مرت سوق العملة في مصر بتذبذبات عنيفة خلال الأسبوع الماضي، ليرتفع سعر الدولار بما يزيد على 100 قرش في السوق السوداء، ويتجاوز سعره 11.75 جنيه، قبل أن ينخفض بأكثر من جنيه دفعة واحدة بعد الإعلان عن تدفقات دولارية جديدة من الإمارات.
وأعلنت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، يوم الجمعة الماضي، إن خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة أمر بتقديم 4 مليارات دولار دعما لمصر، منها 2 مليار دولار وديعة في البنك المركزي لدعم الاحتياطي النقدي، والباقى استثمارات.
وأرجع محمد أبو باشا، محلل الاقتصاد الكلي بالمجموعة المالية هيرمس، صعود سعر الدولار أمام الجنيه لمستوى غير مسبوق في السوق السوداء قبل الإعلان عن الوديعة إلى المضاربات.
وقال إن "الارتفاعات الكبيرة جدا في فترة قصيرة جدا تكون انعكاسا للمضاربات أكثر من كونها زيادة في الطلب الحقيقي".
فيما قال هاني فرحات، محلل الاقتصاد الكلي في بنك استثمار سي أي كابيتال، إن القفزة الهائلة في سعر الدولار سببها زيادة الطلب من المستوردين لتوفير سلع شهر رمضان.
كما يرى فرحات أن بعض حائزي الدولار امتنعوا عن بيعه أملا في ارتفاع جديد لسعره، خاصة بعد إغلاق عدد من الصرافات وتقليل المعروض في السوق، في الوقت الذي لم يطرح فيه البنك المركزي عطاءات استثنائية لبيع الدولار كما كان متوقعا لتغطية الطلب المتنامي.
وتعاني مصر نقصا حادا في العملة الصعبة نتيجة تراجع إيراداتها الأساسية منها وهي السياحة والاستثمار الأجنبي وتحويلات المصريين في الخارج.
وانخفض الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي إلى 16.5 مليار دولار في نهاية مارس الماضي، مقابل 36 مليار دولار قبل يناير 2011.
ويتجه البنك المركزي لطرح كميات استثنائية من الدولارات كل فترة لتلبية الطلب المتزايد في السوق، والذي يؤدي تراكمه لاشتعال المضاربات على العملة.
وأدى الإعلان عن الوديعة الإماراتية إلى خفض أسعار صرف الدولار في السوق السوداء، لتدور ما بين 10.25 جنيه و10.75 جنيه للدولار الواحد، بحسب مذكرة بحثية أصدرها بلتون فاينانشال أمس.
ويقول هاني جنينة، رئيس قطاع الأسهم في بلتون فاينانشال، إن توقيت تقديم الوديعة مع اقتراب انتهاء موسم استيراد احتياجات شهر رمضان سوف يسهم إلى حد كبير في تهدئة الطلب على الدولار والسيطرة على سعره في السوق السوداء.
ويرى جنينة أن الوديعة الإماراتية من شأنها أن تخرج مصر من "مطب" سداد ديون بقيمة 1.7 مليار دولار في شهر يوليو المقبل، تشمل آخر شريحة من الودائع القطرية لدى البنك المركزي بقيمة مليار دولار، بالإضافة إلى القسط الدوري لنادي باريس.
لكن هذا الدعم الإماراتي لن يحل مشكلة نقص الدولار، كما يضيف جنينة، متوقعا أن تستمر السوق السوداء في نشاطها ولكن بتداولات ضعيفة لحين وصول سيولة دولارية جديدة خلال الشهور المقبلة.
السعر الرسمي للجنيه لن ينخفض قبل رمضان
أدى الصعود المستمر للدولار في السوق السوداء خلال الأسبوع الماضي إلى زيادة التكهنات باتجاه البنك المركزي لتخفيض السعر الرسمي للجنيه، إلا أن طارق عامر، محافظ المركزي، أكد يوم الأربعاء الماضي، إنه "لا توجد نية أو اتجاه لخفض جديد في قيمة الجنيه".
كان البنك المركزي خفض قيمة العملة إلى 8.85 جنيه للدولار في 14 مارس الماضي، مقابل 7.73 جنيه، وأعلن أنه سيتبنى سعر صرف أكثر مرونة. ثم رفع لاحقا سعر الجنيه 7 قروش ليستقر عند 8.78 للدولار الواحد.
واستبعدت بنوك استثمار هيرمس وبلتون فاينانشال وبرايم تخفيض قيمة العملة المحلية رسميا على المدى القصير.
وقال بلتون فاينانشال في مذكرة بحثية إنه من غير المرجح أن يسمح البنك المركزي بتحرك كبير في سعر الجنيه مقابل الدولار قبل شهر رمضان، الذي يحل في يونيو المقبل.
ويرى رئيس قطاع الأسهم في بلتون فاينانشال أن الأسعار في السوق لن تتحمل مزيدا من الانخفاض في سعر الجنيه خاصة مع اقتراب شهر رمضان، معتبرا أن "الشركات والمستهلكين يحتاجون فترة لاستيعاب الخفض الأخير في قيمة الجنيه".
ويقول بنك استثمار برايم في مذكرة بحثية إن "خفض الجنيه في المدى القريب من شأنه أن يعيد السوق الى حالة الترقب من جديد وهو الانتقاد الذي تم توجيهه إلى سياسة البنك المركزي قبل طارق عامر حيث كان البنك المركزي يتبع سياسة الخفض التدريجي".
أما محلل الاقتصاد الكلي في هيرمس فيقول "أظن أنه من المبكر أن يتحرك المركزي بعد أقل من 5 أسابيع بخفض جديد".
ويوضح أبو باشا أن خفض الجنيه لابد أن يكون مرتبطا بفتح قنوات لدخول تدفقات نقد أجنبية جديدة من خارج الاقتصاد.
وتتوقع المجموعة المالية هيرمس أن يرتفع الدولار في السوق الرسمي إلى ما بين 9.50 أو 9.60 جنيه خلال العام الجاري.
لكن هاني فرحات، محلل الاقتصاد في سي أي كابيتال، لا يرى أن هناك ما يمنع البنك المركزي من خفض الجنيه في أي وقت، معتبرا أن "التنبؤ بتوقيت خفض الجنيه أصبح شبه مستحيل..القرار لم يعد يخضع لتوقعات وحسابات السوق".
ويقول فرحات "طبعا هنشوف جولة أخرى في 2016 ..معادها في أي وقت لنصل إلى 9.50 أو 10 جنيه للدولار".
ويتوقع بلتون فاينانشال أن يخفض المركزي الجنيه بنهاية الصيف المقبل لمستوى 9.50 للدولار.
تعليقات الفيسبوك