لا أتصور أنهم يريدون رأس هشام جنينة. الرجل سيغادر فى سبتمبر المقبل. الرئيس حدد من سيخلفه فى منصبه وعينه نائبا له. المستشار هشام بدوى المحامى العام الأسبق لنيابة أمن الدولة العليا فى الغالب سيكون الرئيس الجديد للجهاز المركزى للمحاسبات.
طبعا لا يريدون رأسه، هم يعرفون أن رئيس الجهاز لا يعد التقارير بنفسه، وانه فقط يقوم بالإشراف على عمل الجهاز.
ويعرفون ان رقم الـ«٦٠٠ مليار» هو ناتج عمل لجنة مكونة من ١٤ إدارة من إدارات الجهاز المركزى شكلها «جنينة» لتراجع الارقام الواردة فى دراسة تعدها وزارة التخطيط وبرنامج الامم المتحدة الانمائى حول «تكاليف الفساد». يعرفون ايضا انه حتى لو ثبت عدم دقة الأرقام التى أعلنها الرجل فإنها لا تؤدى إلى عقابه هو بنص القانون «مشرف على عمل الجهاز».
لو كان يمكن اعتبار النائب العام مسئولا عن أخطاء وكلائه يمكن اعتبار رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات مسئولا عن أخطاء أعضاء الجهاز. لا أتصور أيضا أنهم يريدون التغطية على الفساد. المستشار «جنينة» استطاع ان يجعل كل المصريين يعرفون حجم الفساد ومدى انتشاره.
الرجل كان يصر على ان تنشر ملخصات لتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات على الرأى العام مستخدما نص المادة ٢١٧ من الدستور التى تلزمه بذلك. رائحة انتشار الفساد لا يمكن إخفاؤها، مصر احتلت خلال الفتره من ٢٠١٢ــ٢٠١٤ المراكز من ١١٤ إلى ٩٧ فى مؤشر مدركات الفساد الذى يصدر عن منظمة الشفافية الدولية.
هل فاجأهم ضخامه الرقم؟ لا أظن ! رقم ٦٠٠ مليار جنيه هو حصيلة جمع المبالغ التى تضمنتها التقارير التى أصدرها الجهاز فعلا خلال الفتره من ٢٠١٢ إلى ٢٠١٥، وأرسلها إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء.
كل وقائع الفساد التى كشفتها تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات خلال الفتره من ٢٠١٢ ــ٢٠١٥ جرى إبلاغها إلى النيابة العامة أو الكسب غير المشروع وهى تتضمن المبالغ والقيم المالية وتكاليف الفرص الضائعة على الدولة نتيجة الفساد.
إذ ما الهدف من تلك الحملة الضخمة التى تدار اليوم ضد المستشار «هشام جنينة»؟. الهدف ألا يتكلم أحد، حتى لا يعرف الناس الحقيقة. المعلومات قوة، والدول التسلطية لا تحب أن تمنح مواطنيها قوة قد يستخدمونها ضدها يوما ما.
يتكلم الدكتور هشام طاهر عضو مجلس نقابة الاطباء السابق عن تردى الأوضاع الصحية للمسجونين، فيتم القبض عليه وحبسه. يحكى الشاعر عمر الحاذق عن معاناة المسجونين فيتم منعه من السفر لتسلم جائزة دولية.
يقول توفيق عكاشة بعضا من أسرار «الغرف المغلقة» فيتم منعه من الظهور إعلاميا. الرسالة التى يريدون إرسالها إلينا واضحة «حتى لو كنت مسئولا رفيع المستوى فإنه ليس عليك أن تعلن الحقائق للناس..لا تتكلم»!. بعد ما حدث مع هشام جنينة «من سيجرؤ على الكلام؟»!
تعليقات الفيسبوك