الاستعانة بـ"خطباء المكافأة" لتعويض نقص الأئمة في المساجد
الأمن يسمح بأداء صلاتي الفجر والتراويح خلال حظر التجوال في رمضان
15 مسجدا في شمال سيناء للاعتكاف خلال شهر الصوم
كان محمد سلطان* يعمل مفتشا بمنطقة الشيخ زويد التابعة لمديرية أوقاف شمال سيناء، في مايو 2013، قبل أن يطلب من المديرية نقله خارج الشيخ زويد، بعد اعتداء قيادي مسلح بجماعة "ولاية سيناء" عليه.
الاعتداء بالضرب على سلطان تم بسبب إلقاء خطبة جمعة لم تكن على هوى القيادي بالجماعة المسلحة، وأدى إلى تكسير أطرافه (اليدين والساقين).
واستجابت مديرية أوقاف شمال سيناء لطلب سلطان وتم نقله إلى منطقة تابعة لمدينة بئر العبد التابعة لنفس المحافظة.
مقتل 30 إماما
يقول أمين عبد الواجد، وكيل وزارة الأوقاف بشمال سيناء، إن حرب العقول بين "المتطرفين" بشمال سيناء وأئمة المساجد الذين يسعون إلى نشر الدين الوسطي وسماحة الإسلام أدت إلى مقتل 30 إماما خلال 3 سنوات.
ويوضح عبد الواجد، لأصوات مصرية، أن عناصر بجماعات "متطرفة" قتلت أئمة بمديرية أوقاف شمال سيناء سواء بالحرق أو الذبح أو إطلاق الرصاص على الرأس، بحسب ما جاء في شهادات الوفاة المُقدمة لمديرية الأوقاف لتسوية مستحقاتهم المالية.
وتشهد محافظة شمال سيناء منذ مارس 2013 مواجهات أمنية عنيفة مع تنظيم أنصار "بيت المقدس" الذي غير اسمه إلى "ولاية سيناء" بعد مبايعة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في نوفمبر 2014.
ويشير وكيل وزارة الأوقاف بشمال سيناء إلى أن الموظفين المتوفين كانوا يعملون بمناطق رفح والجورة والبرث والمهدية والزوارعة والشيخ زويد.
ويقول إن "عدد الموظفين بمديرية الأوقاف يبلغ 5 آلاف موظف بينهم 590 إمام مسجد، فيما يبلغ عدد المساجد 1300 مسجد حكومي وأهلي".
وأوضحت وزارة الأوقاف، في تصريح سابق لـ"أصوات مصرية"، أن عدد المساجد التابعة لوزارة الأوقاف على مستوى الجمهورية يبلغ نحو 120 ألف مسجد و13 ألف زاوية.
جذب العمالة
ويوضح عبد الواجد أن العاملين بمحافظة شمال سيناء في جميع الهيئات الحكومية يحصلون على حافز يسمى "جذب عمالة" تختلف قيمته من هيئة إلى أخرى.
وتابع أن "حافز جذب العمالة للموظفين بمديرية أوقاف العريش يبلغ 900 جنيه للدرجة الأولى، و700 جنيه للدرجة الثانية، و500 جنيه للدرجة الثالثة".
مناطق ساخنة
ويضيف عبد الواجد أن المساجد الموجودة في المناطق الساخنة مثل رفح، والماسورة، والشيخ زويد، بها عدد من الأئمة المقيمين مع أسرهم بالقرب من المساجد أو بداخلها أحيانا.
ويضيف عبد الواجد أن الأئمة العاملين بمناطق الجورة، والقسيمة، والزوارعة، والمهدية، والبرث يذهبون للمساجد أيام الجُمع فقط نظرا لصعوبة إقامتهم وأسرهم في تلك المناطق.
ويؤكد عبد الواجد أنه يتعذر -وأحيانا يستحيل- وصول أئمة ومفتشي ومديري الأوقاف من غير المقيمين إلى المساجد الموجودة في المناطق الملتهبة، خاصة عندما تكون هناك عمليات عسكرية أو اشتباكات بين المسلحين وقوات الأمن.
ويوضح عبد الواجد أنه في حال وصول أئمة ومفتشي ومديري المساجد لمناطق الاشتباكات وأداء صلاة الجمعة يتواصلون معه لعرض جميع السلبيات لمحاولة حلها من خلال القطاع الديني بوزارة الأوقاف.
ويشير عبد الواجد إلى معاناة موظفي المديرية الذين يقع عملهم في مناطق الاشتباكات التي تشهد تفجيرات، خاصة في ظل قطع السلطات للاتصالات والإنترنت للسيطرة على الوضع الأمني.
التراويح والاعتكاف
ويؤكد عبد الواجد أن قوات التأمين بشمال سيناء تسمح للمواطنين بأداء صلاة الفجر خلال أيام السنة، علاوة على أنها كانت تسمح بصلاة التراويح بالمساجد في شهر رمضان خلال العامين الماضيين في ظل حظر التجوال.
ويضيف عبد الواجد أن مديرية الأوقاف بشمال سيناء خصصت 15 مسجدا جامعا -يضم مكتبة شاملة ومكانا لتحفيظ القرآن- لمن يرغب في الاعتكاف وإقامة صلاة التهجد خلال شهر رمضان.
