أعادت زيارة العاهل السعودي لمصر الجدل حول مشروع إنشاء جسر يربط البلدين، والذي طرحت فكرته منذ عام 1988 بهدف تيسير التجارة، ولاقت انتقادات لأسباب سياسية وبيئية.
ويطرح الخطاب الرسمي للجانبين المصري والسعودي المشروع، الذي سيحمل اسم ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، بلهجة متفائلة، بينما يترقب خبراء بيئيون إعلان تفاصيل أكثر عن طريقة تنفيذه حتى يتمكنوا من تقييم تأثيره على البيئة البحرية التي سيعبر فوقها.
ومنذ نحو ثلاثة عقود يناقش الجانبان المصري والسعودي فكرة بناء جسر يربط شبه جزيرة سيناء بالمملكة بهدف تقصير مسار التجارة بين القارتين الأفريقية والآسيوية، ولكن مصر عارضت الفكرة تحت حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، لأسباب سياسية ترتبط بمعارضة إسرائيل لهذا المشروع، حسب ما جاء في تقرير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية.
وجاءت المعارضة الإسرائيلية للمشروع نظرا لما قد يسهم فيه الجسر من إعاقة مساراتها الملاحية عبر خليج العقبة إلى المحيط الهندي.
ويوضح تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال أن المشروع تم رفضه من الجانب المصري عام 2005 لأسباب أمنية وبيئية، وتتعلق الأخيرة "بتدمير الشعاب المرجانية بالبحر الأحمر".
مخاوف من تدمير البيئة البحرية بسبب خوازيق الجسر
ويقول هشام جبر، رئيس جمعية سينا ريف لحماية البيئة وتنمية المجتمع، إن "هناك مخاطر بيئية مؤكدة لمشروع جسر الملك سلمان في حال الاعتماد في بنائه على نظام دق الخوازيق في البحر، والتي يمكن أن تدمر البيئة البحرية للمحميات الطبيعية التي سيمر الجسر عليها".
وأوضح جبر، لأصوات مصرية، أن مشروع الجسر سيعبر على محميات "رأس محمد" و"تيران" و"صنافير".
وبحسب جبر، يمكن تجنب الآثار البيئية الضارة للجسر إذا تم بناؤه بتكنولوجيا "الجسر الطائر" التي لا تعتمد على دق خوازيق في البحر لحمل الجسر، "ولكن من الصعب بناء جسر سلمان بهذه التكنولوجيا بسبب طوله".
ويوضح جبر أن أحدث التطبيقات لتكنولوجيا الجسر الطائر كانت في مشروع جسر نرويجي سيبدأ العمل فيه عام 2020، ويصل طول أكبر جزء معلق فيه إلى 4 كيلومترات، بينما جسر الملك سلمان من المتوقع أن يصل طول أكبر جزء معلق فيه إلى 6600 كيلو متر.
وبسؤال بيلي حطب، رئيس المكتب الفني بقطاع حماية الطبيعة بوزارة البيئة، عن المخاوف البيئية المطروحة عن المشروع، قال لأصوات مصرية إنه لا يزال "فكرة سياسية" ومن الصعب التعليق عليه قبل إجراء دراسات تقييم الأثر البيئي.
وأشار مسؤول وزارة البيئة إلى أن خليج العقبة به مناطق شديدة العمق يصعب دق الخوازيق فيها.
مسئول بالبيئة: المشروع لايزال فكرة سياسية
وكانت مصر قد أعادت طرح المشروع على المملكة بعد الإطاحة بمبارك، في عام 2011، وقال تقرير لصحيفة دير شبيجل الألمانية في ذلك الوقت إن الحكومة المصرية اعتمدت المشروع، إلا أنه لم يُفعّل على أرض الواقع.
وبعد انتخاب الرئيس الأسبق محمد مرسي وزيارته للعاصمة السعودية الرياض، نقلت الصحف عن وزير النقل آنذاك، محمد رشاد، قوله إن البلدين ماضيان في تنفيذ المشروع.
وفي أعقاب عزل مرسي أعاد وزير النقل إبراهيم الدميري المشروع إلى دائرة الضوء، ولكن الجسر ظل أسير النوايا الطيبة بين البلدين ولم يتم تفعيله.
ثم جاء الإعلان الأخير عن الجسر في سياق زيارة غير اعتيادية للعاهل السعودي إلى مصر شهدت توقيع 17 اتفاقية تعاون بين البلدين.
ويقول محمد ناقد المستشار الإعلامي للجمعية المصرية السعودية لرجال الأعمال، لأصوات مصرية، إن "المشروع يمثل فرصة كبيرة لتنشيط التجارة بين آسيا وأفريقيا لما سيسهم فيه من اختصار المسافة، كما سيحقق عوائد كبيرة من رسوم نقل البضائع والحجاج، وسيساعد على تنمية سيناء".
وبحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية فقد فاجأ الرئيس المصري العاهل السعودي باقتراح تسمية الجسر باسم "الملك سلمان".
ولم يلق المشروع معارضة من الجانب الإسرائيلي عند طرحه هذه المرة، كما تقول الصحيفة الإسرائيلية، بسبب "تغير الظروف في المنطقة والعلاقات الوثيقة بين إسرائيل والمصريين والسعوديين".
تعليقات الفيسبوك