قالت بنوك استثمار عاملة في السوق المصري إن الزيادة الكبيرة في احتياطي النقد الأجنبي، التي أعلنها البنك المركزي اليوم الإثنين، في وقت مبكر من الشهر، تزيد من التكهنات باتجاهه قريبا لتخفيض قيمة الجنيه، لكنها اختلفت في تحديد مصدر تلك الزيادة.
وأعلن المركزي اليوم عن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لديه بنحو 3 مليارات دولار في نهاية سبتمبر، مقارنة بشهر أغسطس، ليصل إلى 19.59 مليار دولار، وهو أعلى مستوى له منذ أبريل من العام الماضي، عندما استقبلت مصر نحو 5 مليارات دولار ودائعا وقروضا بعد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي.
واعتبر بنك استثمار برايم، في تعليق له اليوم أن الزيادة في الاحتياطي النقدي، التي بلغت 18.3%، جاءت أعلى من المتوقع، حيث كانت تقديراته تشير لوصول الاحتياطي إلى 17.5 مليار دولار بنهاية سبتمبر.
وقال هاني جنينة، رئيس قسم البحوث في بنك استثمار بلتون فاينانشال، إن ارتفاع الاحتياطي يرجع إلى استلام مصر الشريحة الأولى من قرض البنك الدولي البالغة مليار دولار، بالإضافة لتسلم مليار أخرى من الوديعة إماراتية، لكنه لم يعرف مصدر المليار الثالثة التي حصل عليها المركزي.
واتفق بنكا استثمار أرقام كابيتال الإماراتي وبرايم، مع جنينة على المليار دولار القادمة من البنك الدولي، بينما لم يتفقوا على مصدر المليارين الآخرين.
فقالت ريهام الدسوقي، كبيرة محللي الاقتصاد في أرقام كابيتال، إن المليارين الآخرين قد يكونا من السعودية والصين.
وكان وزير المالية عمرو الجارحي قال في تصريحات صحفية الشهر الماضي، إن مصر تجري مفاوضات مع السعودية للحصول على دعم مالي في صورة وديعة قيمتها بين مليارين وثلاثة مليارات دولار، كما أن نائبه أحمد كوجك قال إن مفاوضات تجري أيضا مع الصين للحصول على تمويل بقيمة 2 مليار دولار، لكن لم يتم الإعلان رسميا حتى الآن عن وصول أي من هذه المبالغ إلى مصر.
أما بنك استثمار برايم، فقال إن المليارين الإضافيين "مصدرهما محل تساؤل" خاصة في غياب أي تصريحات رسمية بخصوص الحصول على أي من القروض والتسهيلات المالية المتوقع دخولها في الفترة المقبلة، مثل القرض الصيني، والقرض السعودي، والشريحة الثانية من قرض بنك التنمية الأفريقي.
وقال جنينة إن إعلان المركزي عن الاحتياطي في وقت مبكر من الشهر على غير عادته قد يكون الغرض منه محاولة السيطرة على السوق السوداء وتوجيه "صدمة للمضاربين".
واتفقت ريهام الدسوقي مع هذا التحليل، قائلة إن البنك المركزي يحاول الحد من الارتفاعات الكبيرة التي شهدها الدولار في الأيام الأخيرة من خلال الإعلان عن زيادة الاحتياطي برقم كبير.
وقفز سعر الدولار في السوق السوداء إلى ما بين 13.80 و14 جنيها، مقابل السعر الرسمي البالغ 8.88 جنيه في البنوك، بحسب ما قاله متعاملون لوكالة رويترز اليوم.
وتوقع جنينة استجابة من السوق السوداء والمضاربين كرد فعل للزيادة في الاحتياطي مع انتشار الخبر في وسائل الإعلام.
وقال جنينة إن ارتفاع الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي "خبر جيد ويتماشي مع توقعاتنا باقتراب تعويم الجنيه، حيث يقربنا من الرقم المستهدف من البنك المركزي للاحتياطي بوصوله لمستوى 25 مليار دولار لاتخاذ قرار التعويم".
ووضع جنينة، في مذكرة بحثية أصدرتها بلتون فاينانشال أمس، جدولا زمنيا متوقعا لتنفيذ عملية تعويم الجنيه، يتضمن سيناريوهين الأول التعويم الكامل للجنيه، والثاني خفضه من خلال طرح عطاء استثنائي لبيع الدولار، يعلن بالتزامن معه تحول مصر لنظام سعر صرف أكثر مرونة، على أن ينتقل المركزي للتعويم الكامل بعد ذلك في غضون أسبوعين أو ثلاثة أسابيع على الأكثر.
وتوقع بلتون فاينانشال أن يرتفع الاحتياطي النقدي إلى ما بين ٢٥ و٣٢ مليار دولار بحلول 6 نوفمبر مع حصول مصر على ما بين مليار وملياري دولار من الصين وملياري دولار أخرى من السعودية، بالإضافة إلى استلام الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي، وحصيلة طرح سندات دولارية بما يتراوح بين 3 و5 مليارات دولار في السوق الدولية.
وتوقع جنينة أن يصل سعر الدولار بعد التعويم إلى 11.5 أو 12.5 جنيه.
وتوصلت مصر الشهر الماضي لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، على مستوى الخبراء للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار خلال 3 سنوات، وذلك مقابل التزامها بتنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي أحد بنوده تخفيض سعر العملة لتعكس قيمتها الحقيقية.
وكان بنك استثمار برايم قد قال في مذكرة بحثية أطلقها صباح اليوم، قبل الإعلان المبكر للاحتياطي، إن "الوقت الحالي ليس مناسبا لقرار تعويم الجنيه" متوقعا أن تتم تلك الخطوة في منتصف نوفمبر المقبل.
واعتبرت مذكرة برايم، التي حصلت أصوات مصرية على نسخة منها، أن توقيت تعويم الجنيه مرتبط بتأمين ما يكفي من العملة الصعبة لتغطية واردات مصر لأربعة أشهر على الأقل، والتي قدرتها بنحو 20 مليار دولار، وتوقعت أن يتم توفير هذا المبلغ ما بين منتصف ونهاية الشهر الجاري.
لكن محللة الاقتصاد الكلي في برايم قالت لأصوات مصرية، بعد الإعلان عن الأرقام الجديدة لاحتياطي النقد الأجنبي، إنه أصبح ممكنا أن يتخذ قرار تعويم الجنيه في موعد أقرب مما توقعناه سابقا، نظرا لأننا نربط تقديرنا للتوقيت بحيازة البنك المركزي ما يكفي من العملة الصعبة لتحمل آثار عملية التعويم.
تعليقات الفيسبوك