بخيط أبيض رفيع، ربطتْ بطاقات ورقية صغيرة الحجم، على منتجاتها اليدوية التي تعرضها للبيع، تحمل كل واحدة منها رقما تسلسلياً بداية من "0701" وحتى الرقم "0788". اكسسوارات جلدية وقفاف من السعف، ومشغولات من الخرز، الواحدة منها تحمل بطاقة مرقمة، يسألها الزبائن "هل هذا هو السعر"، فتجيب: بلى هذه أكواد.
زينب علي جمعة أو أم عائشة، رائدة ريفية كما عرّفت نفسها، فهي "تساعد الستات" في قبيلتها "العبابدة" بمدينة شلاتين.
* سر الأكواد
كل أكواد زينب تبدأ من اليسار بالرقمين 07، وهو كود منحته وشريكتها عائشة مصطفى -لمشروعهما الخاص- جمعية لتسويق منتجات نساء شلاتين اليدوية.
تقول "أذهب للأرملة والمطلقة وكل من يضيق الحال بها، وأشجعها على أن تشغل بيدها أي منتج، وأتولى أنا تسويقه".
تسوق جمعية زينب وعائشة -داخل شلاتين وخارجها- منتجات 88 سيدة، ولكل سيدة منهن رقم يضاف يمين رقم الجمعية، فيكون الكود الخاص بمنتجات تلك السيدة، "الكود نظام حتى أعرف كل منتج يتبع أي سيدة، ومن ثم لا أخطئ عند محاسبتها".
0712، هو كود أي منتج تحيكه آمنة بيديها. على طاولة المعروضات في دار ديزاينوبيا في القاهرة، سِوار بحسب الكود هو لآمنة، تبيعه زينب بعشرة جنيهات، نصيبها من تلك الجنيهات اثنين، بينما ترد لمُنتجة السوار الثمانية الباقية.
* كل شيء بالتعليم
زينب زوجة عامل بناء، عمله مرتبط بالطلب، "أحيانا تكون يوميته 25 جنيه نظير تركيب باب". وتعتمد الزوجة على عائدها من عمل الجمعية في مشاركة الزوج سد احتياجات البيت.
ورغم العائد المادي الذي تصفه بالضعيف، أصرت زينب على تعليم نجلتها الكبرى، التي تحمل بالمصادفة نفس اسم شريكتها عائشة.
عائشة الابنة الكبرى، هي طالبة في الصف الأول ثانوي تمريض، ومن المقرر أن تقضي الثلاث سنوات الأولى (ثانوية التمريض 5 سنوات) في شلاتين، وتكمل سنتين في مدرسة بالغردقة.
ورغم بعد المسافة -إذ تبعد الغردقة عن شلاتين 520 كيلومتر شمالا- لا تجد زينب في ذلك مانعا لعائشة من استكمال دراستها "أريدها أن تنفع نفسها، فكل شيء بالتعليم".
زينب التي تكتب في ورقة -وضعتها على جنب- أكواد المنتجات التي باعتها، وكم حصلت عن كل واحدة منها، لم تذهب لمدرسة بل علمتها ابنتها بجانب دروس محو الأمية، كيف تكتب الكلمات والأرقام.
وتأمل زينب أن ترى عائشة ممرضة في مستشفى شلاتين، ذلك المستشفى الذي يفتقر لأطباء -بحسب زينب- والتي تتمنى أن تشهد السنوات المقبلة تخريج طبيبة من بنات شلاتين لسد احتياجاته من الأطباء.
* الهوية مصرية
وفي شلاتين -التي تقع بالقرب من الحدود مع السودان- يعمل معظم الرجال في "الدلالة" بلهجة العبابدة وتعني التجارة، حيث يتاجرون في الجمال والماعز والأغنام التي يستوردونها من السودان لتباع في الأسواق المصرية.
ومؤخرا صعدت إلى السطح تصريحات سياسية من الجانب السوداني تقول إن شلاتين ومعها حلايب مِلك للسودان، وعلى إثرها طالبت الخرطوم القاهرة بالتفاوض على ذلك، وهو أمر لزينب رأي خاص فيه إذ قالت "السودان بلد حالته ضعيفة، فكثير من السودانيين يأتون للعيش والعمل في مصر".
ابنة شلاتين، التي تضع سِوار يحاكي علم مصر بألوانه الثلاثة الأحمر والأبيض والأسود، تقول "نحن مصريون، لكن السودان يورد لنا الجمال والمعوز(الماعز)، وإذا تعطل الحال، سيتعطل عمل كثير من أهل شلاتين، لذا لا بد من التنسيق بين البلدين".
وكانت الحدود المصرية السودانية عدلت عام 1899 أثناء فترة الحكم الثنائي لمصر وبريطانيا على السودان، حيث تم النص على أن لفظ السودان يطلق على جميع الأراضي الواقعة جنوب خط عرض 22 درجة شمالا، وهذا يعني أن الحدود أصبحت تقع عند نقطة جبل الصحابة على بعد 5 كيلومتر شمال حلفا، وهو ما يعني أن مثلث حلايب وشلاتين يقع داخل الحدود المصرية وليس السودانية.
تعليقات الفيسبوك