- متفائل بالسيسي لكني قلق من الجدول الزمني المعلن لحل المشكلات
- الاقتصاد المصري أمامه سنتين حتى يعود إلى مستوى ما قبل ثورة يناير
- لو كان السيسي نائبا لمبارك لما قامت الثورة.. وكنا وفرنا 3 سنين بهدلة
- الفترة المقبلة ستشهد مذبحة للطبقة الوسطى ومرحلة جديدة من تدهور مستوى معيشتها
- الحكومة تدعم رحلتي للصيد في الويك إند بـ30 ألف جنيه
- مشروع أرابتك دليل على أن الإماراتيين لا يثقون في الحكومة المصرية لذلك لجأوا للقوات المسلحة
كتبت: ميريت مجدي
قال رجل الأعمال سميح ساويرس، رئيس مجلس إدارة شركة أوراسكوم القابضة للتنمية، إنه لا يعتزم الاستثمار في مصر حالياً.
"لا أخطط للاستثمار في مصر حتى يتم تعديل المنظومة القانونية بحيث تصبح داعمة وحامية للمستثمرين"، هذا ما أكده ساويرس في مقابلة مع "أصوات مصرية".
وأشار ساويرس إلى أن مشروعاته في مصر ستقتصر على المشروعات الخدمية ذات الطابع الاجتماعي، مثل مشروع بناء الألف مدرسة الذي يساهم فيه ساويرس، بصفته الشخصية وليس عبر شركته، بنحو 350 مليون جنيه.
ومع ذلك فهو متفائل بالرئيس عبد الفتاح السيسي "لأنه مُلم جيدا بالمشاكل وأسبابها.. كونه يستمد معلوماته من الواقع وليس من الجرايد.. فهو رجل مخابرات. كما أن سن السيسي وخبرته، وحاجته لأن ينجح في منصبه عوامل تعطي أملا كبيرا جدا".
لكن ساويرس "غير متفائل بالجدول الزمني المعلن لحل تلك المشكلات وبتعجل المواطنين، الذين سيُصابون بإحباط أشد إذا لم تتحقق الوعود في توقيتاتها المعلنة".
"الناس فاكرة إن السيسي هايصلح كل حاجة في شهر، وهذا غير واقعي، كما أن التوقيتات التي تعلنها الحكومة لحل المشاكل غير واقعية أيضا".
وقد أكد ساويرس أن "الاستثمارات لن تأتي إلى مصر ما لم يتم تعديل المنظومة القانونية التي تحكم العمل التنفيذي".
وأضاف "إذا لم يتوقف البطش بالأبرياء الذي تتم ممارسته كنوع من الترهيب أو إظهار القوة المفرطة، فلن تأتي حكومة تتخذ قرارات جريئة تنهض بالاقتصاد والاستثمار".
فهذا البطش تسبب في وجود أيدي مرتعشة غير قادرة على اتخاذ القرارات، "مفيش قرار بيتاخد منذ الثورة.. فيه نوايا حسنة فقط.. لأن المسئولين خايفين ومعاهم حق يخافوا"، يقول ساويرس، الذي اعتبر أن هذا هو التحدي الرئيسي للاستثمار في مصر حاليا.
وضرب ساويرس مثالا في مجال تخصيص الأراضي السياحية، قائلاً "هشام زعزوع من أنجح وزراء السياحة، ومع ذلك فإنه لم يجرؤ على تخصيص قطعة أرض واحدة منذ توليه الوزارة".
وبرر ساويرس ذلك بأن آخر وزير قام بتخصيص أرض تبعاً للقواعد الموضوعة تم حبسه، مضيفا أن قوانين الدولة لم تُعدل طوال الفترة الماضية لأنها تتيح "للحاكم حبس أي شخص يضايقه".
كانت الحكومات المتعاقبة بعد ثورة يناير قد أكدت عزمها تعديل قوانين الاستثمار، فقد أعلن رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي في ملتقى الاستثمار المصري الخليجي، الذي تم تنظيمه في ديسمبر الماضي لجذب الاستثمارات الخليجية إلى مصر، أن الحكومة تعكف على تعديل قوانين الاستثمار، وهو الأمر الذي طالب به المستثمرون الخليجيون في الملتقى، ورهنوا إقامة أي مشاريع لهم في مصر بالانتهاء من تلك التعديلات.
