بعشرة بنود غير مكتملة التنفيذ، تقف خارطة الطريق على أعتاب عامها الثالث بعد أن أعلنها وزير الدفاع حينذاك الفريق أول عبد الفتاح السيسي يوم 3 يوليو 2013.
وحددت خارطة الطريق، التي حظيت بتوافق عسكريين وسياسيين مدنيين ورجال دين، ملامح مرحلة ما بعد عزل الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين إثر احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه.
وبدت بنود الوثيقة التي أعلنها الجيش استجابة مرضية لطموحات القوى الوطنية المعارضة لحكم جماعة الإخوان المسلمين، غير أن جزءا منها لا يزال معطلا.
وكان الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور، أعلن في يناير 2014، تعديل بنود خارطة الطريق بإجراء الانتخابات الرئاسية أولا تليها البرلمانية، وقال آنذاك إن القرار جاء استجابة لحوار وطني مع ممثلي القوى السياسية في البلاد.
ولا تزال خارطة الطريق تتضمن بعض البنود "المعطلة" التي لم تدخل حتى الآن حيز التنفيذ، وهي وضع ميثاق شرف إعلامي، وتمكين ودمج الشباب في مؤسسات الدولة، وتشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية.
وترصد "أصوات مصرية" أهم ما تم إنجاره وما لم ينجز في خارطة الطريق.
1- تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت
تشكلت لجنة الخمسين لصياغة الدستور الجديد يوم 1 سبتمبر 2013 برئاسة الدبلوماسي عمرو موسى، ليتم دعوة المواطنين إلى الاستفتاء على الدستور يومي 14 و15 يناير 2014.
وبلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء نحو 38.6 بالمئة ممن لهم حق التصويت، وافق منهم على الدستور 98.1 بالمئة، بينما رفضه 1.9 بالمئة.
2- يؤدي رئيس المحكمة الدستورية العليـا اليميـن أمام الجمعية العامة للمحكمة كرئيس مؤقت للبلاد
أدى المستشار عدلي منصور اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا رئيسا مؤقتا لمصر في 4 يوليو 2013، وذلك عقب 5 أيام فقط من توليه رئاسة المحكمة الدستورية العليا خلفا للمستشار ماهر البحيري.
3- لرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية
أصدر عدلي منصور نحو 96 قرارا بقانون بموجب الإعلان الدستوري الصادر يوم 8 يوليو 2013 والدستور، واللذين منحاه سلطة التشريع حتى انتخاب البرلمان.
أثار بعض هذه القرارات جدلا في الساحة السياسية، من بينها قانون التظاهر، وتعديل أحكام قانون العقوبات في تهمة إهانة الرئيس في 2013، وقانون تنظيم بعض إجراءات الطعن على عقود الدولة، وقانون تنظيم الانتخابات الرئاسية في عام 2014.
وقال المركز الوطني للاستشارات البرلمانية إن الرئيس السيسي أصدر أكثر من 400 قرار بقانون تم نشرهم في الجريدة الرسمية منذ بداية توليه رئاسة الجمهورية في 8 يونيو 2014.
4- إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد
ظل المستشار عدلي منصور رئيسا مؤقتا للبلاد حوالي 11 شهرا حتى تولى عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر بعد انتخابات محدودة المنافسة، وأدى اليمين الدستورية في 8 يونيو 2014.
5- تشكيل حكومة كفاءات وطنية تتمتع بجميع الصلاحيات
أصدر الرئيس السابق المستشار عدلي منصور قرارا بتكليف الاقتصادي الليبرالي حازم الببلاوي برئاسة حكومة انتقالية، في يوليو 2013، وضمت الحكومة 35 وزيرا ليس من بينهم إسلاميون.
وتشكلت حكومة المهندس إبراهيم محلب الأولى، في فبراير 2014، بعد أن قدمت حكومة الببلاوي استقالتها في عهد الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور.
