هم تحدوا نظام الرئيس السابق حسني مبارك ، ثم نزلوا في الشارع للتظاهر ضده ودعم الثورة المصرية، واليوم يبدون استعدادا لمواجهة النظام الجديد المنبثق من الاخوان المسلمين، هؤلاء هم موسيقيو فرق الاندرجراوند المستقلة الذين لا يخشون السلطة ويدافعون عن حرية الإبداع .
ولفظة أندرجراوند – التي تعني في اللغة الانكليزية تحت الأرض – أطلقت على الفرق المستقلة في مصر بسبب الدولة، التي لم ترعها ولم تعطها فرصا للظهورلتظل دفينة تحت الأرض.
قامت تلك الفرق بثورة في الموسيقى التي تقدمها في ظل النظام السابق، فكانت تتغنى بكلمات جريئة تنقض النظام ويتم منعها ، وتغني في الشوارع فيتم توقيف أعضائها، وكانت عليها قيود في مسارح الدولة. وعندما بدأت الثورة في يناير 2011 تواجدت تلك الفرق في ميدان التحرير في القاهرة من غيرانقطاع حتى تنحى مبارك بعد 18 يوم. واليوم فهم لهم تطلعات للفترة القادمة وتمسك بهذا الشكل من الموسيقى المعروف عالمياً .
يقول المطرب والممثل محمد عبده أحد الأعضاء المؤسسين لفرقة بلاك تيما والتي تعتبر من أهم وأقدم فرق الاندرجراوند في مصر حيث أنها ظهرت عام 2004 وهي الآن تمتلك جمهوراً عريضا: "من المستحيل أن نكون متخوفين بعد أن ضحى شباب بأرواحه في سبيل الحرية ، فعلينا أن نمحي الخوف بعد الثورة ... ولا علاقة لنا بالإسلاميين "
أما عن المشاكل التي تواجه فرق الاندرجراوند الآن أشار عبده إلى "الانفلات الأمني لأن بسببه يتم إلغاء الحفلات في أغلب الأحيان ، بجانب أيضاً المشكلة الأساسية وهي أزمة أماكن الحفلات".
أما المطربة دينا الوديدي مؤسسة فرقة موسيقية حديثة أطلقت عليها إسمها فتقول: "لست متخوفة من الإسلاميين في الوقت الحالي ، ولكن سيكون هناك تخوف في المستقبل القريب وهناك مؤشرات تؤكد ذلك وآخرها الواقعة التي حدثت في ساقية الصاوي" المركز الثقافي المعروف في منطقة الزمالك في القاهرة.
ترجع أحداث تلك الواقعة الى 31 أغسطس الماضي عندما أقامت سبعة من الفرق المتخصصة في موسيقى الميتال حفلا موسيقيا في مقر الساقية. وبعد يومين من الحفل فوجئت إدارة المركز الثقافي بتقديم بلاغ ضدها وضد إحدى هذه الفرق وهي فرقة "أوريجن" لموسيقى الميتال .
تقول هبة حسب مدير المكتب الاعلامي لساقية الصاوي "علمنا أن مقدم البلاغ هو أحد أعضاء حزب الحرية والعدالة ويدعى إسماعيل الوشاحي، والبلاغ المقدم منه يتهم فيه الساقية بأنها تستضيف فرقاً موسيقية تسمى بعبدة الشيطان".
ونفى حزب الحرية والعدالة تدخل الحزب في هذا التصرف الشخصي كما أوضحت هبة.
واستكملت قائلة: "وتم التحقيق مع إدارة الساقية ومع الفرق الموسيقية أيضاً، ونحن الآن نعيش في حالة من الاندهاش لأن الساقية دائماً تستضيف فرق موسيقى الميتال ولكن هذه المرة يعد هذا البلاغ غريباً جداً".
لكن دينا الوديدي لا تخشى تلك التصرفات وتقول: "إذا حدث تقييد لحرية الابداع وبالأخص لفرق الاندرجراوند .. سنخرج لنغني في جميع شوارع مصر وأتحدى ان يمنعنا أحد عن فعل ذلك".
ويعتبر الموسيقي حازم شاهين الحائز على جائزة أفضل عازف عود في مسابقة العود الدولية عام 2001 في بيروت ، ومؤسس فرقة اسكندريلا أن "هناك اضطهادا لفرق الأندرجراوند لأنها تنتقض النظام، وأغانيها دائماً ترصد الواقع والظروف الحقيقية التي يعيشها الشعب، لذلك يحدث نوع من التعتيم عليها لأنها لو ظهرت بقوة ستغير بفنها كثيراً".
وكان لفرقة اسكندريلا التي نشأت عام 2005 تواجد بارز في ميدان التحرير طوال ايام الثورة، كما شاركت في كل الأحداث الدامية التي أعقبتها، ووقفت مع جمهورها في الشارع بكل جرأة.
يقول مختار حسن الجندي (66 عاماً) وهو أحد محبي تلك الفرق ويتابعها بشغف منذ عام 2004 "أصبح لتلك الفرق الآن تأثير شديد في تغيير مفاهيم كثيرة لبعض الناس من خلال كلماتها المليئة بالحماسة والشجن وحب البلد والارتطام بالأرض".
وبالنسبة له "الفن يفرض نفسه في أي مكان ، فإذا كانت تلك الفرق مرفوضة من الجهات الرسمية فهي مقبولة من الشعب".
وكما كان للموسيقى دور إيجابي أثناء الثورة ، فالثورة أيضاً كشفت بعض المواهب الجديدة مثل المطرب رامي عصام والملقب بمطرب الثورة والذي كان يغني بمفرده مع جيتاره في ميدان التحرير. فيقول رامي: "عندما كنت متواجداً في الثورة كان معي جيتاري وبالصدفة وبدون ترتيب صعدت على المسرح في ميدان التحرير وبدأت أغني أغنية إرحل والتي لاقت تجاوباً مع الجمهور ونجاحاً كبيراً ، ثم بعد الثورة كونت فرقتي الموسيقية وها نحن نواصل رسالتنا بكل حرية ، التي نأمل أن تنالها الموسيقى دائماً وبالأخص في الفترة المقبلة".
وكان المطرب رامي عصام قد شارك أيضاً في أغلب الأحداث التي أعقبت الثورة والتي شهدت إعتصامات سواء في ميدان التحرير أو في بعض المحافظات الأخرى. أما حلم حياة رامي فهو أن يكون له في هذا الفن دور كبير، ويتمنى أن تصبح جميع الفرق على مستوى جيد لتغير من الذوق العام.
أما أمير عزت عازف الإيقاع والذي يشارك مع أغلب الفرق المصرية في حفلاتها فليس متخوفاً "لأن الموسيقى هي التي ستبني المجتمع وهي ايضاً رسالة، وانا متفائل أنهم سيدركون ذلك" بإشارة إلى الإسلاميين .
وأضاف عزت "إذا منعنا احد وفرض علينا قيود، فأقول لهم عليكم أن تغلقوا كل كليات التربية الموسيقية في مصر والمعاهد والكونسرفتوار .. لو استطعتم فافعلوا .. وانتظروا رد الفعل من الجميع".
تعليقات الفيسبوك