كما أعلنت حكومة محلب الأولى أنها جادة في إجراء تعديلات في قوانين الاستثمار، وآخر تصريحات لها في هذا الشأن كانت تلك التي قالها أشرف سالمان، وزير الاستثمار في حكومة محلب الثانية، وأكد فيها أنه "جارى العمل حالياً على تعديل عدة قوانين منها قوانين التمويل العقاري والسندات والإفلاس". وأضاف أن هناك "مشاكل تتعلق بالمنازعات بين المستثمرين والجهات الإدارية ويتم حلها بالوصول لحلول وسط".
وقال سالمان أن الحكومة تستهدف من 230 إلى 260 مليار جنيه استثمارات محلية ومن 8 إلى 10 مليارات دولار استثمارات أجنبية خلال العام المالي المقبل، وأن هناك تشريعات كثيرة جاري العمل عليها، وستعرض بعد ذلك على رئيس الوزراء.
نجيب وناصف متفائلان
يختلف الوضع بالنسبة لباقي العائلة، فبينما يترقب سميح ساويرس تعديل قوانين الاستثمار لإقامة مشاريع جديدة في مصر، أعلن ناصف ساويرس، الأخ الأصغر والأغنى في العائلة، الأسبوع الماضي، عن تأسيس شركة النيل القابضة للاستثمارات، بغرض "الاستثمار المباشر في مصر بالاشتراك مع نخبة من مستثمري الخليج العربي وأوروبا والولايات المتحدة".
وقال ناصف، رئيس مجلس إدارة شركة "أو سي أي إن في"، في بيان "إننا على ثقة بأن مصر تستطيع تحقيق معدلات نمو اقتصادي استثنائية في الأعوام المقبلة مع جذب العديد من الاستثمارات المباشرة بقطاعات واعدة".
كما أعلن نجيب ساويرس، رئيس مجلس إدارة أوراسكوم للإتصالات والإعلام والتكنولوجيا، قبلها بيومين، أنه يعتزم "الاستثمار بكثافة في السوق المصرية". وقال في بيان "في الفترة القادمة سوف ننظر لاستثمارات في عدة مجالات، ونتوقع أن نرى نشاطاً كبيراً في السوق المصرية، حيث تقترب مصر من الاستقرار وتخطو خطواتها الأخيرة نحو التحول الديمقراطي".
بينما يقول سميح ساويرس "أنا بقى لما أخلص مشاكلي في مصر.. هابتدي أفكر في استثمارات جديدة".
ويواجه الابن الأوسط للعائلة أزمة مع الحكومة في مشروعه للإسكان الاجتماعي، هرم سيتي، الذي يقع في مدينة السادس من أكتوبر، والذي يقوم على أساس إنشاء مدينة متكاملة على مساحة 8 ملايين متر، وكان من المخطط له أن يضم 73 ألف وحدة سكنية منخفضة التكلفة عند اكتماله، تم بناء 11.350 ألف وحدة منها حتى الآن.
ساويرس يوضح أن مشكلة هرم سيتي، الذي يعد أبرز مشروعات شركته، بدأت قبل ثورة يناير مع وزير الإسكان الأسبق، أحمد المغربي، عندما رفض تخصيص باقي أرض المشروع المتفق عليها في العقد.
وبرر رجل الأعمال أزمة مشروع هرم سيتي، التي لم تحل حتى الآن، بما أطلق عليه "غيرة الحكومة من نجاح المشروع".
وقال "الحكومة وجدت أن المشروع ناجح وهي لم تدفع فيه مليما واحدا، وفي المقابل فإن جميع مشروعاتها للإسكان منخفض التكلفة التي أنفقت عليها مئات الملايين لم تنجح، فقالت مش هانسيب الراجل ده يكبر أكتر من كده".
ثم بعد الثورة تطورت المشكلة للأسوء، فقد حاولت الحكومات المتعاقبة أخذ الأرض التي تم بالفعل تخصيصها للمشروع والبالغة 600 فدان، "أنا بقالي 3 سنين باحمي الأرض اللي أخدتها.. ده أنا كان زماني عملت 10 هرم سيتي".
وأوضح ساويرس أنه ناقش المشكلة مع أكثر من مسئول في الحكومات المختلفة، كان منهم إبراهيم محلب، عندما كان وزيرا للإسكان، والذي قابله 3 مرات.
وأضاف ساويرس أن تعطل مشروع هرم سيتي دفع الشركة إلى الاستغناء عن 90% من العمالة، "الآن يعمل 10% فقط من إجمالي عمالة المشروع التي كانت موجودة في 2010".
