الأسبوع الماضى أصدر المئات من المثقفين بيانا قالوا فيه إنهم لن يتنازلوا عن الحريات التى «اكتسبها شعبنا بعد تضحيات أبنائه من مختلف فئاته وطبقاته وطوائفه».
البيان وثيقة تنديد بالقوانين التى صدرت بهدف قمع حرية التعبير عن طريق التظاهر. الأسبوع الماضى أيضا شهد صدور تقريرين حقوقيين مهمين.
الأول صدر عن المجلس القومى لحقوق الإنسان والذى أثبت أن حالات التكدس فى أماكن الاحتجاز تراوحت ما بين٤٠٠٪ إلى ١٤٠ ٪؛ وأن هناك أعدادا تتراوح بين ٣٦ إلى ٩٠ ضحية فقدوا حياتهم أثناء احتجازهم نتيجة الأوضاع البائسة التى احتجزوا فيها.
تقرير المجلس ليس بعيدا جدا عما اكتشفته النيابة العامة أثناء تفتيشها أماكن الاحتجاز، حيث تبين لها أن التكدس وانعدام التهوية يتسببان فى موت بعض المحتجزين اختناقا ويؤديان إلى تفشى «الجرب» بينهم.
الثانى أصدره مركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب، وقال فيه إنه خلال شهر مايو الماضى تمكن من رصد انتهاكات متعددة من بينها «49 حالة تعذيب، منها 3 حالات تعذيب وتكدير جماعى، وحالتا تعذيب جنسى، و20 حالة إهمال طبى».
تسلم الرئيس تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان، وهو على إطلاع بالطبع على كل ما تنشره المنظمات الحقوقية المصرية والدولية عن تردى أحوال حقوق الإنسان فى مصر.
الرئيس لم يتحرك؛ الأجهزة الأمنية تحركت. الجمعة الماضية نُشر خبر وتقرير مترابطان. الخبر عن بناء سجون جديدة فى الصالحية والسلام والنهضة و١٥ مايو لاستيعاب الزيادة فى أعداد المسجونين.
أما التقرير فنشرته «الشروق» ويقول إن «اثنين من أهم الأجهزة الأمنية يجهزان جملة من القضايا والتقارير بشأن نشاط عدد من المنظمات والنشطاء، وإن تلك القضايا ستشمل أسماء عدد من النشطاء الشباب، وكذلك عدد من الشخصيات ذات الباع الطويل فى مجال العمل الحقوقى العام وبعضهم يزيد عمره على الستين عاما».
تستطيع الحكومة طبعا أن تقبض على حفنة من المهتمين بحقوق الإنسان، ويمكن للنيابة العامة أن تأمر بحبسهم على ذمة التحقيقات لمدد تصل إلى أكثر من ٤٠٠ يوم ــ هذا حادث مع بعض الإعلاميين ــ وسيجد القضاء فى مواد القانون الفضفاضة وهو ما يساعد على الحكم عليهم بعقوبات سالبة للحرية طويلة المدة.
كل ذلك لن يخفى الحقيقة التى تقول إنه بعد أكثر من أربعة أعوام على ثورة يناير ٢٠١١ فإن حقوق الإنسان فى مصر تتراجع بشكل منتظم ومؤلم، وإن نشطاء حقوق الإنسان يتعرضون لتهديدات لم يتعرضوا لها حتى فى عهد الرئيس مبارك.
المسئولون الذين ينتهكون حقوق الإنسان أو يسكتون على انتهاكها أشبه بمن يجلس فوق بركان يتصور أنه خامد، ولكن دون أن يشعر أحد يتدفق الصخر الأحمر الحار من أعماق جوف الأرض، ويخرج فى شكل حمم من الصخور الذائبة لا تُهلك من يجلس قرب الفوهة فقط، ولكن تهلك أيضا حتى هؤلاء البعيدين عنها.
مصر لن تتحمل انفجار البركان حتى إن تصور البعض أنهم يستطيعون النجاة من الكارثة.
تعليقات الفيسبوك