من "آمنة" إلى "عائشة".. فاتن حمامة امرأة بـ 6 وجوه

الأحد 29-05-2016 PM 07:03
من "آمنة" إلى "عائشة".. فاتن حمامة امرأة بـ 6 وجوه

فاتن حمامة- صورة من الشروق

من "آمنة" الفتاة الريفية البسيطة، التي تقرر الانتقام دفاعا عن شرف أختها، إلى "عائشة" الأرملة الفقيرة التي اضطرتها الظروف للعمل في مهن متدنية لتربية أبنائها الخمسة.. وجوه نسائية مصرية جسدتها فاتن حمامة في أفلامها تعبيرا عن معاناة المرأة المصرية.

وحلت الذكرى 85 لميلاد سيدة الشاشة العربية أول أمس، حيث ولدت فاتن حمامة في 27 مايو- عام 1931، وتنتمي عائلتها لمدينة السنبلاوين بمحافظة الدقهلية.

وتقول الناقدة الفنية، ماجدة موريس، إن "فاتن حمامة لم تكن بمعزل عن قضايا المجتمع، وكانت لديها القدرة على التقاط مشاكل المجتمع والتعبير عنها في أفلامها".

وأضافت "وعبرت عن هموم ومشاكل المرأة المعيلة والفلاحة والمقهورة، فكان لديها إيمان حقيقي بحقوق النساء والطبقات الفقيرة".

بوستر مهرجان فاتن حمامة السينمائي

الخادمة

جسدت فاتن حمامة في فيلم "دعاء الكروان" دور "آمنة" الخادمة وهي فتاة ريفية بسيطة، قُتلت شقيقتها "هنادي" خادمة مهندس الري، الذي تقع في حبه، ولكنه يعتدي عليها ويحطم حياتها فتقتل على يد خالها، وعندها تقرر "آمنة" الانتقام لأختها من ذلك المهندس.

واستطاعت فاتن حمامة وزهرة العلا تجسيد دور الخادمة الريفية التي تعمل لصالح أسرتها نتيجة العوز والفقر وتتعرض للظلم والاعتداء.

كان فيلم "دعاء الكروان" أول فيلم يمثّل مصر في مسابقة الأوسكار، حيث وصل الفيلم إلى التصفية النهائية، ضمن أفضل خمسة أفلام أجنبية.

و"دعاء الكروان" قصة طه حسين، سيناريو وحوار يوسف جوهر، وإخراج هنري بركات، وبطولة أحمد مظهر، وأمينة رزق، وزهرة العلا، ورجاء الجداوي، وقد تم عرضه في دور السينما في سبتمبر عام 1959.

مشهد من فيلم دعاء الكروان- صورة من الأهرام

الباحثة عن الحرية

مازالت خطابات حسين إلى ليلي في فيلم "الباب المفتوح" هي الأكثر رواجا بين الفتيات، رغم مرور 52 عاما على عرض الفيلم، إلا أنه يعتبر أيقونة لفتيات هذا العصر والأكثر إلهاما للباحثات عن الحب والحرية معا.

وفيلم "الباب المفتوح" فتح الباب أمام الرواية الواقعية للكاتبات المصريات، وهو من إخراج هنري بركات، وبطولة فاتن حمامة وصالح سليم، ومحمود مرسي، وشويكار، وقصة الكاتبة لطيفة الزيات.

واستطاعت فاتن حمامة تجسيد دور "ليلى" بنت الطبقة المتوسطة المتمسكة بالتقاليد، والتي تخرج عن صمتها وتحطم الأسوار التي فرضتها عليها الأعراف والتقاليد، وتشارك حبيبها في الدفاع عن الوطن.

ويعكس الفيلم -الذي عرض في أكتوبر 1963- الفترة من 1946 إلى 1956 ومقاومة الشعب المصري للاستعمار الإنجليزي في بورسعيد.

وترى ماجدة موريس أن رسائل لطيفة الزيات التي تعتبر إحدى أهم رواد التيار الواقعي في الرواية المصرية في الخمسينات من القرن العشرين، عبرت الزمن ووصلت للأجيال الحالية، لوضوحها وللأداء المميز لسيدة الشاشة.

وأشارت إلى تراجع قيم الحرية واحترام حقوق المرأة التي دفعت الفتيات إلى استلهام قيم الحرية من الباب المفتوح.

مشهد من فيلم الباب المفتوح- صورة من بوابة الأهرام

الفلاحة

جسدت فاتن حمامة في فيلم  "الحرام" دور "عزيزة" التي تعمل هي وزوجها "عبد الله" ضمن عمال التراحيل، إلى أن يصاب الزوج بمرض يعجزه عن العمل، فتتحامل على نفسها في العمل لسد احتياجات الأسرة.

وفيلم "الحرام" قصة يوسف إدريس، سيناريو وحوار سعد الدين وهبة، إخراج مدحت بكير، وبطولة عبد الله غيث، زكي رستم، حسن البارودي، وحسن مصطفى، وقد تم عرضه في دور السينما في مارس عام 1965.

وتواجه "عزيزة" القسوة والامتهان، وتتعرض للاعتداء الجنسي خلال مرورها ليلا في الأرض، وتلد سفاحا محاولة إخفاء هذا الأمر فتقتل مولودها بدون وعي، وتعود إلى العمل متحملة آلام جسدها حتى تصاب بحمى النفاس وتموت.

