نشر صندوق النقد الدولي اليوم تقريرا عن اقتصاد المغرب بمناسبة منحه قرضا بنحو 3.5 مليار دولار، تضمن إصلاحات الاقتصادية أوصي بها الصندوق، تشبه تلك التي تتبناها الحكومة المصرية في المراحل الأخيرة من تفاوضها مع المؤسسة الدولية على قرض بقيمة 12 مليار دولار.
وكانت وزارة المالية في مصر قالت، في بيان لها أول أمس، إن "البرنامج الذي تتم مناقشته مع بعثة الصندوق حاليا هو برنامج مصري 100%"، مؤكدة عدم وجود "مشروطية" للقرض، وهو ما أثار جدلا حول طبيعة تدخل المؤسسة الدولية، المعروفة بميلها لفرض إصلاحات محددة مصاحبة لتقديمها للقروض.
وتعليقا على ذلك تساءل عبد المنعم سعيد، أحد الوجوه القيادية في الحزب الوطني المنحل، اليوم الثلاثاء، في مقال بصحيفة المصري اليوم، "إذا كان لدينا برنامج مصرى خالص للإصلاح، لماذا نحتاج الصندوق إذن".
فيما اعتبرت تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقا، إن صندوق النقد يعادي الاستقلال الاقتصادي الوطني، بحسب ما قالته في مداخلة تلفزيونية تعليقا على القرض.
وسعى العديد من دول الربيع العربي للجوء لصندوق النقد مع تداعي الوضع المالي في تلك البلدان، التي شهدت اضطرابات سياسية لفترات طويلة.
وقالت وكالة بلومبرج في تقرير لها، الشهر الماضي، إن الصندوق اعتمد خلال العام الجاري ائتمانا للمغرب، وقروضا لتونس والعراق، كما وقع خطابا للنويا لتجديد مساعداته للأردن.
ويقل حجم الائتمان الأخير الممنوح للمغرب عن سابقيه، إذ قدم لها الصندوق في عام 2014 خمسة مليارات دولار، وفي 2012 وفر مبلغ 6.2 مليار دولار .
ويعكس استمرار دعم الصندوق للمغرب رضاءه النسبي عن الإصلاحات الاقتصادية التي يتبناها البلد العربي.
وقال الصندوق في تقريره الأخير عن المملكة المغربية إن أبرز الخطوات التي تحتاج البلاد لاتخاذها تتضمن إصلاحات ضريبية منها تبسيط ضريبة القيمة المضافة، وتقليل الإعفاءات من الخضوع لها.
كما تتضمن تلك الخطوات إصلاحات في مجال الإنفاق العام تتعلق بتخفيض موازنة الأجور بالقطاع الحكومي، وزيادة سن المعاش ورفع اشتراكات التأمينات الاجتماعية، مع تخفيض فاتورة الدعم واستبداله ببرامج مساندة موجهة للفئات المهمشة.
ولم تكشف مصر بعد عن تفاصيل البرنامج الإصلاحي الذي تتفاوض على أساسه مع الصندوق، لكنها أشارت لبعض الإصلاحات التي تتبناها في هذا السياق في بيان لمجلس الوزراء.
وشملت تلك الإصلاحات قانون ضريبة القيمة المضافة، الذي سيرفع نسبة ضرائب المبيعات من 10 إلى 14% على عدد كبير من السلع والخدمات، والذي يناقشه البرلمان في الوقت الحالي.
وكان أشرف العربي، وزير التخطيط، قد أكد في مقابلة مع أصوات مصرية أن الحكومة تعتمد في برنامجها بالأساس على التحول من ضريبة المبيعات إلى ضريبة القيمة المضافة لزيادة الإيرادات.
كما يشمل البرنامج الحكومي تقليص الإنفاق عن طريق تخفيض ميزانية الأجور، الذي يساهم فيه قانون الخدمة المدنية، بعد أن تم إقراره مؤخرا، بالإضافة لإصلاح منظومة الدعم وعلى رأسها دعم الوقود.
وبحسب تقرير الصندوق عن المغرب فإنها تستهدف تخفيض ميزانية الأجور لأقل من 11.5% من الناتج الإجمالي في الأجل المتوسط.
ونمت ميزانية الأجور في القطاع الحكومي المصري، بمعدلات تجاوزت 20% في بعض الأحيان خلال السنوات التالية لثورة 2011، لكن تلك المعدلات تراجعت في العام المالي الماضي إلى 8.6%، ثم إلى 4.5% في موازنة العام الجاري.
وبحسب وثيقة الصندوق فقد قامت المغرب بتحرير كامل لأسعار البنزين والسولار في ديسمبر الماضي، فيما تتطلع لخفض دعم الغذاء تدريجيا مع تطبيق برنامج موجه لمساعدة الفقراء.
وقالت الحكومة المصرية في أعقاب أحداث 30 يونيو إنها تتطلع لتحرير كامل لأسعار الوقود، في وقت كانت تسعى فيه أيضا للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي.
وقامت بالفعل في 2014 بتخفيض الدعم الموجه للوقود ورفع أسعاره في السوق، لكن الانخفاض العالمي في أسعار البترول ساهم في تباطؤ تنفيذ تلك الخطة في السنوات التالية.
مع تراجع الأسعار العالمية خفضت الحكومة مخصصات دعم الوقود في موازنة العام المالي الجاري بنحو 43% لتصل إلى 35 مليار جنيه، لكنها لم تكشف بعد إن كان هذا الخفض ينطوي كذلك على عن زيادات جديدة في أسعار الوقود خلال العام المالي الجاري.
وطبقت الحكومة بالتوازي مع تخفيض دعم الوقود في العام المالي 2014-2015، برنامجا موجها لدعم الفقراء نقديا تحت اسم "تكافل وكرامة".
تعليقات الفيسبوك