كتب ديفيد ويرينج أن استقالة مجلس الوزراء المصري بأكمله هو علامة أخرى على الأزمة العميقة في البلاد بعد ثلاث سنوات من ثورتها.
وفي مقال على موقع صحيفة "الجارديان"، تساءل ويرينج الباحث في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة ويسمنستر- عما يكمن وراء هذا التطور الأخير الذي فاجئ الولايات المتحدة وحتى بعض أعضاء الوزارة أنفسهم، وعما ستكشف عنه الأوضاع في مصر ما بعد عهد مبارك.
وأشار الكاتب لتعيين الوزارة المستقيلة بعد عزل الرئيس السابق المنتخب محمد مرسي عقب مظاهرات ضخمة ضده، قائلا إنه "على الرغم من لعب قادة الجيش دورا هاما في إدارة البلاد بعد ثورة يناير 2011، إلا أنهم فضلوا دائما البقاء في الخلفية محافظين على امتيازاتهم السياسية والاقتصادية، بينما يدير مدنيون مهام الحكم اليومية".
ويرى الكاتب أن جماعة الإخوان المسلمين المحافظة "قدمت نفسها لقادة الجيش وللراعي الأمريكي كأداة آمنة لتنفيذ هذه المهمة، ولو كانوا أبدوا قدرا من الكفاءة في الإدارة فلربما ظلوا في الحكم إلى الآن".
ويقول إن هناك الكثير من التكهنات بأن "حل الوزارة" كان "ضرورة شكلية لتحرر الرئيس الفعلي للحكومة؛ المشير عبد الفتاح السيسي من مسؤولياته كوزير للدفاع، وإزالة لحواجز أمام ترشحه المتوقع بقوة للرئاسة".
ويرى الكاتب أنه في ظل مثل شعبية السيسي يبدو من غير المرجح أن يحتاج لمغادرة منصب وزير الدفاع تحت غطاء استقالة الحكومة بأكملها.
ويقول إن تقارير في الإعلام المصري بأن الوزارة فعليا لم تستقل بل أقيلت مؤشر على تفسير آخر، ويضيف "ربما يكون الأمر هو أن السيسي لا يريد أن يأتي إعلانه الرسمي للترشح للرئاسة مرتبطا بإدارة مدنية أصبحت بشكل متزايد لا تحظى بشعبية وتحاصرها الاحتجاجات خلال الأسابيع الأخيرة".
ويقول الكاتب إن الاقتصاد –الذي لم يكن في بؤرة اهتمام المحللين مثله مثل السياسة وحقوق الإنسان- يتعرض في الشهور الأخيرة لأزمات نقص الوقود وانقطاع متكرر للكهرباء، ومؤخرا لموجة واسعة من الإضرابات شملت آلاف العمال محتجين على فشل الحكومة في تطبيق الحد الأدنى للأجور.
ويضيف "إن حكومة الببلاوي دفعت ثمن الموجة الحالية من المشاكل الاقتصادية، من أجل حماية السيسي من تحمل مسؤوليتها، وهو بالضبط الدور الذي يريد قادة الجيش من الإدارات المدنية أن تلعبه".
ويرى الكاتب أنه حتى الآن وبعد ثلاثة أعوام من الاضطراب، يصعب تحديد أي قوة سياسية كبرى في البلاد تقدم أي شئ ينم عن خطة جادة لتطوير الاقتصاد المصري على المدى البعيد.
ويعتقد أن "العلاج النيوليبرالي" لموازنة الإنفاق عن طريق خفض الدعم الذي يعتمد عليه السكان بشكل كبير، وفتح الأبواب للاستثمار الأجنبي، يبدو سطحيا وغير مجد تماما.
ويقول الكاتب إن هناك حاجة إلى برنامج طويل المدى لاستثمار تقوده الدولة لتطوير الاقتصاد على أسس إنتاجية توفر فرص عمل مستدامة، وهو ما طرحه جلبرت أتشكار أستاذ دراسات التنمية في كتابه "الشعب يريد".
ويضيف "إلى أن يحدث هذا، يبدو على الأرجح أن البلاد ستستمر في الانجراف من أزمة إلى أخرى، يتوالى فيها سقوط الرؤساء والحكومات وحتى قادة الجيش كضحايا للخلل العميق الذي يغرق فيه الاقتصاد السياسي لمصر.
المقال الكامل منشور على موقع صحيفة الجارديان بتاريخ 25 فبراير 2014
تعليقات الفيسبوك