يبتكر مهربو البشر إلى إيطاليا حيلا جديدة كل يوم من أجل شراء مراكب الصيد من مالكيها لاستخدامها في الهجرات غير الشرعية دون أن يعبأوا بدفع ما يزيد على نصف أو حتى ضعف ثمنها لأنهم يربحون الكثير من المتاجرة بأرواح المهاجرين غير الشرعيين.
الطرق التي يبتكرها المهربون من أجل شراء مراكب الصيد تعددت منها الشراء بعقود رسمية أو شراء المركب بعرض البحر أثناء رحلة الصيد أو الشراء عبر وسيط بعقد ابتدائي صوري دون تسجيل رسمي.
أصحاب مراكب صيد تعمل في عرض البحر لمدد طويلة تصل ما بين 10 أيام إلى شهر، التقتهم أصوات مصرية بعزبة البرج دمياط، وتحدثوا عن الطرق التي يبتكرها المهربون لشراء المراكب من أصحابها واستخدامها في رحلات الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط.
وتمكنت الأجهزة الأمنية بالبحيرة من إلقاء القبض على المدعو (علي) من محافظة دمياط وهو المالك لمركب الهجرة غير الشرعية الغارق الأربعاء الماضي في مياه البحر المتوسط قبالة قرية برج رشيد بالبحيرة وكان على متنه 600 مهاجر إلى إيطاليا.
ويبلغ عدد مصانع المراكب بعزبة البرج 10 مصانع فيما يبلغ عدد المراكب 2600 مركب حسب احصائيات النقابة العامة للصيادين بالعزبة.
وتعد محافظات دمياط، السويس، بور سعيد، البحيرة، كفر الشيخ هي الأشهر على مستوى الجمهورية في صناعة مراكب الصيد والمعديات واليخوت.
عزبة البرج
حميدو السيد صياد وعضو نقابة الصيادين بعزبة البرج محافظة دمياط يقول إن مراكب الصيد التي يتم استخدامها في عمليات الهجرة غير الشرعية عن طريق البحر المتوسط غالبا ما يتم صناعتها بالعزبة لغرض الصيد في بادئ الأمر.
ويضيف السيد أن عزبة البرج من أكثر المناطق المعروفة في مصر بصناعة مراكب الصيد بجميع أنواعها وأحجامها ومنها المراكب الخشب وأخرى مصنوعة من الحديد.
ويؤكد السيد أن مصانع المراكب بعزبة البرج لا علاقة لها فيما يستخدم المركب لكنهم يقومون بتصنيعه من أجل الصيد وحمل البضائع ويشرف على صناعة المركب مهندسون متخصصون من هيئة السلامة البحرية بدمياط لضمان جودة الصناعة وحتى يتمكن صاحب المركب المصنع من الحصول على ترخيص وفق تقرير يحصل عليه بعد اختبار المركب في المياه.
بيع مراكب التهريب
يقول حمدي عيض* صاحب مركب صيد بعزبة البرج إن بيع أصحاب المراكب لمراكبهم من أجل الهجرة غير الشرعية يتم من خلال عدة طرق، منها أن يكون لدى صاحب المركب علم مسبق بأن مركبه سيتم استخدامه في رحلة هجرة غير شرعية من خلال المبلغ الذي يدفعه المشتري ثمنا له والذي يزيد على سعره الأساسي بالنصف.
ويضيف عيض أن ثمن المركب المغري لمالكه هو ما يجعله يقوم ببيعه دون تفكير لأنه سيقوم بصناعة أو شراء مركب آخر إلى جانب ربح مبلغ من المال لا بأس به يعوضه عناء الصيد.
ويقول عيض إن هناك طريقة ثانية لشراء مهربي البشر للمراكب من مالكيها لاستخدامها في هجرات غير شرعية وتكون من خلال شخص يدخل بين المهرب ومالك المركب كوسيط لشراء المركب بالسعر المناسب له دون أن يعلم مالكها فيما سيتم استخدامها.
ويوضح عيض أن هناك طرقا أخرى لشراء المهربين مراكب الهجرة غير الشرعية ومنها شراء المهرب للمركب بعد الاتفاق مع مالكها بموجب عقد بيع ابتدائي غير مسجل نظير دفع مبلغ مالي للمالك على كل رحلة تهريب تصل بسلام إلى إيطاليا.
ويضيف عيض أن توقيع عقد ابتدائي بين مالك المركب والمهرب يكون من شأنه عدم اثبات التهمة على طرف بعينه ما يُصعب من إجراءات التقاضي في حالة غرق المركب أثناء رحلة التهريب بعرض البحر.
ويؤكد عيض أن هناك ملاكا تهالكت مراكبهم من كثرة العمل في الصيد يقومون ببيعها لمهربي الهجرة غير الشرعية بمبالغ تزيد على نصف ثمنها الإجمالي من أجل التخلص منها بسعر مربح وشراء مركب جديد بحجم أكبر.
