بكلمات "جريئة وصادمة" وموسيقى تتماشى مع روح العصر، تمردت فتيات "الأندرجراوند" على قيود المجتمع المُكبلة لحريتهن.
وتتبنى بعض المُطربات وفرق "الأندرجراوند" التعبير عن قضايا المرأة، في محاولة لانتزاع حقها في الحب والعمل والسفر بل وركوب الدراجة وارتداء الفستان وغيرها من الحقوق، وتغيير الصورة النمطية عنها في المجتمع.
وتهتم فرق الأندرجراوند (تحت الأرض) بموضوعات لا يهتم بها الغناء العام بنفس الدرجة وتعلي قيمة وحرية الابداع من خلال أنواع مختلفة من الموسيقى والغناء مثل الراب والروك والميتال والجاز، مستهدفة فئة الشباب.
*تابوو
قالت رانيا العدوي، مطربة ومؤسسة فرقة تابوو، لأصوات مصرية، إنها أسست فرقتها لمناقشة جميع التابوهات (المحظورات)، ولشعورها بأهمية وجود أغان تتحدث بلسان الفتاة وتعبر عن مشكلاتها ورؤيتها للمجتمع.
وتأسست فرقة تابوو في مايو 2015، وكانت انطلاقتها بأغنية "متبصليش من بره بس"، وقدمت العديد من الأغنيات الهادفة لتغيير نظرة المجتمع للفتاة مثل "الحرملك" و"جسد للفرح" و"ليلة حمرا".
وأضافت رانيا "عندنا فئات كتير محدش بيعبر عنها زي الغارمات والمطلقات، والبنات اللي بتتعرض للتحرش في الشارع، وبتواجه قيود بتفرضها ثقافتنا الشرقية ودي مواضيع محتاجة اهتمام".
وأشارت إلى أن أول "تابوو" قابلها كان ضم عازفات للفرقة، موضحة أن "الأهالي بيخافوا إن بناتهم يبقوا عضوات في فرق أندرجراوند. ورغم أن البنت تقدر تطلع فن كويس لكن كتير مبتخدش فرصة. اضطريت أني استعين بعازفين من الرجال عشان أعمل الفرقة".
واستعرضت الفرقة في أغانيها بعض التابوهات ففي أغنية "الحرملك" ثورة ضد السيطرة الذكورية: "من قلب الاستبداد جاية آخد حقي، وأرفض قانون الظلم للراجل الشرقي".
وعن ردود الفعل على أغانيها ولا سيما من الرجال الذين تنتقدهم في كثير من أغنياتها قالت رانيا العدوي "طبيعي إن الناس تختلف عليك، مش كلهم هيبقوا معاك أو ضدك، وده شيء صحي".
وأضافت مؤسسة الفرقة "كان من الغريب بالنسبة لي إن جمهور الفرقة أكتره من الولاد، رغم أني مستهدفة البنات بدرجة أكبر، وأعتقد تفسير ده إن الولد محتاج يفهم شخصية البنت ويستوعب العالم بتاعها، وده لو حصل طريقة تعامله معاها هتختلف".
*بنت المصاروة
وقالت إسراء صالح إحدى عضوات فرقة "بنت المصاروة"، لأصوات مصرية، إنها وزميلاتها تنظرن لفرقتهن باعتبارها "مشروع يعمل على خلق مساحات فنية بديلة في المناطق المهمشة في مصر، تسمح بالتعبير عن التجارب الحياتية والمشكلات التي ساهم في وجودها التمييز المبني على النوع الاجتماعي، وتوثيقها ونشرها من خلال منتجات موسيقية ومسرحية".
وتأسست فرقة "بنت المصاروة" كنتاج لورشة كتابة للفتيات نظمتها مؤسسة نظرة للدراسات النسوية في يوليو 2014، ونتج عنها ألبوم يحمل اسم الفرقة بالتعاون مع استوديو "بدروم" بالإسكندرية، من وحي قصصهن وتجاربهن.
وقالت مارينا سمير، عضو الفرقة، إن تجربتهن تستهدف المساهمة في حراك ثقافي يدعم التقبل المجتمعي للتفرد والاختيار الحر.