ورحب ساويرس بمشروع أرابتك الإماراتي لبناء مليون وحدة سكنية منخفضة التكلفة في مصر. "أنا سعيد بهذا المشروع وإن كان يدل على أن الجانب الإماراتي لا يثق في الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة الإسكان، وفضل اللجوء إلى القوات المسلحة كشريك في هذا المشروع".
وأضاف ساويرس"سعادتي ترجع بالأساس إلى أن المسئولين عن هذا المشروع اقتنعوا بضرورة منح الأرض بدون مقابل حتى تظل وحداته السكنية في متناول يد المواطنين".
و"هذا دليل على تجني الحكومة علينا لاعتراضها على تنفيذ عقد هرم سيتي بادعاء أن سعر الأرض غير مناسب، في الوقت الذي نقوم فيه ببناء وحدات أصغر من أرابتك لا يقبل عليها إلا محدودي الدخل".
كانت شركة أرابتك القابضة قد أعلنت، في مارس الماضي، أنها وقعت مذكرة تفاهم مع وزارة الدفاع المصرية لبناء مليون وحدة سكنية لمحدودي الدخل بتكلفة 280 مليار جنيه يتم الانتهاء منها قبل عام 2020.
وأشارت أكبر شركة تشييد مدرجة في سوق دبي إلى أن الحكومة المصرية لن تتحمل أية أعباء في المشروع، وأن "أرض المشروع مقدمة مجانا من القوات المسلحة المصرية".
ثلاثة أعشار ثروتي للتنمية الاجتماعية
أبدى ساويرس قلقه على الأحوال المعيشية للمواطنين في الأيام المقبلة، خاصة الطبقة المتوسطة، مؤكدا أن "الفترة القادمة ستكون مذبحة الطبقة المتوسطة.. التي ستشهد مرحلة جديدة من تدهور مستوى معيشتها".
فمع الإجراءات المرتقبة لخفض دعم الطاقة سترتفع الأسعار، والطبقة المتوسطة ستكون الأكثر تضررا، حيث إنها تستحوذ على 70% من الدعم، بينما يستحوذ الفقراء على 10% فقط.. والـ20% المتبقية تذهب "لينا إحنا الأثرياء".
وأضاف ساويرس"لا أقلق على الأغنياء.. اللي معاه 100 مليون جنيه لما يروح نصهم مثلا.. مفيش مشكلة ... لكني قلق على الطبقة المتوسطة اللي مدخراتها اتفرتكت خلال آخر 3 سنوات علشان تقدر تعيش بس".
وانتقد الملياردير المصري استفادة الأغنياء من الدعم "يعني أنا عندما أذهب لأصطاد باليخت بتاعي في الويك إند.. الحكومة بتدعمني بـ30 ألف جنيه علشان ماتكلفش كتير في الديزل اللي بحرقه في الرحلة".
وقد خفضت الحكومة في مشروع الموازنة الجديدة دعم المواد البترولية ليصل إلى نحو 104 مليارات جنيه في 2014-2015 مقارنة مع 134.294 مليار جنيه بنهاية يونيو 2014.
وأشارت وزارة المالية في بيان لها إلى أن "إجراءات خفض الدعم تتضمن تحريك للأسعار بشكل تدريجي".
إلا أن الموازنة الجديدة ستخضع للمراجعة بعد أن طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي تخفيض العجز المقدر بها بـ12.5%.
وقال السيسي، منذ يومين، "إحنا عندنا إجراءات محتاجين ناخدها ونيجي على نفسنا شوية".
وأضاف "لازم يكون فيه تضحيات حقيقية من كل مصري ومصرية. أنا باحصل على مرتب الحد الأقصى وهو مبلغ 42 ألف.. لن آخذ نصفه. وسأتنازل عن نصف ممتلكاتي من أجل مصر".
وتساءل "هل نقدر أن نجد مساهمة من المصريين في الداخل والخارج؟ اللي قادر بدون ضغط وبدون حرج".
يقول ساويرس"أنا فعلا مخصص ثلاثة أعشار ثروتي لمؤسسات الأسرة للتنمية الاجتماعية.. ولكن لا أعتقد أن هناك نسبة محددة يجب على الشخص أن يخصصها، وإنما على كل فرد أن يعي أهمية المشاركة الاجتماعية ولو بالجهود".