وفور إعلان نتيجة انتخابات رئاسة الجمهورية، تقدمت حكومة محلب باستقالتها للرئيس عبد الفتاح السيسي، يوم 8 يونيو 2014، ليتم تكليف محلب بتشكيل حكومته الثانية في 17 يونيو من نفس العام، وكان من أبرز ملامحها استحداث وزارة دولة للتطوير الحضري والعشوائيات وإلغاء وزارتي الإعلام والتنمية الإدارية.
6- تشكيل لجنة تضم كافة الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذي تم تعطيله مؤقتا
لم تشكل لجنة لمراجعة التعديلات الدستورية، ووضعت لجنة الخمسين دستورا جديدا بدلا من تعديل المُعطل، ولم يصدر بذلك إعلان دستوري مُكمل، لكن ديباجة دستور 2014 نصت على أن "اللجنة قامت بتعديلات كاملة لمواد الدستور المعطل، ما نتج عنه نص دستوري جديد".
7- مناشدة المحكمة الدستورية العليا لسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء في إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية
كانت هذه هي المعضلة الأكثر صعوبة التي واجهت خارطة الطريق منذ أن تم الإعلان عنها قبل ثلاث سنوات، فلم تجر الانتخابات البرلمانية في موعدها بالمخالفة لإعلان دستوري أصدره الرئيس السابق عدلي منصور في 8 يوليو 2013 ودستور 2014.
ونص الإعلان الدستوري الذي أصدره منصور على أن "يعرض رئيس الجمهورية مشروع التعديلات الدستورية على الشعب لاستفتائه عليه خلال ثلاثين يوما من تاريخ وروده إليه، ويقوم رئيس الجمهورية بالدعوة لانتخاب مجلس النواب خلال خمسة عشر يومًا من هذا التاريخ لإجراء الانتخابات خلال مدة لا تقل عن شهر ولا تتجاوز شهرين".
كما ينص الدستور المصري في مادته 230 على أن "يجرى انتخاب رئيس الجمهورية أو مجلس النواب وفقًا لما ينظمه القانون، على أن يبدأ إجراء الانتخابات الأولى منها خلال مدة لا تقل عن ثلاثين يوما ولا تجاوز التسعين يوما من تاريخ العمل بالدستور، وفى جميع الأحوال تبدأ الإجراءات الانتخابية التالية خلال مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل بالدستور".
وكان من المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية، فى مارس 2015، لكن المحكمة الدستورية العليا أصدرت قرارا ببطلان قانون الانتخابات الذي أعدته الحكومة، ما أدى إلى تأجيلها مجددا.
وجرت الانتخابات البرلمانية على مرحلتين خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2015، وظلت مصر بلا برلمان منذ يونيو 2012 عندما حلت المحكمة الدستورية العليا مجلس الشعب الذي انتخب بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في عام 2011.
* بنــــود معطلـــة:
8- وضع ميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن.
9- اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة ليكون شريكاً في القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.
10- تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.
وعزا خبير النظم السياسية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يسري عزباوي، أسباب عدم تنفيذ ثلاثة بنود في خارطة الطريق إلى ما سماه بـ"انعدام الرؤية والإرادة السياسية".
وأضاف عزباوي، في مقابلة مع "أصوات مصرية"، أن مواجهة الدولة لخطر الإرهاب والضغوطات التي كانت تمارس على الدولة في هذا الشأن وغياب الرؤية والإرادة السياسية عطلت خطط الإصلاح في مجالات تمكين الشباب وتطوير الإعلام وإتمام المصالحة الوطنية.
ورهن عزباوي تمكين الشباب بتحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد، مؤكدا أن ارتفاع معدلات البطالة غالبا ما يحول دون التمكين الاقتصادي للشباب، والذي يأتي في المقام الأول قبل السياسي لدى عموم المواطنين.
وعن عدم إصدار ميثاق شرف إعلامي حتى الآن، قال عزباوي إن "النخبة الإعلامية غير جادة أو راغبة في تنظيم المشهد الحالي"، مؤكدا أن استمرار حالة الفوضى والعشوائية "دائما ما تروق للكثيرين".
تعليقات الفيسبوك