مجموعة من الجزر الصغيرة تقع في غرب البحر الكاريبي، لا يتجاوز عدد سكانها المئة ألف نسمة، تلك هي مواصفات جزر كايمان التي لن تجد اسمها ضمن قوائم كبار الشركاء التجاريين لمصر، لكنها المقصد الرئيسي للمستثمرين المصريين الذين يبحثون عن تحقيق أرباح من أسهم الشركات أو وثائق الديون في الأسواق الخارجية.
وتعد جزر كايمان من أبرز مناطق العالم المعروفة باسم "الملاذات الضريبية"، وهو مصطلح يطلق على دول أو مناطق تعفي الشركات من أعباء الضرائب، كما يتمتع المستثمرون فيها بسرية تامة لبياناتهم.
وكشفت وثائق مسربة مؤخرا من بنما عن اتجاه قطاع كبير من السياسيين والمستثمرين المرتبطين بهم لتحويل أموالهم إلى ملاذات ضريبة، مثل كايمان، هربا من الأعباء الضريبية الكبيرة في بلدانهم، أو غسلا لتلك الأموال التي تم اكتسابها بطرق غير مشروعة.
وبحسب بيانات البنك المركزي، تأتي جزر كايمان على رأس قائمة الدول التي يستثمر فيها المصريون في مجال "استثمارات المحفظة"، والتي تشمل الأوراق المالية مثل الأسهم والسندات.
ويتميز الاستثمار في الأوراق المالية بسهولة التخارج منه، مقارنة بالاستثمار المباشر كبناء مصنع أو تأسيس مزرعة.
وتشير بيانات المركزي المصري إلى أن إجمالي استثمارات المصريين في محفظة الأوراق المالية بجزر كايمان بلغ نحو 416 مليون دولار في يونيو 2015، بحسب آخر البيانات المنشورة.
ويقول كريستيان فيرمير، الخبير بمنظمة فاينانشال ترانسبرينسي، لأصوات مصرية، إن الاستثمارات المصرية في تلك الجزر تستحق الالتفات لها ودراسة أسباب الإقبال عليها "لأن جزر كايمان لا تقدم فقط إعفاء من الضرائب ولكن أيضا مستويات عالية من السرية".
وكان الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين قد أعلن، الأحد الماضي، عن تسريب نحو 11 مليون وثيقة تكشف عمليات إخفاء مليارات الدولارات من قبل قادة وسياسيين من مختلف دول العالم، منهم عائلة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
وتبلغ الاستثمارات المالية المصرية في كايمان مثليّ الاستثمارات المصرية في الولايات المتحدة الأمريكية تقريبا، والتي تحتل المرتبة الرابعة بقيمة بلغت نحو 219 مليون دولار، وتسبقها في المركز الثالث الاستثمارات في أوراق تصدرها مؤسسات دولية، لم يكشف المركزي عن أسمائها، بلغت 250 مليون دولار.
"العديد من المؤسسات في مصر تستثمر جزءا من أموالها في شراء وثائق تصدرها صناديق استثمار في كايمان للاستفادة من المزايا الضريبية هناك، وهذه الصناديق بدورها تستثمر أموالها في العديد من بلدان العالم" كما يقول يوسف بشاي، مدير علاقات العملاء المصريين ببنك بي ان بي باريبا، لأصوات مصرية.
وبالرغم من محدودية حجم اقتصاد كايمان لكنها تشتهر بنشاطها في مجال إدارة الأموال، حيث تقول وكالة موديز للتصنيف الائتماني إن القطاع المالي والتأميني هو أكبر مساهم في الناتج المحلي الإجمالي لهذا البلد، بنسبة بلغت 42% سنة 2013.
ويتلقى القطاع المالي دعما من الامتيازات الضريبية في البلاد، حيث تعفي كايمان من الضرائب كل من الدخول والأرباح والمكاسب الرأسمالية المولدة من الاستثمارات المحلية.
وتشتهر كايمان بكونها من الدول غير المشجعة لفرض الضرائب حتى أنها لا تفرض ضرائب على المبيعات أو المواريث، وتعوض ايرادات الضرائب من مصادر أخرى مثل الجمارك والرسوم.
لذلك يثير الإقبال على الاستثمار في مثل هذا الملاذ الضريبي المخاوف من أن يكون غطاء لعملية تهرب ضريبي، حيث يمكن تسجيل شركة في الملاذ الضريبي يكون نشاطها الرئيسي في بلد آخر يفرض ضرائب مرتفعة، ويتم تحويل الأرباح لكايمان حتى تعفى هناك من الضرائب.
لكن جورج تيرنر، الخبير بالشبكة الدولية للعدالة الضريبية، يرى أنه من غير المرجح أن يكون هذا منطبقا على استثمارات المحافظ المالية، نظرا إلى أن مستثمر المحفظة عادة ما يشتري حصص أقلية في الشركات، فلا تكون الشركة الواقعة في كايمان مركزا رئيسيا لنشاط المستثمر في مصر يستطيع أن يحول إليه الأرباح، كما يحدث في حالة تأسيس شركات استثمار في تلك الجزر، كما قال في تعليق لأصوات مصرية.
تعليقات الفيسبوك