كتب سلامة أحمد سلامة - من الطبيعى أن تشعر نسبة كبيرة من المصريين بالحيرة وعدم اليقين، كلما اقترب موعد انتخابات الإعادة. وما بين تأييد مرسى ورفض شفيق، أو تأييد شفيق ورفض مرسى تتأرجح الآراء وتنطمس معالم الحقيقة. ولعلك واجهت هذا السؤال من كثيرين لم يصدقوا ما يصل إلى أسماعهم أو تتلقاه أبصارهم على شاشات التليفزيون وصفحات الصحف دون أن تتغلغل إلى قلوبهم.. بعد أن وصلت درجة الاستقطاب أقصاها. ومازالت هناك تساؤلات خطيرة تدور حول مدى التزام كل مرشح منهما بضرورات الإصلاح الاقتصادى والسياسى الذى تتوق مصر إلى تحقيقه، وحول الخبرة العملية وقدرة كل منهما على الإنجاز. ولا تغرنك هذه المظاهرات والمليونيات التى تساق إلى ميدان التحرير دون جدوى. ولا تكشف عن الاتجاه الحقيقى للأغلبية أو تنبئ بانتصار حكم الديمقراطية! مما أوحى للكثيرين بأن الحل المريح هو عدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع أو إبطال الصوت إذا لزم الأمر. وهو ما يرفضه الكثيرون ويعتبرونه تهربا من المسئولية.
ومثل هذا السلوك لا يتفق بأى حال مع الإيمان بالديمقراطية ولا يحقق أهداف الثورة. ويعيد مصر إلى النظام المباركى الذى كان يتم فيه تقفيل الصناديق وإعلان النتائج دون مشاركة من الناخبين فى الانتخابات.
ولعلنا نلاحظ أن اختلاف الرأى حول اختيار أى من المرشحين، لم تتجل مظاهره فى ميدان التحرير ولافتات المتظاهرين فحسب، ولا فى برامج التليفزيون المنحازة التى يقدمها إعلاميون لايفتقرون إلى أصول المهنة فحسب.. ولكنها تتجلى فى مستويات أخرى من العلاقات داخل الأسرة الواحدة. فبينما أعلنت هدى عبدالناصر تأييدها لشفيق مثلا «لأن أسرة عبدالناصر لا تنتخب أحدا من جماعة حاولت اغتيال عبدالناصر» أظهر شقيقها عبدالحكيم موقفا مضادا بتأييد صباحى ورفض شفيق لأنه كان وزيرا ورئيس وزراء فاسدا من نظام مبارك.
وذهبت الخلافات العائلية إلى حد شق الصف فى أسرة سياسية مثل أسرة أسامة الغزالى حرب. الذى أعلن تأييده لشفيق، على أساس أن وصف الفلول ينطبق على الجميع وكلنا من النظام السابق على حد قوله. بينما يتهمه ابن شقيقه شادى الغزالى عضو اتحاد شباب الثورة بأن تأييد عمه لأحمد شفيق هو خيانة للثورة ودماء الشهداء.
يذكرنى الهجوم الذى تعرض له أسامة الغزالى حرب بنفس الموقف الذى تعرض له حين أعلن خروجه من لجنة السياسات فى الحزب الوطنى المنحل وإنشاء حزب جديد. وقد لاقى أسامة العنت والنقد اللاذع من أصدقائه ومنافسيه، ومن كثير من الأقلام التى تأخذ عليه اليوم انضمامه لصفوف شفيق. والمسألة هنا هى أن السياسى قد يتحول من جانب إلى جانب ومن حزب إلى حزب. ويظل من الضرورى أن يحافظ المرء على حقه فى التمسك بحرية إرادته وحريته فى الرأى فى ضوء توازنات وحقائق تتبدى له فى أوقات مختلفة، لابد أن يحسمها هو بنفسه وليس بناء على أوامر السمع والطاعة.
صحف وأقلام كثيرة ظلت تهاجم الإخوان المسلمين وتوجه إلى حزبها الحرية والعدالة أقسى الاتهامات، حتى إذا أجريت الانتخابات وأسفرت عن تقدم مرسى فى مواجهة شفيق، تحولت الدفة إلى هجوم كاسح على شفيق وإبراء لذمة الإخوان.. على أساس أن «بعض الشر أهون من بعض»، وأن الإخوان وقفوا فى وقت من الأوقات مؤيدين للثورة منذ بدايتها. بينما عجز شفيق عن تبرئة نفسه من موقعة الجمل وعجز عن كسب ثقة شباب الثورة.
فى اعتقادى أن الولاء للديمقراطية يظل هو المعيار الحاكم فى تحديد موقف المرء من الاختيار بين هذا المرشح وذاك. أيهما أكثر احتراما للديمقراطية فى رأيك: هو السؤال الذى يجب أن تجيب عنه، ولهذا السبب لم أجد مبررا لهذا النقد اللاذع الذى شنته بعض الأقلام ضد أسامة الغزالى حرب. فمازال من حق كل شخص أن يدافع عن حقه فى حرية الرأى والتعبير. والديمقراطية فى جوهرها تكمن فى تنوع الآراء والاختيارات، بغض النظر عن الأهواء والتحزبات.
تعليقات الفيسبوك