وترى ماجدة موريس أن فاتن حمامة كانت شخصية ذكية بتجسيد هذا الدور، معتبرة أنها استطاعت التعبير عن معاناة ملايين النساء من عاملات التراحيل اللواتي يواجهن القهر بكل صوره، قائلة "ما اظنش فيه ممثلة أدت دور الفلاحة بالبراعة دية".

وأوضحت أنها استطاعت التعبير عن حجم معاناة هذه الفئة في المجتمع وضياع حقوقها وخاصة النساء.

وتمثل المرأة وفقا لتقرير صدر عن مركز الأرض 48% من حجم العمالة الريفية وتقوم بـ70 % إلى 75% من حجم العمل المبذول في الزراعة، ولا تحصل سوى على 10%من الدخل، وحوالي 71%من العاملات في المجال الزراعي لا تحصلن على أي أجر.

مشهد من فيلم الحرام- صورة من الأهرام

الباحثة عن المساواة

استطاع فيلم "أريد حلا" أن ينجح في تغيير قانون الأحوال الشخصية وتقصير فترة التقاضي في قضايا الطلاق.

وجسدت فاتن حمامة المرأة المعاصرة الراغبة في أن يعاملها القانون على قدم المساواة مع الرجل، من خلال دور "دريّة"، التي استحالت الحياة بينها وبين زوجها فتطلب منه الطلاق ولكنه يرفض، وتضطر إلى اللجوء للمحكمة ورفع دعوى للطلاق منه، فتدخل دريّة في متاهات المحاكم وتتعرض لسلسلة من المشاكل والعقبات التي تهدر كرامتها.

وتتعقد الأمور حيث تخسر قضيتها بعد مرور أكثر من أربع سنوات.

آثار الفيلم جدلاً واسعًا، وتعرض لحملة دعائية من الإخوان المسلمين عبر مجلتهم "الدعوة"، وتم تصوير الأمر وكأنه مؤامرة ضد الشريعة، لكنه كان سببا في تغيير قانون الأحوال الشخصية.

وفيلم "أريد حلا" قصة حسن شاه، سيناريو وحوار سعد الدين وهبة، إخراج سعيد مرزوق، وبطولة رشدي أباظة، أمينة رزق، ليلى طاهر، وسيد زيان، وقد تم عرضه في مارس عام 1975.

وتقول ماجدة موريس إن فاتن حمامة آمنت بقضايا المرأة فقررت أن تتبناها من خلال أفلامها وهو ما جعلها تصر على خروج فيلم "أريد حلا" للنور، وأقنعت صلاح ذو الفقار بإنتاجه، بعد رفض عدد من المنتجين للفيلم.

مشهد من فيلم أريد حلا- صورة من الكواكب

 الأرملة المعيلة

فيلم "يوم مر ويوم حلو" هو من أوائل الأفلام التي ناقشت أوضاع سكان العشوائيات، وجسدت فاتن حمامة في هذا الفيلم دور "عائشة" وهي أرملة توفي زوجها وترك لها خمسة أبناء، فتضطر الأم للعمل في مهن متدنية حتى تربي أبناءها.

وتواجه عائشة في الفيلم مشاكل عديدة وتحمل أعباءً ثقيلة دون أن تشكو أملا في يوم حلو.

وفيلم "يوم مر.. يوم حلو" تأليف فايز غالي، إخراج خيري بشارة، وبطولة محمد منير، عبلة كامل، سيمون، ومحمود الجندي، وتم عرضه في دور السينما المصرية في فبراير عام 1988.

تبلغ نسبة المرأة المعيلة 16% على حسب أحدث إحصاء أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في عام 2011، ووصلت في تقديرات أخرى حسب دراسات أجرتها منظمات حقوقية مهتمة بشؤون المرأة إلى 30%.

مشهد من فيلم يوم مر .. يوم حلو- صورة من المصري اليوم

وعلى الجانب الآخر جسدت دور "منى" الأرملة الأرستقراطية معاناة من نوع آخر، في فيلم "امبراطورية ميم" متمثلة في غياب الرومانسية من حياتها وتحمل مسؤولية تربية أبنائها الستة بجانب عملها في وزارة التربية والتعليم.

ومع كبر الأولاد، تزداد مشاكلهم، وتزداد معهم أعباء والدتهم في التربية، خاصة مع وصول أغلبهم لسن المراهقة، وتتوتر العلاقة بينها وبينهم، وفي نفس التوقيت، تقع منى على نحو تدريجي في قصة حب، لكنها لا تستسلم لمشاعرها بسهولة بسبب حيرتها بين تفرغها لأبنائها وتفكيرها في مستقبلها مع أحمد، وفي النهاية تنتصر غريزة الأمومة.

الفيلم كتب له المعالجة الدرامية نجيب محفوظ، وهو قصة وحوار إحسان عبد القدوس، إخراج حسين كمال، وبطولة أحمد مظهر، دولت أبيض، هشام سليم، ليلى حمادة، وحياة قنديل، وتم عرضه في دور السينما المصرية في نوفمبر عام 1972.

وتوضح الناقدة الفنية، ماجدة موريس، أن سيدة الشاشة تنوعت في أعمالها للتعبير عن قضايا فئات مختلفة من المجتمع من الطبقات الفقيرة، والنساء، والطبقات الأرستقراطية.

وأكدت أن فاتن حمامة عبرت ببراعة عن المرأة الفقيرة والمقهورة والكادحة لأن لديها إيمانا حقيقيا بقضايا المرأة، واستطاعت أن تجسد هذه الأدوار بمصداقية كبيرة، فكانت أفلامها فارقة في السينما وفي المجتمع.

التصميم والتطوير بواسطة WhaleSys