المرأة لم تكن دوماً خلف الستار على عكس ما هو شائع، بل إن كثيرات منهن استطعن شق طريقهن ببراعة مبدع.ويؤكد علماء اجتماع أن تعزيز حقوق المرأة مسؤولية على حواء مثلما هي على الرجل، وأن المرأة مثلها مثل الرجل لديها ما يؤهلها للنجاح ما أعطيت الفرصة لذلك، وقد يحدث العكس اذا تعرضتلقهر أسري أو مجتمعي يحرمها من التعليم أو يزوجها صغيرة مثلا.
يقول على عبد الرازق الجلبي أستاذ علم الاجتماع بجامعة الاسكندرية، "المرأة تستطيع فعل المستحيل، والعقبة الأساسية التي تقابلها في مجتمعنا هي الموروث الثقافي، وهي ثقافة ذكورية تعطي سيادة للرجل تعيق مسيرة المرأة لتحقيق هدفها.ورغم أننا نشتهر بمقولة المرأة نصف المجتمع، الا اننا لا نُطبِّق ذلك، فنرى في الصعيد مثلا يحرمون الأنثى من ميراثها".
ويتابع أستاذ علم الاجتماع بقوله"ما يزيد المشكلة تعقيداً أن المتعلمين وأصحاب المهن الرفيعة نجدهم يؤمنون أيضا بتلك الأفكار، ويجب ألا يلام الرجل بمفرده، لأن المرأة الحالية تساهم في إعادة انتاج الثقافة الذكورية، بتربيتها لابنها على تلك الثقافة التي تشتكي منها في الاساس.الحل في يد المرأة نفسها، يجب أن تراعي ذلك في تربيتها لأولادها."
مقارنة إقليمية
يعضد ذلك رأيآخر يرى أن انجازات المرأة المصرية رغم كثرتها فما زالت مكاسبها أقل من دول مجاورة، وتقول سهير لطفي أستاذ الاجتماع بالمركز القومي للبحوث"للأسف بداية من النشأةيهتم المجتمع بالذكور على حساب الإناث، نجد لدى البعض تقاليد توقف دور المرأة وتنميتها بتزويج الفتيات قاصرات، ولو لم تحدث ضغوط أسرية لاستطاعت المرأة النجاح في أصعب المهن".
وتتابع سهير لطفي بقولها"احتفلت وسائل الإعلام بدخول البرلمان المصري 80 سيدة، لكن مقارنة بعدد الرجال الزائد عن خمسمائة، سنجده ضئيلا جداً، أيضاًمقارنة بالأردن والسودان ودول أخرى، نجد أننا ولا شيء في الاهتمام بالمرأة."
ولكن ثمة بريق أمل تبرزه سهير لطفي في حديثها إذ تقول:"لا يمكن أن نغفل أن المرأة كما هي ضحية قد تكون جلاداً، لأنها قد تنشيء ابنها على عدم احترام النساء مثلا. مؤخرا أخذت المرأة حقها في حقول كثيرةـ كالعمل والعلم، ولو عايزه تتطلق أو تتخلع هيحصل."
المصرية امرأة "جدعة"
أمثلة أخرى تضربهانادية أمين، المحامية بالمجلس القومي للمرأة، وتدلل من خلالها على أن المرأة المصرية صلبة، تستطيع في أحلك الظروف رعاية أسرتها،وتقول"غالباً تقابلني في الدعاوى القضائية المتعلقة بالمرأة، نماذج مشرقة تعاني الأمرين،إلا أنها ورغم ذلك تكابر وتعاند مع الحياة وتنجح وتربي أولادها. من هذه النماذج امرأة هرب زوجها،وتركها وستة أبناء، لم تكن لتجد قوت يومها فعملت في الخدمة بالمنازل لأيام وفي أيام أخرى تورد الخضار من الوكالة لصغار التجار بمنطقة سكنها، ومن هامش الربح تصرف على أبنائها حتى كبروا وكان منهم المحامي والمعلمة".
وتضيف نادية أمين أن المرأة المصرية امرأة "جدعة" قد تضطرها الظروف إلى مساعدة زوجها فلا تتخلى عنه حتى في أحلك الأوقات، وتضرب المحامية بالمجلس القومي مثالا على ذلك فتقول:"صادفت في القضايا التي تعاملت معها امرأة كان زوجها يتعاطى مخدرات (دواء الكحة)، حاولت معاجلته كثيراً والوقوف بجواره، إلا أنه كان يهرب من المستشفى. كانت تترك بناتها وتعمل في المنازل لتصرف وتعالج الزوج المدمن، علماً بأنها كانت تخشى على بناتها من الجلوس مع أبيهم بمفردهن خشية أن يعتدي عليهن". وتضيف أنه "لم ينصلح حاله إلا بتهديده عن طريق المجلس القومي للمرأة وبأننا نستطيع خلع تلك السيدة خاصة وأنها تمتلك أدلة إدانة ضده تثبت تعاطيه للمخدرات."
وتستطرد نادية"أصادف أحياناً طبيبات ومهندسات، ومع وجود زوج مثبط يضربهن ويهينهن، لا يعمل ويترك المسؤولية كاملة على عاتق المرأة، صادفتني حالةمنذ خمسة عشر عاما متزوجة يهينها زوجها، ولا تريد الطلاق أو الخلع خوفا من نظرة المجتمع وتتحمل مرار وجوده حتى لا تكتسب لقب "مطلقة" هؤلاء يحتجن لتحرير أنفسهن والنظر إلى غيرهن من النسوة البسيطات اللاتي استطعن إثبات أنفسهن بأقل الإمكانيات".
كل تلك القصص وغيرها تؤكد أن نون النسوة يمكن أن تحل محل كل الحروف وتحقق المستحيل.
تعليقات الفيسبوك