يترقب المصريون عودة منتخب كرة القدم إلى المنافسة في بطولة الأمم الأفريقية، في منتصف الشهر الجاري، بعد غياب استمر لنحو 6 سنوات، لكنهم سيكونون مضطرين لمتابعة المباريات عبر اشتراكات في القنوات المحتكرة لحقوق البث.
ورغم أن ذلك لن يغير شيئا بالنسبة لمشاهدي تلك البطولة، فقد اندلعت أزمة بين الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) وجهاز حماية المنافسة بسبب حقوق بثها، وهو نوع من المنازعات يتجدد قبل كل بطولة أمم أفريقية منذ بدأ نظام بيع الحقوق الحصرية لبث المباريات.
بدأت الأزمة بعدما أعلن جهاز حماية المنافسة، يوم الأربعاء الماضي، أنه أحال رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، عيسى حياتو، إلى النيابة العامة بسبب بيعه لحقوق بث بطولة أفريقيا لشركة لاجاردير سبورتس الفرنسية، دون طرحها على شركات أخرى.
ونفى الاتحاد الأفريقي لكرة القدم هذا الاتهام، وقال في بيان له يوم الخميس الماضي إن لجنته التنفيذية اختارت الشركة الفرنسية بعد تقييم العروض المختلفة التي تم تقديمها، وبما يتفق بشدة مع المعايير التعاقدية المتبعة بالاتحاد.
لكن جهاز حماية المنافسة يستند في إحالته لحياتو إلى النيابة لاتفاقية المقر الموقعة بين مصر و"الكاف"، التي تلزم الاتحاد بالخضوع للقوانين المصرية، والتي يرى الجهاز أنه اخترقها، بينما يؤكد الاتحاد عدم خرقه لأي قوانين محلية أو دولية.
من صاحب الحق؟
"هذه الأزمة هي الأولى من نوعها بين الاتحاد وجهاز حماية المنافسة، فالخلاف حول حقوق بث مباريات البطولة الأفريقية كان دائما بين اتحاد الإذاعة والتلفزيون والشركة التي تحصل على حقوق تسويق البطولة"، كما يقول أستاذ التشريعات الرياضية بالجامعة الأمريكية بالإمارات، محمد فضل الله.
ويضيف فضل الله، في إجابته على تساؤل أصوات مصرية حول حق مصر في الاعتراض، أن من حقها الاعتراض لأنه وفقا للمادة الثانية من اتفاقية المقر بين مصر والكاف، فإن الاتحاد خاضع لقوانين الدولة المصرية.
ويضيف فضل الله أن الكاف عليه الالتزام بقوانين الدولة وأنه في هذه الحالة خالف قانون حماية المنافسة المصري، لأن التعاقد مع الشركة الفرنسية تم بالأمر المباشر، وهو أمر لا يحقق الاستفادة المالية القصوى للاتحاد.
لكن الكاف ينفي الأمر ويقول إنه وافق على تجديد التعاقد مع الشركة للفترة من 2017 إلى 2028، لأنه بذلك يضمن زيادة ملحوظة في العوائد وتمويل ملائم لتطوير كرة القدم في القارة.
ويضمن الاتفاق الذي وقعه الكاف، حصول الشركة الفرنسية على حقوق بث وتسويق عدة بطولات أفريقية ستقام خلال الفترة من 2017 إلى 2028 بقيمة تصل إلى مليار دولار، وفقا لبيان سابق للكاف.
وبعد حصولها على هذا الحق قامت الشركة الفرنسية ببيعه لقناة بي إن سبورتس القطرية.
ويقول فضل الله إن الاتحاد عليه أن يراعي الدول المشاركة في بطولاته المختلفة، لأنه عندما يبيع حقوق بث المباريات بمبالغ كبيرة نسبيا، لا تقدر أغلب الدول الأفريقية عليها.
وقال جهاز حماية المنافسة في بيان صحفي أصدره أمس إن على الكاف الالتزام بإلغاء تعاقده المتعلق ببيع حقوق البث مع الشركة الفرنسية في السوق المصري، وما ينتجه من آثار داخل نطاق جمهورية مصر العربية، لمخالفته نصوص قانون حماية المنافسة.
يقترح فضل الله في حال عدم الوصول لنتيجة مرضية للطرفين، أن تلجأ مصر للمحكمة الرياضية الدولية لحل هذا النزاع، "لكن الأمر ليس سهلا لأن النزاع أمام المحكمة يطول".
أزمة جديدة قديمة
ومع معرفة كرة القدم الأفريقية لعالم التسويق وبيع حقوق البث الإعلامي بشكل حصري، أصبح المصريون يترقبون أزمة حقوق بث المباريات، قبل كل بطولة يكون فيها المنتخب المصري مشاركا.
فقبل بطولة الأمم الأفريقية عام 2004، حاول اتحاد الإذاعة والتلفزيون الحصول على شارة بث البطولة نظرا لمشاركة المنتخب المصري وقتها، إلا أنه فشل لأن إشارة البث كانت قد بيعت لقناة ART الرياضية وقتها.
وهددت تلك الأزمة بعدم إذاعة مباريات منتخب مصر على التلفزيون المصري في ذلك الوقت، لكن قبل بدء البطولة بأيام قليلة نجح التلفزيون في شراء حقوق بث مباريات المنتخب أرضيا، ولكن مصحوبا بتعليق باللغة الفرنسية، لتنتهي الأزمة ويشاهد المصريون جميع مباريات المنتخب مصحوبة بمعلق يتحدث الفرنسية.
2010 هدية من قطر
قبل بطولة الأمم الأفريقية 2010، حدث سجال واسع بين التلفزيون المصري وإدارة قناة الجزيرة الرياضية القطرية (بي إن سبورتس حاليا)، بعدما فشلت المفاوضات بينهما للتوصل لاتفاق حول بث مباريات المنتخب المصري في البطولة التي تملك القناة القطرية حقوق بثها حصريا.
واتهم التلفزيون المصري وقتها القناة القطرية بالمغالاة بشأن المبلغ الذي طلبته لحصول التلفزيون المصري على إشارة البث.
وأنهت الجزيرة الرياضية هذا الجدل بإعلانها بث مباريات المنتخبات العربية المشاركة في البطولة، وهي مصر وتونس والجزائر، على قناتها المفتوحة، وهو ما مكن المصريين من مشاهدة مباريات البطولة لنهايتها نظرا لتتويج المنتخب المصري بها.
ولم تشهد بطولة الأمم الأفريقية في نسخها التالية أية مشكلات نظرا لعدم تأهل مصر لهذه البطولات والتي أقيمت أعوام 2012 و2013 و2015.
تعليقات الفيسبوك