بدأت المباراة الودية بين الأهلي المصري وروما الإيطالي في الإمارات أمس الجمعة بالوقوف "دقيقة حداد" لكن النهاية كانت فرحة غيرت مزاج المصريين وسط أحزانهم على ضحايا الطائرة المصرية التي تحطمت فجر الخميس أثناء رحلة ليلية من باريس إلى القاهرة.
وقبل بدء المباراة اصطف لاعبو الفريقين على خط دائرة منتصف الملعب وخيم الصمت على استاد هزاع بن زايد في مدينة العين الإماراتية المكتظ بنحو 25 ألف متفرج بعدما أعلن حكم المباراة الإماراتي يعقوب يوسف الحمادي الوقوف دقيقة حدادا على أرواح ضحايا الطائرة المنكوبة.
وقبل مضي ربع ساعة كان الأهلي أكثر الأندية تتويجا في العالم، وصاحب أكبر شعبية في مصر والعالم العربي، قادرا على غزو شباك منافسه الايطالي، وعلى شق الصمت المطبق على شوارع وبيوت القاهرة التي كانت تبدو كأنها جزء من مأتم كبير بعد تحطم الطائرة لكن بدأت تدب فيها روح المرونة التي ميزت المصريين عبر أزماتهم.
وأحرز جون أنطوي هدف الأهلي الأول في الدقيقة 13 لتنطلق صرخات فرحة مترددة في بيوت ومقاهي القاهرة. لكن الهدف كان كافيا لاحياء الأمل في نفوس جماهير "نادي القرن" في أفريقيا الذي أسس عام 1907 بأنه يتجه لرسم بسمة على شفاه المصريين تشتد حاجتهم إليها بعد أحدث حلقة من سلسلة أزمات تواجهها البلاد منذ ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس المستبد حسني مبارك بعد ثلاثة عقود في الحكم.
وتوالت أحداث المباراة التي حضرها نجم الكرة الأرجنتيني المعتزل مارادونا بايقاع سريع بين متصدر الدوري المصري الممتاز لكرة القدم وروما صاحب المركز الثالث في دوري الدرجة الأولى الايطالي، وهو مركز يتيح له منافسة الكبار في دوري أبطال أوروبا.
وفي الدقيقة 20 أحرز ادين دجيكو هدف التعادل لروما لينبه المصريين إلى أن المواجهة ليست سهلة. وزاد المصري الدولي محمد صلاح لاعب روما الضغوط على بني وطنه حين أعطى التقدم للفريق الايطالي بهدف من تسديدة أرضية متقنة في الدقيقة 41 . وسجد صلاح شكرا على احراز الهدف، لكن فرحة الفريق الايطالي بالأهداف كانت دائما أقل حدة من فرحة نظرائهم المصريين.
وكأنما كانت ضغوط المباراة سببا في زيادة فرحة المصريين حين أحرز مؤمن زكريا هدف التعادل للأهلي من تسديدة لولبية ماكرة في الزاوية البعيدة بعدما تقدم في منطقة الجزاء من مركز الجناح الأيسر.
وانتهى الشوط الأول بالتعادل، لكن حوارات المصريين عبر السوشيال ميديا بدأت تتجه إلى المباراة التي يخوضها ناديهم الذي حصل على 19 بطولة أفريقية.
وتوالت تغريدات المصريين على موقع تويتر للتعبير عن فرحتهم عبر وسم (هاشتاج) يقول "شجع اسياد العالم".
وسعى مغردون إلى الموازنة بين حبهم لصلاح وللأهلي قائلين "نحبك يا صلاح لكنه الأهلي."
وبعد عشر دقائق من بداية الشوط الثاني أعاد وليد سليمان التقدم للأهلي بتسديدة أرضية من داخل منطقة الجزاء لتصبح النتيجة 3-2، وهي نفس النتيجة التي فاز بها الأهلي على غريمه المحلي الزمالك على نفس الملعب في مباراة كأس السوبر المصرية في أكتوبر الماضي.
ومع انتهاء الوقت الأصلي للمباراة بهذه النتيجة، بدا كأن التاريخ سيعيد نفسه مع النادي الحاصل على بطولة الدوري المحلي 37 مرة وكأس مصر 35 مرة وكأس السوبر تسع مرات.
لكن فانكير لاعب روما استقبل باتقان تمريرة عالية في يمين منطقة جزاء الأهلي في الدقيقة الثانية من الوقت المحتسب بدلا من الوقت الضائع، وسددها صاروخية في شباك الحارس شريف اكرامي الذي قدم أداء متميزا خلال المباراة رغم اهتزاز شباكه ثلاث مرات.
وجاءت ذروة الإثارة حين أبى اللاعب البديل الشاب أحمد الشيخ إلا أن يرسم بسمة على شفاه المصريين بهدف عبر تسديدة أرضية متقنة في الزاوية اليمنى في الدقيقة الرابعة من الوقت بدل الضائع.
وانطلقت صرخات المصريين أقوى هذه المرة وكأنها أكثر ثقة في أن النادي الايطالي لن يفلح في التعويض. وبالفعل انتهت المباراة بعدما رسمت فرحة واضحة على وجوه مشجعي النادي المصري في المدرجات انتقلت إلى قلوب متابعي المباراة في مصر عبر شاشات التلفزيون. وتسلم النادي "الكأس الذهبية" التي خصصت للفائز في المباراة.
واحتفت عناوين الصحف المصرية بالنتيجة. وقالت الأهرام الحكومية أعرق الصحف العربية في صفحتها الأولى "الأهلي يصطاد ذئاب روما بالعين". وعبرت صحيفة أخبار اليوم الحكومية عن فرحة أكبر قائلة "في احتفالية عالمية ومهرجان كبير.. الأهلي الجبار.. ولعها نار".
وكتبت المصري اليوم "الأهلي يعزف سيمفونية ويهزم روما الإيطالي برباعية". وقالت الوطن "الأهلي يقهر روما برباعية في استاد هزاع بن زايد". وكتبت الشروق "الأهلي يحقق فوزا تاريخيا على روما."
لكن الأمر لم يخل من تعليقات في اتجاهات أخرى وسط حالة الاستقطاب التي تشهدها مصر. وسعت صفحة على فيس بوك باسم "اخبار الزمالك" إلى النيل من الأهلي قائلة إنه كان أكثر فرحة بالأهداف من فريق روما. وفسرت ذلك بأن الفريق الايطالي أكثر تضامنا مع ضحايا الطائرة المنكوبة.
ونشرت الصفحة صورة لمحمد صلاح وكتبت عليها "حاجة تكسف لما فريق روما يرفض يحتفل بالأهداف تضامنا مع الطائرة المنكوبة وضحاياها. وفريق الأهلي بيحتفل كأنه أخد بطولة.. شكرا لاعبي روما.. شكرا صلاح."
ووسط انتقادات لامتيازات يحصل عليها القضاة في مصر، تبادل مشتركون على فيس بوك نشر تعليق، لصاحب حساب أطلق عليه اسم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يقول "صرف مكافأة 100 ألف جنيه للقضاء بمناسبة فوز الأهلي ع روما."
تعليقات الفيسبوك