كتب: محمد جاد
- لماذا توسعت مصر تاريخيا في زراعة القطن؟
صادرات القطن المصري كانت أحد أهم مصادر النقد الأجنبي للبلاد بعد تأسيس الدولة الحديثة في مصر على يد محمد علي، وجرت محاولات لاستنهاض صناعة المنسوجات للاستفادة من القطن المحلي خلال القرن العشرين.
وشهدت صناعة المنسوجات نموا متواضعا خلال الثلاثينات والأربعينات، ثم نموا قويا خلال الحقبة الناصرية مع اتجاه الدولة إلى تقييد وارداتها من الملابس وإحلالها بالصناعات المحلية، بالإضافة إلى توقيع اتفاقيات للتصدير مع الكتلة السوفيتية.
واستمرت صادرات القطن المصري قوية حتى الستينيات، حيث ساهمت تلك الصادرات بحوالي 10.25% من إجمالي صادرات القطن العالمية عام 1960.
- كيف تحولت الدولة من التحكم في زراعة القطن إلى تحرير تجارته؟
اتبعت الدولة منذ الحقبة الناصرية وحتى عام 1980 سياسة تقوم على أساس أن الحكومة هي المشتري الوحيد للقطن المصري.
وكان ذلك جزءا من سياسة أشمل لدعم صناعة المنسوجات في القطاع العام، حيث كانت الدولة تشتري القطن بسعر أقل من السعر العالمي وتبيعه للمصانع بهذا السعر المدعم، وهو ما اعتبره بعض الباحثين دعما للصناعة على حساب الفلاح في ذلك الوقت.
كما اشترطت السياسات الزراعية في الحقبة الناصرية ألا تقل المساحة المزروعة من القطن عن 33% من إجمالي الرقعة الزراعية.
وكان الفلاحون يسلمون القطن إجباريا للجمعيات التعاونية بالسعر المحدد من الدولة، وتم حظر الإتجار في القطن في الأسواق الداخلية.
ثم مع تطبيق الحكومة لسياسات التحرر الاقتصادي المعروفة بالتثبيت والتكيف الهيكلي في مطلع التسعينات، اتجهت الدولة إلى تحرير تجارة القطن منذ عام 1994، بحيث يصبح الفلاح حرا في تحديد المشتري للقطن والسعر المباع به وفقا لقوي العرض والطلب.
ونتيجة للسياسات التحررية ارتفعت أسعار القطن المحلية، وهو ما جعل المزارعون يواجهون مشكلات في تسويقه خاصة مع غزو الأقطان المستوردة للسوق المصرية والتي قد تقل في الجودة ولكن في السعر أيضا.
وتعتبر دراسات أن السياسات الاقتصادية التي لم تراع التحولات العالمية في مجال تجارة الأقطان وتكنولوجيا تصنيعه ساهمت في تراجع المساحات المنزرعة من نحو 1.292 مليون فدان عام 1980 إلى 675 ألف فدان عام 2005 .
وبحسب ممدوح خير الله، أمين لجنة تجارة القطن بالداخل بوزارة الصناعة والتجارة، بلغت المساحة المزروعة من القطن خلال الموسم الماضي 300 ألف فدان.
- لماذا إتجهت الحكومة إلى دعم زراعة القطن مع تحرير تجارته؟
بينما كانت زراعة القطن المحلي تتركز في الأنواع طويلة التيلة، كانت الصناعة المحلية تواجه منافسة قوية من المنتجات المستوردة منخفضة التكلفة لاعتمادها على الأقطان قصيرة ومتوسطة التيلة الأقل سعرا.
هذا إلى جانب المنافسة التي واجهها القطن المصري من نظيره الأمريكي طويل التيلة والذي يتلقي دعما في بلاده، الأمر الذي استلزم تدخل الدولة لدعم القطن المحلي لكي يستطيع منافسة الغزول المصنوعة من الأقطان قصيرة ومتوسطة التيلة.
وذلك من خلال تحمل الدولة لفرق السعر بين تكلفة القطن التي تجعل زراعته مربحة وسعر البيع المنخفض الذي يستطيع السوق أن يتقبله في ظل منافسة مع الغزول المستوردة.
وبحسب خير الله، فقد تنوعت أشكال الدعم بين دعم تجار الأقطان المشترين للقطن المحلي، ودعم المغازل المشترية لتلك الأقطان ودعم مزارعي القطن.
وكان الهدف من أشكال الدعم تلك إما تمكين الفلاح من بيع المحصول بسعر أقل، أو تمكين المغازل والتجار من شراءه بالسعر المرتفع مع سداد الحكومة لفرق السعر.
- كيف سيؤثر إيقاف دعم القطن على زراعته؟
وبعد أن ظل الدعم، بأشكاله المختلفة، أحد وسائل المساندة الرئيسية لزراعة القطن منذ تحرير تجارته، أعلن وزير الزراعة عادل البلتاجي، أمس، أن الدولة "لن تقدم أي من أشكال الدعم بدءاً من الموسم الزراعي المقبل (الذي سيبدأ في مارس)".
وبرر الوزير ذلك، في مؤتمر صحفي، بأن "زراعة القطن وخاصة طويل التيلة أصبحت مكلفة جداً ولم يعد الإقبال عليه كسابق عهده سواء في الأسواق المحلية أو الدولية".
ويقول أمين لجنة تجارة القطن إن التقديرات بشأن إنتاج الأقطان في الموسم الزراعي الأخير تصل إلى حوالي 2.2 مليون قنطار من القطن، ومن الممكن أن تنخفض المساحات المزروعة في الموسم التالي مع تخوف الفلاحين من عدم قدرتهم علي تسويق المحصول.
وفي رأي محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسيجية، فإن الحكومة هي المسؤول الأول عن إنقاذ صناعة القطن المصرية لأنها هي التي تنتج بذور القطن طويل التيلة وتوزعها على الفلاحين، وتستطيع إدخال زراعة الأقطان متوسطة وقصيرة التيلة إلى المحاصيل المصرية من خلال تعديل البذور الموزعة.
تعليقات الفيسبوك