وكانت الحكومة فرضت حظر التجوال في محافظة شمال سيناء، أواخر أكتوبر 2014، عقب وقوع هجوم استهدف نقطة أمنية في كرم القواديس بالشيخ زويد ما أسفر عن مقتل 33 جنديا.
انتقاء الخطباء
ويقول أمين عبد الواجد إن هناك عجزا كبيرا في عدد الأئمة بمساجد شمال سيناء، ويتم تعويضه بخطباء المكافأة (غير المعينين في الأوقاف ويحصلون على مكافأة مقابل الخطب التي يقومون بإلقائها في أيام الجمع) حتى لا يتمكن أصحاب "الفكر المتطرف" من اعتلاء المنابر.
ويشير عبد الواجد إلى أن انتقاء الخطباء يتم بناء على عدة معايير أهمها المفهوم الصحيح للدين الوسطي غير المتطرف، إضافة إلى الكفاءة والتميز والتفاعل الدعوي مع الجمهور والالتزام بضوابط العمل الدعوي.
ويقول إنه يقوم بجمع الأئمة كل شهر بمسجد النصر بمدينة العريش لتبادل الأفكار والآراء حول تجديد الخطاب الديني ونشر وسطية وسماحة الإسلام لمواجهة "الأفكار المتطرفة والتكفيرية".
ويضيف عبد الواجد أن الأفكار المتطرفة غالبا ما تنبع من الشباب غير الدارسين لصحيح الدين، نظرا لاعتمادهم على مؤلفات وكتب تبث أفكارا متطرفة.
هدم المساجد
ويقول عبد الواجد إن عدد المساجد التي لحق بها ضرر جراء الاشتباكات بين قوات أمن وجماعات مسلحة يبلغ نحو 60 مسجدا بينها 40 مسجدا تم هدمها تماما، وذلك منذ 2013.
ويضيف أن تضرر المساجد وصل إلى مدينة العريش بعد تدمير جزء من المسجد المقابل لمديرية أمن العريش إثر سقوط قذيفة صاروخية عليه، وتم إغلاقه لحين الترميم.
وزادت العمليات المسلحة في العريش منذ سبعة أشهر مضت، بعد أن كانت العريش تشهد عمليات نوعية بسيطة مقارنة برفح والشيخ زويد في شمال سيناء.
خطبة الجمعة
ويقول عبد الواجد إن خطبة الجمعة تأتي من وزارة الأوقاف موحدة على جميع المساجد في جميع المحافظات بعد دراستها دراسة متأنية من قبل عدد من علماء الأوقاف.
ويضيف أن التوتر الأمني في محافظة شمال سيناء يجعل الأئمة يعقدون دروسا شبه يومية لتوعية المواطنين وحثهم على التعامل بسماحة الإسلام ونبذ الفكر المتطرف والتكفيري.
ويوضح عبد الواجد أن القتل والتكفير ليس لهما وجود في الدين الإسلامي، وأن "رسول الله محمد رغم أن قومه كانوا كفارا كان يدعو لهم ويقول اللهم أهدي قومي فإنهم لا يعلمون".
ومن جانبه يقول محمد الكيلاني، إمام وخطيب المجمع الإسلامي بحي المساعيد مدينة العريش، إن "وزارة الأوقاف تُحْكِم سيطرتها على مساجد شمال سيناء.. لا وجود للخطب المتطرفة فيها".
ويضيف الكيلاني أن هناك التزاماً تاماً من جميع الخطباء والدعاة بنص الخطبة التي ترسلها وزارة الأوقاف.
ويضيف أنه في حال خروج بعض الأئمة عن النص -بالخطأ- تكون هناك توجيهات من قيادات مديرية الأوقاف بمحافظة شمال سيناء، مضيفا أنه في حال تكرار الخطأ يتم التحقيق والمحاسبة.
ويشير الكيلاني إلى أن "الأئمة يتحملون جميع صعاب الحياة في شمال سيناء.. ويحتسبون عملهم رباطا في سبيل الله لتوصيل الدعوة الصحيحة والقضاء على الفكر المتطرف".
ويقول عبد المنعم الرفاعي، ناشط سياسي وأحد مواطني مدينة العريش، إن دور وزارة الأوقاف والأزهر الشريف في نشر تعاليم الدين الإسلامي بشمال سيناء "جاء متأخرا".
ويطالب الرفاعي وزارة الأوقاف بأن تركز خطب أيام الجمع في شمال سيناء على الأحداث التي تشهدها المحافظة وتشغل اهتمامات المواطنين، علاوة على تفسير تعاليم الدين الصحيح في جميع الأحداث وتقديم النصح للمواطنين.
ويضيف الرفاعي "وضع شمال سيناء عن باقي محافظات الجمهورية.. نريد الاستماع إلى وجه نظر الدين الإسلامي الوسطي في الأحداث التي تمر بها المحافظة لتوعية سكانها بخطورة الفكر المتطرف".
وطالب الرفاعي وزارة الأوقاف بعدم ترك المساجد فارغة من الخطباء والدعاة، خاصة الموجودة في أماكن بعيدة عن أعين الرقابة حتى لا يعتلي منابرها أصحاب الفكر المتطرف.
* اسم مستعار
تعليقات الفيسبوك