اعتبر مصدرون ومحللون في بنوك استثمار أن قرار البنك المركزي برفع الحد الأقصى للإيداع الدولاري للشركات المصدرة سلاح ذو حدين.
فبينما يسهم القرار في زيادة الحصيلة الدولارية الداخلة للجهاز المصرفي، فإنه من جانب أخر سيؤدي إلى إنعاش السوق السوداء وزيادة المضاربة على الدولار.
كان البنك المركزي أعلن أمس الإثنين، على موقعه الإلكتروني، قراره برفع الحد الأقصى للإيداع الدولاري للمصدرين الذين يحتاجون لاستيراد مستلزمات إنتاج، إلى مليون دولار شهريا (أو ما يعادله بالعملات الأجنبية).
واشترط المركزي أن يتناسب حجم الإيداعات الدولارية مع طلبات الاستيراد المقدمة، بالإضافة للالتزام بتوريد حصيلة التصدير بالعملة الأجنبية، بحد أدنى مساو لقيمة الإيداعات، خلال مهلة لا تزيد على 3 أشهر.
وعلقت إيمان نجم، محللة الاقتصاد الكلي في بنك الاستثمار برايم، على قرار المركزي برفع الحد الأقصى للإيداع للشركات المصدرة بقولها "لأول مرة نرى المركزي يعمل بشكل واضح على تشجيع أحد مصادر جلب العملة الصعبة.. بدلا من التركيز فقط على تضييق الخناق على الطلب من خلال تحجيم الاستيراد وزيادة الجمارك".
وأضافت المحللة أن هذا القرار الذي اعتبرته "خطوة هامة ومطلوبة من زمان"، يُسهل استيراد المكونات للشركات المصدرة بما يزيد حصيلة الدولار، لكنه على الجانب الأخر يساهم في إنعاش السوق السوداء.
كان المركزي وضع في فبراير 2015 حدا أقصى للإيداع الدولاري الشهري عند 50 ألف دولار، مستهدفا التضييق على السوق السوداء للعملة. ثم رفع هذا الحد خلال الشهر الماضي إلى 250 ألف دولار للشركات المستوردة للسلع الأساسية، لمواجهة الأزمة التي عاناها المستوردون في توفير العملة الصعبة.
وتوقع هاني جنينة، رئيس قطاع الأسهم في بلتون فاينانشال، أن يرتفع سعر الدولار في السوق الموازية بعد هذا القرار.
وقال "سنرى مضاربات على الدولار نتيجة زيادة الطلب في السوق السوداء، في ظل عدم قدرة البنوك على توفير العملة الصعبة للشركات".
وارتفع سعر الدولار خلال الأيام الماضية في السوق السوداء واقترب من 9 جنيهات، وبعد الإعلان عن هذا القرار قفز أكثر ليتعدى 9 جنيهات.
وبالرغم من أن العام الماضي شهد انخفاضات للجنيه في مواجهة الدولار، وهو ما يقلل من تكلفة الصادرات المصرية في الأسواق الخارجية ويدعم تنافسيتها، إلا أن عام 2015 لم يكن عاما سعيدا للمصدرين.
فبحسب بيانات وزارة الصناعة والتجارة، سجل إجمالي قيمة الصادرات غير البترولية خلال العام انخفاضا بنحو 16.5% مقارنة بعام 2014، لتصل إلى 18.592 مليار دولار.
وأرجع المصدرون هذا الانخفاض في الصادرات إلى نقص العملة الصعبة مما أعاقهم عن استيراد المواد الخام اللازمة لهم للتصنيع.
واتفق 3 من رؤساء المجالس التصديرية مع محللي برايم وبلتون، بأن رفع الحد الأقصى للإيداع إلى مليون دولار سيحل مشكلة استيراد المكونات مما يساعد الشركات على الإنتاج والتصدير وبالتالي زيادة الحصيلة الدولارية.
لكن المصدرين طالبوا برفع الحد الأقصى تماما، وتحرير سعر الجنيه بدلا من القرارات التي وصفوها بأنها "مسكنات لا تحل أصل المشكلة".
وقال خالد أبوالمكارم، رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية، إن القرار "جيد ولكنه ليس ممتازا"، فيما وصفه وليد جمال الدين رئيس المجلس التصديري لمواد البناء بأنه " جيد من باب أن نصف العمى أحسن من العمى كله".
وأشار جمال الدين إلى أن "بعض الشركات كانت لديها حصيلة دولارية ولا تستطيع إيداعها لشراء المكونات.. ورفع الحد الأقصى ينهي هذه المشكلة".
وأضاف أن "عددا كبيرا من المصدرين لجأوا إلى تأسيس شركات في الخارج لتحويل جزء من حصيلة صادراتهم إليها بما يسهل عليهم شراء الخامات والمكونات دون التقيد بالحد الأقصى الذي فرضه المركزي.. وبالتالي رفع الحد الأقصى لمليون دولار يسهم في تشجيع المصدرين على تحويل كامل حصيلة التصدير مباشرة للبنوك المصرية".
لكنه قال إن "المليون دولار غير كافية للشركات الكبيرة".
وبينما رحب عمرو أبو فريخة، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، بالقرار لكنه يرى أنه سيؤدي إلى رفع تكلفة استيراد المكونات على المُصدر، لأنه سيشترى الدولار من السوق السوداء بأسعار مرتفعة، مع عدم قدرة المركزي على توفير العملة الصعبة.
وقال جنينة إنه بعد رفع الحد الأقصى للإيداع الدولاري للمصدرين وقبلهم مستوردي السلع الأساسية، فإن نحو 70 بالمئة من الشركات المستوردة حاليا أصبحت تعتمد "بشكل شبه كامل على السوق السوداء، وهو ما يعني أن الجنيه دخل بالفعل مرحلة التعويم".
تعليقات الفيسبوك