يقدّمُ فيلم "هدية من الماضي 20سبتمبر" حكايةً مفعمةً بشحنةٍ عاطفية وإنسانية لا حدودَ لها، من خلال رحلةِ الأب (د.مختار يونس) للقاءِ حبيبته (باتريسيا) أيامَ الشباب، بعدما قررت ابنته (كوثر) أن تهديه تذكرةَ سفرٍ لإيطاليا في يوم ميلاده الـ75، حيث درسَ وعاش قصة حب لم تبرح فؤادَه يوماً.
ويعرض فيلم "هدية من الماضي 20سبتمبر" في سينما زاوية بوسط القاهرة، كانت شركة "أفلام مصر العالمية (يوسف شاهين)" أطلقت في مارس 2014 مبادرة زاوية بسينما أوديون لتكون أول دار عرض للسينما البديلة في مصر، وينقسم برنامج زاوية ما بين عروض سينمائية ومختارات سينمائية عديدة من دول مختلفة، منها أفلام قصيرة وتسجيلية وروائية وتجريبية.
الرحلةُ تمرّ بمعوقاتٍ وتحديات تزيد العمل تشويقاً، فالحبيبة باتريسيا غيرت مسكنها منذ عشرين عاماً ما أصاب الرجل وابنته بالإحباط لكنّهما استمرا في البحث عنها، وصولا إلى لحظة اللقاء التي تختزل عمراً من الغياب، لتؤكدَ أن الحب لا يشيب بل يحفرُ مساحتَه في القلب والذاكرة بسكونٍ متأهبٍ للتوهّج في أي لحظة.
الفيلمُ وثائقيُّ درامي، تنعطف أحداثه بين قوة الدراما وخفة الكوميديا ما يجعله جاذبا طوال مدة العرض الذي يتكئ في مجمله على إنسانية الحكاية وبساطتها، إلى جانب أداء د.مختار يونس الذي يفيض بالحيوية والحقيقة.
مختار يونس هو أستاذ في معهد السينما، وربّ أسرة أثمرت شابتين إحداهما كوثر –مخرجة العمل- إلا أن مشاغلَ الحياة وأعباءَها لم يثقلا كاهله بدليلِ الطاقة والحماس اللذين يتمتع بهما، وفكاهته التي تملأ العمل بالمتعة والغنى، كما أن علاقته مع ابنته وما يغلفها من انفتاح وحوار وصراحة أضفت مزيدا من الجمال.
اعتمد الفيلم على إمكاناتٍ تقنية بسيطة، قوامُها كاميرا آيفون، وكاميرا نظارة وأخرى لابتوب، استخدمتها المخرجة كوثر يونس جميعها، حسب قولها لأصوات مصرية، مشيرة إلى أن الفيلم هو مشروع التخرج التسجيلي لها في معهد السينما، أنتجته بجهود ذاتية.
وأضافت أن رحلة البحث عن الحبيبة باتريسيا استغرقت من يوليو إلى أكتوبر عام 2013.
وتوضح كوثر يونس أن الوالد قبل عرض السفر معتبرا –على سبيل الفكاهة- أن لقاء حبيبته واجبٌ قومي ليغير الصورة الشائعة عن الشبان المصريين بأنهم يسافرون و"يعلقون" بناتِ الغرب بقصصِ حبّ تنتهي فور عودتهم لبلدهم.
أدواتُها البسيطة لم تؤثر على سحر الفيلم الذي يثبت أن السينما هي الحكاية، الحكايةُ أولاً.. ثم التقنيات، فبقدر ما تلامس الحكاية إنسانيتنا وتحاكي الوجدان والروح بقدر ما تحقق غايتها وتترك أثراً لا يغيب.
استضاف مهرجان القاهرة السينمائي 2015 عرض الفيلم الأول ليجول بعدها مهرجاناتٍ عدة في مصر والعالم، منها مهرجان برلين للفيلم العربي 2016، مهرجان باتموس في اليونان 2016، مهرجان بروكسيل لسينما البحر المتوسط في بلجيكا 2016، مهرجان سراييفو في البوسنة 2016، مهرجان الفيلم الوثائقي "فيدادوك" في مدينة أغادير بالمغرب حيث حصد فيه الفيلم جائزة الجمهور، كما نال جائزة من شركة "أفلام مصر العربية" وهي منحة يوسف شاهين لإنتاج الفيلم القادم.
من يتابع فيلم "هدية من الماضي 20 سبتمبر" يبقى في حالة ترقب وانتظار لحين لقاء الدكتور مختار بحبيبته باتريسيا الذي كان طبيعياً وعفوياً بقدر ما هو مؤثرٌ وصادق.
"فارسي العربي".. هكذا تخاطبه باتريسيا، مؤكدةً أنّ لقاءهما هذا قد أكمل دائرةَ حياتِها التي كانت ناقصةً منذ رحيله عنها، فيما أخبرها هو أنها "ستظل في نفس المكان في قلبه".
ينتهي اللقاء ثم يعود الحبيب برفقة ابنته التي تركّز عدستَها نهايةَ الفيلم على عينيه الفائضتين بدمعةٍ تأبى النزول وغفوة يقاومها كي لاتسرقه من حلم انتظره 33 عاماً.
تعليقات الفيسبوك