في حقبة التسعينات اتجهت الدولة لتأسيس مستشفيات صغيرة في القرى اسمها "التكامل" بهدف تقديم خدمات متطورة للريفيين، ثم جاءت حكومة أحمد نظيف لتعلن تحويل تلك المستشفيات إلى عيادات لتقديم الخدمات الأولية.
وأخيرا أعلن وزير الصحة الحالي عن الاتجاه لإشراك القطاع الخاص في إدارتها، الأمر الذي آثار المخاوف من خصخصة خدمات تلك المستشفيات التي يصل عددها لنحو 400 مستشفى.
كانت وزارة الصحة أصدرت بيانا، الأسبوع الماضي، قالت فيه إن الوزير أحمد عماد الدين قرر "فتح ملف مستشفيات التكامل" في إشارة لاعتزام الحكومة استعادة دور تلك المنشآت كمستشفيات صغيرة، ولكن بمساعدة القطاع الخاص.
ما هي مستشفيات التكامل؟
يقول علاء غنام، مسؤول ملف الحق في الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، "بدأت فكرة مستشفيات التكامل في عهد حكومة عاطف عبيد"، موضحا أن الهدف من إنشائها كان تأسيس مستشفيات صغيرة الحجم يصل عدد الأسرة بها لنحو 20 سريرا تخدم سكان القرى.
وتنقسم المستشفيات التابعة للدولة إلى مستشفيات عامة يزيد عدد الأسرة فيها على 200 سرير، يندرج تحتها كيانات أقل حجما، أصغرها المستشفيات المركزية (ب) التي يقل عدد أسرتها عن 100 سرير.
ويقول غنام إن "مستشفيات التكامل أصغر حجما من الحجم المعتاد لمستشفيات الدولة لكن كان من المفترض أن تصل للريفيين بخدمات أكثر تطورا من التي تقدمها العيادات".
ويوضح أن مستشفيات التكامل تأسست على أن يكون بها غرفة عمليات صغيرة ومعمل تحاليل.
لكن تلك المنشآت، التي تأسست كمستشفيات قروية في التسعينات، تحولت إلى عيادات لطب الأسرة في عهد وزير الصحة الأسبق حاتم الجبلي، وكان المبرر وراء ذلك هو أنها لا تعمل فعليا بكامل طاقتها.
وبحسب غنام، فإن "التخطيط لتنفيذ الفكرة كان سيئا، خاصة وأن لدينا عجزا في توفير الأطباء في المستشفيات الحكومية بسبب تدني الأجور، فالعديد من الأطباء يأخذون إجازات أو يهاجرون للخارج هربا من العمل الحكومي، فما بالك إذا كانت الوظيفة في مستشفى في الريف".
زيادة أسعار الخدمات
يقول أحمد متولي، مسؤول الملف الصحي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية "كان يجب أن تحدد الحكومة طبيعة الشروط التي سيتم وفقا لها إدماج القطاع الخاص في تقديم خدمات مستشفيات التكامل حتى يكون واضحا إن كان سيساهم ذلك في زيادة أسعار خدماتها للجمهور".
وقالت الوزارة، في بيانها، إنها حددت 75 مستشفى من مستشفيات التكامل ستتعاون فيها "استثماريا" مع القطاع الخاص، مشيرة إلى أن أشكال ذلك التعاون قد تشمل نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمعروف باسم PPP.
وتقول منى مينا، وكيل نقابة الأطباء، لأصوات مصرية، إنه "من المؤكد أن دخول القطاع الخاص سيسهم في رفع أسعار الخدمات"، مضيفة "لسنا ضد حق القطاع الخاص في العمل والربح ولكن خدمات تلك المستشفيات موجهة للقرويين وليس للفئات القادرة على دفع ثمن خدمات القطاع الخاص".
ويبلغ إجمالي عدد المستشفيات العامة في مصر 675 مستشفى، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وتنتقد نقابة الأطباء ضعف الإنفاق العام على تلك المنشآت والذي تسبب في عدم قدرتها على العمل بكامل طاقتها.
وأضافت منى مينا أن "مستشفيات التكامل لم تكن تعمل بكامل طاقتها بسبب عدم وجود ميزانية كافية، والاتجاه الآن لخصخصتها نتيجة طبيعية لعدم التزام الدولة بالإنفاق على الصحة وفقا للدستور".
كان الأمين العام لنقابة الأطباء، إيهاب الطاهر، قال، في دراسة، إن مخصصات الإنفاق على الصحة في موازنة العام المالي الحالي تساوي نصف النفقات التي كان يجب أن يتم ضخها في حال الالتزام بالتعهدات الدستورية للإنفاق على القطاع.
وتُلزم المادة 18 من الدستور المصري الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
ولم يتسن لأصوات مصرية الحصول على تعليق من وزارة الصحة على انتقادات نقابة الأطباء.
تعليقات الفيسبوك