدينة الموتى حيث يمكننا تغيير الأفكار والثقافة بين الشرق والغرب."
وتطور الأمر من مجرد مشروع للحفاظ على المجمع ليصبح مبادرة لدعوة الفنانين حول العالم للتعرف على المنطقة وتنفيذ أعمال فنية مستوحاة من الثقافة المحلية. والاتحاد الأوروبي هو الممول الرئيسي لهذا لمشروع.
وحتى الآن نفذ فنانون لوحات جدارية ولوحات بالفسيفساء وتماثيل ورسوم جرافيتي وقدموا أيضا عروضا فنية مباشرة. والفأر فرانكي من إبداع رسام جرافيتي بولندي يستخدم اسما مستعارا هو فرانيك ميشا.
قالت دوبروفولسكا: "هؤلاء الفنانون في نظر سكان المنطقة أشخاص غريبو الأطوار جاءوا إلى هنا لأداء شيء غير معتاد. لكن عندما عملوا هنا في الشارع كانت تأتيهم باستمرار أكواب الشاي والكعك المصنوع في المنازل لأنهم يعملون (في الخارج). وهم يشركون الأطفال ويحاولون أن يسهموا بأي طريقة مستطاعة."
وطلبت فنانة بريطانية من الأطفال صنع أشياء من الطين الصلصال يودون أن ترافقهم في رحلة طويلة. وعرضت ما قاموا بصنعه من ثعابين وتماسيح وقطط إلى جانب أعمالها.
وعاشت بعض العائلات على مدى ثلاثة أجيال أو أكثر في منطقة المقابر بعيدا عن صخب القاهرة التي يعيش فيها 20 مليون نسمة. ويعيش بين سكان المنطقة حرفيون تقليديون تباع أعمالهم في سوق خان الخليلي السياحي.
وقال صاحب ورشة سمكرة وطلاء يدعى محمد العسال "هو أولاً عندنا هنا في المنطقة الناس فرحت. يعني هي تطورات غيرت ملامح المنطقة. غيروا الملامح بتاعتها."
وعمل العسال مع فنانة هولندية على رسم بالإستنسل (برسوم مفرغة) لصور ظلية لأطفال.
وقال إن الرسوم مهمة لنمو الأطفال مضيفا أن أطفال المنطقة لا يعبثون بالأعمال الفنية وحريصون على عدم تشويهها أو تدميرها.
وقال بعض السكان إنهم يأملون أن تسهم هذه الأعمال الفنية في جذب السائحين والزائرين للمنطقة.
وتعاني السياحة التي كانت مصدرا مهما للدخل في مصر منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011 وتلاها سنوات اتسمت بالاضطرابات.
وقال سامح وهو صاحب كشك مطلي عليه رسم الفأر فرانكي "هما (الفنانون) جم (جاءوا) قالوا لنا هنرسم ديكور عشان خاطر الجامع والسياحة والكلام ده قلنا لهم ارسموا."
وأضاف أن "(الفنانين) نضفوا المكان... (وصنعوا) حاجات حلوة.. جميلة جدا."
تعليقات الفيسبوك