لم تكد شركة مصر للطيران، التي احتفلت منذ أيام قليلة بعيدها الرابع والثمانون، تنتهي من أزمة إضراب طياريها التي كبدتها خسائر بالملايين خلال الأسبوع الماضي، إلا لتواجه اختفاء إحدى طائراتها وعلى متنها 66 شخصا في حدث يتابعه العالم منذ فجر اليوم الخميس.
وأعلنت الشركة عن فقدان طائرتها الايرباص ايه 320 فجر اليوم فوق البحر المتوسط، أثناء رحلة ليلية من باريس إلى القاهرة، وكان على متنها 66 شخصا بينهم عشرة من أفراد الأمن والطاقم، ودفعت القوات المسلحة المصرية بطائرات وقطع بحرية إلى موقع اختفاء الطائرة للبحث عنها بالتعاون مع اليونان.
وجاءت الأزمة كأحدث حلقة في سلسلة أزمات تتلاحق على الشركة منذ ثورة يناير 2011 وما تبعها من اضطرابات.
11 مليار جنيه تراجعا للإيرادات
عانت شركة مصر للطيران القابضة، التي تضم 7 شركات تعمل في مجال الملاحة الجوية وخدماتها، من تراجع حاد في إيراداتها خلال السنوات القليلة الماضية، حيث أعلنت في مارس الماضي، أنها خسرت 11 مليار جنيه منذ يناير 2011 إثر التحديات المرتبطة بالاضطربات التي شهدتها البلاد بعد الثورة.
وكان مصدر مسؤول بالشركة قال لأصوات مصرية إن إقبال الركاب والسياح على طائرات الشركة تراجع بشكل كبير منذ يناير 2011.
وتراجعت السياحة الوافدة إلى مصر بشدة بسبب الاضطرابات التي أعقبت الثورة، وانعكس هذا التراجع على أداء شركات الطيران.
وما أن بدأت حركة السياحة في التعافي خلال العام الماضي حتى تلقت ضربة موجعة جديدة مع تحطم الطائرة الروسية في سيناء في أواخر أكتوبر 2015، والذي أدى لمقتل جميع من كانوا على متنها وعددهم 224 شخصا.
ومنذ أيام أعلن وزير الطيران، شريف فتحي أن مصر للطيران خسرت 800 مليون جنيه بعد حادث الطائرة الروسية.
وحققت الشركة خسائر بلغت 718 مليون جنيه بنهاية العام المالى الماضى 2014/ 2015، بتحسن في قيمة خسائرها بنسبة 74% مقارنة بالعام المالي السابق، والتي بلغت 3 مليارات جنيه.
ويبلغ عدد العمال المنتسبين للشركة حوالي 4 آلاف موظف، بحسب ما قاله وزير الطيران، الذي اعتبر أن هذا العدد يؤدي إلى تباطؤ التطوير داخل المنظومة، على خلاف شركات طيران أخرى بها عدد قليل من العمال.
حادث اختطاف
استيقظ المصريون في مارس الماضي على حادث اختطاف طائرة ركاب تابعة لشركة مصر للطيران، أثناء رحلتها من مطار برج العرب بالإسكندرية إلى مطار القاهرة، حيث أُجبرت على الهبوط في مطار لارناكا القبرصي.
وقالت شركة مصر للطيران إن الطائرة كان على متنها 55 راكبا من جنسيات مختلفة و7 من أفراد الطاقم بالإضافة إلى أحد أفراد الأمن.
وأعلن الخاطف فور وصوله إلى لارناكا عن عدد من المطالب من ضمنها تسليم خطاب لزوجته القبرصية السابقة، والاجتماع مع مسؤول في الاتحاد الأوروبي، والحصول على لجوء سياسي في قبرص.
ومع الإعلان عن حادث الاختطاف، أشارت أصابع الاتهام إلى وجود خلل في الاجراءات الأمنية، إلا أن سلطات مطار برج العرب بالتعاون مع مصر للطيران أذاعت شريطا مصورا للإجراءات التي خضع لها خاطف الطائرة والتي تؤكد تفتيشه بشكل دقيق.
ومع انتهاء أزمة الخطف أشاد الكثيرون بتعامل طاقم الطائرة المختطفة وكيفية تصرفهم للسيطرة على الخاطف ومحاولة حماية الركاب، وقال وزير الطيران، شريف فتحي، إن "تعامل الطاقم مع الموقف واحتوائه يعكس حرفية شديدة".
أزمة داخلية
وعلى المستوى الداخلي واجهت مصر للطيران أزمة مع طياريها دفعتهم للإضراب عن العمل الأسبوع الماضي، بسبب مطالب مالية.
وطالب الطيارون بزيادة رواتبهم بنسبة 30%، ولجأوا لتقديم اعتذارات مرضية-طبقا للقانون- لعدم الإقلاع برحلاتهم وتنفيذ الإضراب، الأمر الذي أدى إلى إلغاء رحلات وتأخر إقلاع رحلات أخرى.
استمر اضراب الطيارين على مدى أربعة أيام حتى الأحد الماضي مكبدا الشركة خسائر "تتراوح بين 3 و5 ملايين جنيه منذ بدء الإضراب"، كما قالت مصادر بمصر للطيران، لأصوات مصرية وقتها.
وحسبما قالته المصادر المسؤولة بالشركة فقد دفعت الخسائر الإدارة لعرض زيادة رواتب الطيارين بنسبة 22% بداية من يوليو المقبل.
ولم يتنته الإضراب إلا مع الاتفاق على زيادة رواتب الطيارين بنسبة 40%، على أن تنفذ الزيادة على مرحلتين خلال عامين، الأولى بداية من يوليو المقبل وبنسبة 22% والثانية في يوليو 2017 بنسبة 18%، كما أعلنت الشركة.
ولم تكن هذه الأزمة هي الأولى من نوعها التي تواجهها مصر للطيران داخليا، حيث كان 224 طيارا تقدموا باستقالات جماعية في مايو من العام الماضي، بعد مطالبتهم الشركة بزيادات ومستحقات مالية، بالإضافة لتغيير لائحة الطيارين، إلا أن الشركة لم تستجب لتلك المطالب في العام الماضي، والتي تراجع عنها الطيارون لاحقا "حرصا على مصالح الشركة واستجابة لرئيس الجمهورية".
خطة جذب
وفي محاولة لجذب مزيد من الموارد، أعلنت الشركة يوم السبت الماضي عن طرح عروض بتخفيض قدره 50% على تذاكر السفر للرحلات التي تبدأ من 23 مايو الجاري وحتى آخر أغسطس القادم، لعملائها داخل مصر وخارجها خاصة مع دخول فصل الصيف وموسم الإجازات.
وأعلن وزير السياحة يحيي راشد في مقابلة مع رويترز مؤخرا أن مصر تهدف إلى جذب 12 مليون سائح بنهاية 2017 من خلال خطة تتضمن زيادة نشاط شركة مصر للطيران في الخارج.
وتتضمن الخطة التي وضعتها الحكومة المصرية لاستعادة حركة السياحة، والتي أعلنت عنها بداية الشهر الجاري، التعاون مع شركة مصر للطيران ودعم رحلاتها.
وتملك مصر للطيران أسطولا يضم 79 طائرة، تتنوع بين الطائرات ذات المدى الطويل والمتوسط والقصير، بجانب طائرات الشحن، بحسب موقع الشركة على الإنترنت.
تعليقات الفيسبوك