وقدر ساويرس إن الإقتصاد المصري سيستغرق سنتين حتى يعود إلى مستوى ما قبل ثورة يناير، "عندما كان كل بيت مصري لديه القدرة على إدخار بضعة آلاف، وعندما كان أغلب أفراد الأسرة يعملون".
وقال "لو كان مبارك عين السيسي نائبا له وأعلن أنه سيترشح مكانه للرئاسة في انتخابات يونيو 2011، بالتأكيد لما قامت الثورة، وكنا وفرنا 3 سنين بهدلة.. الناس كانت هاتستنى تجرب السيسي".
واعتبر رجل الأعمال أن الاقتصاد المصري حاليا "في أحوج الحاجة لوجود استثمارات حقيقية وتشغيل في مشروعات صغيرة ومتوسطة، والتي هي أهم بكتير من المشروعات الكبيرة".
"مصنع الأسمنت الجديد يكلف 3 مليارات جنيه، ويخلق 300 فرصة عمل فقط، بينما تكلفة إنشاء 300 ورشة لا تتعدى 20 مليون جنيه وفي نفس الوقت فإنها تخلق 1000 فرصة عمل. وبالتالي نحن نحتاج الآن إلى آلاف الورش والمزارع لتشغيل الناس".
العاطفة تقلل الثروة
وبينما لا توجد أي خطط لدى ساويرس للاستثمار في مصر خلال الفترة الحالية، فإنه يستعد لبناء فندق في سويسرا، وآخر في عمان، و3 فنادق في المغرب.
ويستثمر ساويرس في 8 دول أخرى غير مصر، إلا أن الجونة "أقرب الاستثمارات إلى قلبي"، يقول الملياردير الذي يعتبر نفسه "رجل أعمال ناجح" بالرغم من أن ثروته الأقل بين عائلته.
وبحسب تقديرت مجلة فوربس لأغني أغنياء العالم لعام 2014، تصدر ناصف ساويرس قائمة الأثرياء المصريين بثروة بلغت 6,7 مليار دولار، تلاه نجيب، الأخ الأكبر، بحجم ثروة سجلت 2.8 مليار دولار، ثم أنسى الأب بـ 2.4 مليار دولار، ليأتي سميح، الأخ الأوسط، في المؤخرة بثروة لا تتعدى 1.3 مليار دولار.
"أنا إنسان عاطفي.. وهذا الأمر يجعل دائما ثروتي أقل.. فبعض قراراتي تتأثر بالعاطفة.. فتكون غير سليمة اقتصاديا لكنها سليمة اجتماعية، فأحيانا أقدم على خطوة في العمل لا فائدة لها ولكن لأنها تخلق فرص عمل، وأحيانا أخرى أجامل موظف غير كفء وأجعله يستمر في العمل".
واعتبر ساويرس أن "رجل الأعمال الناجح لا يقاس بحجم ثروته ولكن أيضا بمدى قبوله اجتماعيا وسياسيا، ونجاحه في توفير وقت لنفسه وأسرته، وقدرته على الاستمتاع بحياته، ومشاركته في أعمال خيرية".
وأوضح ساويرس، الذي يهوى السباحة والصيد، أن حوالي نصف ثروته داخل مصر.
ولا يمكث ساويرس، البالغ من العمر 57 عاما، طوال الوقت في مصر، فهو يقضي أسبوعا في سويسرا، وأسبوعا في لندن، والأسبوع الثالث في مصر، والأسبوع الأخير "باسافر فيه دول مختلفة".
كان ساويرس قد أسس شركة أوراسكوم القابضة للتنمية في سويسرا عام 2008 والتي قامت بالاستحواذ على جميع شركات أوراسكوم في كافة الدول، وبالتالي أصبحت مشروعات ساويرس في مصر تابعة للشركة السويسرية التي تم تسجيلها في بورصة زيورخ، ولها شهادات إيداع دولية في البورصة المصرية. وهو نفس الإجراء الذي اتخذه ناصف ونجيب في دول أخرى، بحيث أصبحت استثمارات العائلة في مصر مملوكة لشركات أخرى في الخارج.
ولدى ساويرس 4 بنات وولد، "كلهم هايبقوا رجال أعمال". يقول ساويرس إن ابنه الذي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، وعمره 22 سنة، يمتلك الآن شركة لبرامج التكنولوجيا، بينما تمتلك ابنتاه شركة لتجارة الملابس الجاهزة، والأخريتان "لسه في المدرسة".
تعليقات الفيسبوك