ويقول عيض إن هناك نوعا آخر هو بيع المركب في عرض البحر أثناء رحلة الصيد من خلال وسيط يدفع للمالك الثمن دون حضور المهرب في اتفاق البيع، ويوقع الوسيط ومالك المركب عقد بيع صوريا لاستخدامه في حالة حدوث أي طارئ.
ويضيف عيض أن المهرب في هذه الحالة يكون من ضمن خطته نقل المركب بعد أداء مهمته للعمل بالمياه الإقليمية لتونس أو ليبيا أو أي دولة مجاورة ليتم ضبطه من قبل غفر السواحل وعمل مخالفة وسحب رخصة المركب ومن ثم يسعى مالكها الأساسي من جديد لاستعادة الترخيص ويتم تكرار تلك العملية على مركب أخرى وهكذا.
ويقول عيض إن جميع المراكب التي تخرج في هجرة غير شرعية تكون على مسافة 12 كيلو مترا أو يزيد في عرض البحر ويتم توصيل المهاجرين لها عن طريق مراكب صغيرة (زوارق).
أربعة من نقابة الصيادين للمراكب الآلية أكدوا لأصوات مصرية صدق ما ذكره حميدي عن طرق بيع المراكب للمهربين.
الخامات والتكلفة
يقول محمود ترك صاحب مصنع مراكب ويخوت بعزبة البرج إنه يقوم بتصنيع المركب لصالح العملاء من ملاك المراكب الذين يقومون بدفع مبلغ مقدم من ثمن المركب الإجمالي.
ويضيف ترك أن مهنة صناعة المراكب قائمة على الحجز أولا ثم التصنيع، بمعنى أن المصنع لا يستطيع صناعة مركب من تلقاء نفسه ومن ثم يقوم بعرضه للبيع، مضيفا أن "كل زبون وله طلبه على قد فلوسه".
ويقول ترك إن المراكب يتم تصنيعها من خامتين أساسيتين هما خشب التوت والحديد، ويكون المركب المصنوع من الخشب أقل في السعر من المركب الذي تم صناعته من الحديد بحوالي 200 ألف جنيه.
ويضيف ترك أن هناك مركب تتكلف صناعته 4 ملايين جنيه مثل المركب الذي يبلغ طوله 30 إلى 50 مترا، وهناك آخر متوسط تكلفته 600 ألف جنيه، مثل المركب طول 10 و 12 مترا وهناك مركب تكلفته من 100 إلى 400 ألف جنيه مثل مركب الصيد الصغير ومركب المعديات.
مدة التصنيع
ويؤكد ترك أن مركب الصيد يستغرق تصنيعه في حالة دفع العميل كامل مبلغ التصنيع 6 أشهر، وربما يصل تصنيع المركب إلى عام أوعامين في حالة كبر حجمه وزيادة تكلفته، وهو الأمر الذي يجبر العميل على دفع مقدم لبدأ العمل ثم يتم الاتفاق على دفع باقي المبلغ على أقساط متساوية.
ويقول ترك إنه بعد الانتهاء من عملية تصنيع المركب تقوم لجنة متخصصة من هيئة السلامة البحرية بإجراء اختبارات له في المياه وقياس مدى توازنه أثناء الإبحار وتسليمه لمالكه الذي يتولى بعد ذلك استكمال التراخيص.
الصيانة
ويقول ترك إنه يقوم بعمل الصيانة اللازمة للمراكب التي تحتاج لذلك نتيجة تهالكها لسنوات طويلة في عملية صيد قد تصل إلى خمس سنوات.
وألمح ترك إلى أنه قام بتصنيع مراكب كثيرة منذ فترة تزيد على 10 سنوات دون أن يأتي ملاكها لعمل الصيانة اللازمة لها ويعتقد أن الكثير منها تم بيعه في هجرات غير شرعية.
حمولة المركب
ويقول ترك إن حمولة المركب يتم حسابها بحسب طول المركب وعرضه فعلى سبيل المثال المراكب التي يصل طولها إلى 10 و12 مترا وعرضها ما بين الثلاثة إلى أربعة أمتار لا تستطيع حمل أكثر من 8 أطنان "ولو زاد حملها على ذلك غرقت مكانها في عرض البحر"، كما حدث في مركب رشيد التي غرقت الأربعاء الماضي.
ويضيف ترك أن المركب من 25 حتى 34 مترا يمكنه حمل ما بين 12 إلى 15 طنا وما يزيد على 34 مترا ويصل إلى 50 مترا يمكنه حمل 30 إلى 40 طنا.
الربح السريع والثراء في وقت قليل يدفع مهربي البشر، إلى ابتكار طريقة جديدة كل يوم لشراء مراكب الصيادين بمبالغ تزيد على نصف ثمنها الأصلي لاستخدامها في طريق الموت.
*اسم مستعار
تعليقات الفيسبوك