دفع مقتل ناشط على أيدي الشرطة المصرية في عام 2010 مهندس الكمبيوتر وائل اسكندر الى أن يصبح ناشطا سياسيا.. وبعد ذلك بعام شارك اسكندر في الاحتجاجات التي ساهمت في الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك.
وفي حين يدلي المصريون بأصواتهم في انتخابات من المتوقع ان يفوز فيها القائد السابق للجيش عبد الفتاح السيسي يبدو اسكندر في حالة نفسية سيئة بسبب ما وصفه بأنه "انتصار الثورة المضادة".
وأعلن الجيش عزل الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين في يوليو تموز الماضي بعد احتجاجات حاشدة على حكمه. وشنت السلطات التي تولت المسؤولية بعد ذلك حملة على الاخوان انتقدتها منظمات حقوق الانسان. واعتقلت قوات الأمن ايضا نشطاء علمانيين منهم نشطاء بارزون أدوا دورا كبيرا في الاحتجاجات التي انهت حكم مبارك الذي استمر 30عاما.
ورغم ان المظاهرات ساعدت على الاطاحة برئيسين في ثلاث سنوات فإن الليبراليين بدأوا يفقدون الأمل في قوة الشعب في الوقت الذي يستعد فيه السيسي لقيادة أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان.
وقال اسكندر "المسيرات غير مجدية" مضيفا أن المصريين يجب أن يجدوا "وسائل بديلة غير الاحتجاج لإحراز تقدم".
واقترح ان يعيد المصريون احياء حملاء التوعية التي بدأت بعد الثورة والتي توجه خلالها أشخاص إلى مناطق بالبلاد حاملين معهم شاشات عرض لكشف الانتهاكات التي ارتكبها الجيش.
لكن ذلك قد يكون محفوفا بالمخاطر في مصر بعد ان أنعش سقوط مبارك قبل ثلاثة أعوام الآمال في ديمقراطية مدنية. وإذا فاز السيسي في الانتخابات كماهو متوقع فسيكون خامس رجل من الجيش يحكم مصر.
وتتناقض حالة التشاؤم التي يعيشها اسكندر مع الايام التي وقف فيها في ميدان التحرير مهد الانتفاضة ضد مبارك لترديد شعارات مناهضة للجيش حين بدأ التدوين وتحليل الامور السياسية.
وفي حين تجمع مصريون امام مراكز الاقتراع استشاط اسكندر غضبا بعد أن رأى ملصقات في القاهرة على مقربة من ميدان التحرير لأفراد من قوات الأمن مدججين بالسلاح ويرتدون سترات واقية من الرصاص وملثمين تحمل شعار "إنزل ..احنا هنحميك".
آمال تبددت بالنسبة لإسكندر وغيره من النشطاء العلمانيين والإسلاميين لم يتغير شيء يذكر منذ أن اجتاحت انتفاضات الربيع العربي المنطقة.
وقال "هذه قوة احتلال تطلب منا أن نضفي عليها شرعية" مشيرا الى أن قوات الأمن والنخب السياسية والعسكرية اليوم تتصرف مثلما كانت تتصرف مثيلاتها في الماضي.
وعلى الرغم من أنه فكر في الإدلاء بصوته للمنافس الوحيد للسيسي السياسي اليساري حمدين صباحي فإنه يقول الآن إنه غير واثق من أنه يستطيع أن يتقبل المشاركة في انتخابات "فوق جثث الكثير من الناس."
ويبدو أن الكثير من الشباب يؤيدون ذلك الرأي فقد كانت مشاركة الشباب في عملية التصويت اليوم الاثنين محدودة بينما خرج للتصويت عدد كبير من الجيل الاكبر سنا الذي يتوق للاستقرار.
وقال إسكندر "الأبطال الحقيقيون هم جيل الشباب الذي يحاول تطبيق المبادئ التي تعلمها: الحقيقة والعدالة والدفاع عن الحق وهي مبادئ غير موجودة بكثرة في مصر."
وحظرت السلطات نشاط حركة 6 إببريل التي ساعدت في إشعال التظاهرات التي أطاحت بمبارك. ودعت الحركة أعضاءها وأنصاره المقاطعة الانتخابات.
وأكثر ما يقلق إسكندر الآن هو قمع الشباب المصريين العلمانيين مما سيعطي الإسلاميين فرصة لتنظيم صفوفهم والهيمنة على الساحة السياسية من جديد.
وقال اسكندر عن جماعة الإخوان المسلمين التي بمرسي في انتخابات 2012 "إنها قوة لا يستهان بها تنظيميا." ويقول اسكندر إنه حين يفكر في أصدقائه المعارضين للسيسي المحتجزين في السجون فإنه يشعر بالعجز.
وأضاف "لا يمكن أن يكون هذا سياق لأي نوع من المشاركة الديمقراطية." وتقول جماعات حقوق الإنسان إن السجون تشهد انتهاكات منتشرة على نطاق واسع. بل إن البعض يرى أن هذا يعيد للأذهان الأجواء في مصر عام 2010 حين ضرب شرطيان في ملابس مدنية الناشط خالد سعيد الذي كان يبلغ من العمر 28 عاما حتى فارق الحياة.
وضعت هذه الواقعة اسكندر على الطريق لما كان يتمنى أن تصبح دولة يحق للجميع فيها ترديد هتافات مناوئة للحكومة. ويبدي إسكندر أسفه لأن الجيل الشاب الذي استخدم وسائل التواصل الاجتماعي للمساعدة في إنزال الملايين إلى الشارع خلال الانتفاضة على مبارك لم يستطع أن يترك أثرا على الانتخابات.
وقال "براعتنا في الهدم تفوق براعتنا في البناء." ولكنه يقول إن هناك أسبابا تدفع السيسي للقلق من الشبان المصريين الذين ما زالوا يؤمنون بالمبادىء التي صاحبت اندلاع الانتفاضات.
وأضاف "على المدى القصير سنمر بسنين عجاف." ولا يستطيع إسكندر إلا تذكر ما يصفها بأنها أيام التحرير السحرية لرفع روحه المعنوية.
وقال "ما رأيته خلال الثمانية عشر يوما كان حقيقيا. والباقي ليس حقيقيا... أقرص نفسي كثيرا لأتأكد أنه كان حقيقيا."
تعليقات الفيسبوك