وأشارت إلى اختيار "بنت المصاروة" كاسم لفرقتهن المكونة من ثلاث فتيات هن إسراء صالح ومارينا سمير وميام محمود "لأنه يعبر عن روح المشروع، ويشير للشريحة الأساسية التي تحاول المجموعة نقل تجاربها إليها، وعلى رأسها الفئات الأكثر فقرا وتهميشا في الصعيد والدلتا".
وأضافت "نعمل على توثيق التجارب الحياتية وطرحها في شكل فني كنوع من أنواع المقاومة للثقافة السائدة، التي تعيد إنتاج صور نمطية لتلك المجتمعات والفئات وترسخ للذكورية والأبوية وغيرها من منظومات القهر".
ومن أغاني الألبوم "حريتي" و"حرب كبيرة" و"قولوا لأبوها" و" مُرة مرار"، وحملت كلماته رفضاً أنثوياً لسيطرة الرجل على المرأة وامتلاكها برابط الدم أو الزواج.
فتقول كلمات أغنية "مُرة مرار": " الحب عمره في يوم ما كان سيطرة، الحب هو اللي يقدم مش يرجع لورا، قال إيه عايز تحميني... إنت كده بتلغيني".
وتصحح أغنيتي "قولوا لأبوها" و"فهمونا زمان" عدداً من المفاهيم عن البنت المصرية.
وتتحدث مطربة الأندرجراوند ميام محمود عن ردود الأفعال على الألبوم الأول للمجموعة، قائلة "كان استقبال مشجع وإيجابي، ولكننا على وعي بأن الجمهور حتى الآن هو من المهتمين والمهتمات بقضايا النساء والنوع الاجتماعي، لذلك نأمل في المستقبل في الوصول لشرائح أوسع من الناس ممن يختلفون فكريا عنا".
وأضافت ميام "نسعى لفتح نقاش مجتمعي في قضايا النوع الاجتماعي"، مشيرة إلى أن الفرقة تركز هذا العام على العمل مع النساء في صعيد مصر.
*واقع المرأة في أغنية
خصصت العديد من المطربات الشابات عدداً من أغانيهن للتعبير عن الواقع الذي تعيشه المرأة المصرية والقيود المفروضة عليها، من بينهن دينا الوديدي ومريم صالح وميام محمود وفيروز كراوية.
فتحدثت دينا الوديدي عن المجتمع الذي ينظر إلى غناء الفتاة وحقها في الحب باعتبارهما من المحرمات، في أغنيتي "العرس" و"الحرام"، والتي قالت فيها "الحرام مش اني أغني الحرام مش أني أحب، الحرام هو الكلام اللي نصه يا عم كدب".
وعبرت مطربة الراب "ميام محمود" عن رفضها للحكم على الفتاة من خلال مظهرها في أغنيتها "الأنوثة فكر وعقل".
وتقول كلماتها: "إزاي تحكم عليا من شعري ولا طرحتي.. لو يوم بصيت عليا مش أنا اللي هداري كسفتي.. بتعاكس وبتتحرش، وفي إنك صح مش غلط ولو حتى بس بالكلام دي مش معاكسة ده زلط".
*الغناء لا يقدم حلولاً
ويرى محمود رفعت، صاحب شركة للإنتاج الفني، أن تخصص بعض الفرق في مناقشة قضايا بعينها "أكبر خطأ" لا سيما فيما يخص قضايا المرأة، قائلا إن "ده مش بيقدم أي حلول بالعكس بيأكد المشكلة".
وأضاف رفعت "لما الست تعمل مزيكا زيها زي الراجل ده مثال حي وله تأثير أكبر على الأجيال الصغيرة، لما يشوفوا مثلا بنت واقفة على الدي جي أو بتعزف أو تغني في فرقة".
وتابع "ده أحسن للستات من أننا نغني مشاكلهم ونحط تحتها خط والست تطلع تقول أنا مقهورة"، ووصف ذلك بأنه "قمة الفشل".
*تغيير مفاهيم المجتمع
على العكس ترى الحقوقية انتصار السعيد، مديرة مؤسسة القاهرة للتنمية، أن الفن والغناء يلعبان دورا كبيرا في تغيير مفاهيم المجتمع، لتصل لفئات مختلفة وقطاعات أكبر وتؤثر في وجدانهم.
وأضافت أن الفن تأثيره أقوى من الطرق المباشرة والتقليدية في التوعية بمشاكل وقضايا المرأة.
تعليقات الفيسبوك