رئيس الحزب الديمقراطى الاجتماعى لـ"الشروق": قمنا بثورة حقيقية ولا نحتاج لثورة جديدة "الكتلة"

السبت 07-01-2012 PM 09:39
رئيس الحزب الديمقراطى الاجتماعى لـ


بعد مرور حوالى عام على انطلاق الشرارة الأولى للثورة فى 25 يناير، التى حرص محمد أبوالغار، رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، على المشاركة فيها منذ يومها الأول، يؤكد أبوالغار أن ما شهدته مصر ثورة حقيقية حققت تغييرا فعليا وليس مجرد احتجاجات واسعة أو انتفاضة محدودة.

ويعتبر أبو الغار القيادى فى حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات منذ تأسيسها فى 2003، أن مصر شهدت تغيرا حقيقيا بدأ برحيل مبارك ومستمر باتساع هامش الحريات، وفى الوقت نفسه يشير لعدد من السلبيات المرتبطة بالتحول الديمقراطى متهما المجلس العسكرى وسوء إدارته للمرحلة الانتقالية بالتسبب فيها، ومع ذلك فهو يتوقع أن يكون المشهد فى 25 يناير القادم احتفاليا بعيدا عن العنف.

ويتحدث أبوالغار بثقة عن رحيل المجلس العسكرى وتسليمه السلطة فى خلال 6 أشهر لتكون تلك هى المرة الأولى التى يتبعد فيها الجيش عن السلطة منذ عام 1952.

وإلى نص الحوار:

* بعد مرور حوالى عام على الثورة هل ترى أن ما شهدته مصر ثورة حقيقية أم انتفاضة واحتجاجات واسعة فقط؟

ــ أستطيع أن أقول بكل تأكيد أن ما حدث ثورة، بالتأكيد، حصل تغيير ومبارك الذى لم نتخيل أنه سيرحل هو و«شلته» رحلوا ولن يعودوا مرة أخرى، كما أن هامش الحريات فى مصر اتسع، فجريدة «الشروق» عندها فرصة للتعبير وطرح الآراء المختلفة أكثر مما كان قبل 25 يناير، وحدثت أيضا انتخابات برلمانية والمصريون انتخبوا، ومقارنة بما كان يحدث فى مصر تعتبر انتخابات نزيهة حدث فيها تجاوزات لكنها زودت الفائزين من 5 إلى 10 % لكن لم يؤثر ذلك جذريا على ما يريده الشارع لأنه أصبح شارعا إسلاميا.

* ألم تحدث أى انتكاسات؟

ــ هناك تغيرات أخرى سيئة مثل التدهور الأمنى الشديد وكان غير متخيل استمراره بعد الثورة، وسبب ذلك انهيار الشرطة، وتخاذل المجلس العسكرى فى إعادة بنائها بسرعة، الأمر الثانى أيضا تدهور الاقتصاد المصرى، وهو أمر متوقع بعد الثورات ومرتبط ارتباطا شديدا بالتدهور الأمنى وعدم وضوح الرؤية فى المستقبل.

* وماذا عن الهجوم على منظمات المجتمع المدنى واقتحام بعض مقارها؟

ــ ما حدث مع المجتمع المدنى تصرف أرعن من نظام غير قادر على اتخاذ قرارات سليمة وسيضطر للتراجع، ولن يستطيعوا الوقوف أمام المنظمات الأمريكية، ممكن يستأسدون على بعض المنظمات المصرية لكن هذا هجوم على الحريات وفى النهاية ستنتصر الحريات، فالنظام لن يستطيع الصمود وسيهزم هزيمة ساحقة، لا أحد يستطيع كبح جماح الحرية والديمقراطية وما فعلوه يهز مكانة المجلس العسكرى، كان لابد أن يسألوا المجلس الاستشارى قبل الإقدام على هذه الخطوة، ولو المجلس لديه علم بها فأطالب بإقالته فورا، وإن لم يكن يعلم فعليه محاسبة المجلس العسكرى على هذا الفعل. أنا أفهم أن الحكومة تحاسب منظمة تخالف القانون بالقانون، لكن الهجوم على عدد من المنظمات بالصاعقة غير مقبول.

* ما رأيك فى دعوات النزول للشارع مرة أخرى يوم 25 يناير لاستكمال أهداف الثورة التى لم تتحقق؟

ــ التحرير لابد أن يظل ملجأ لنا، وإنما يجب أن يكون اللجوء إليه لأسباب واضحة، فنحن عندما نزلنا التحرير كنا نستهدف إسقاط نظام مبارك، وسقط جزئيا وليس كليا، وعلينا أن نسأل أنفسنا كيف نزيل باقى النظام هل من خلال البرلمان أو الضغوط الصحفية والقوانين أم نحن فى حاجة إلى ثورة جديدة.

أنا لا أرى حاليا أننا فى حاجة إلى ثورة أخرى نحن فى حاجة للعمل والتصميم على الديمقراطية والحرية الكاملة للشعب المصرى.

لكن الكثير من القوى الثورية قلقة من تأخر تسليم السلطة ولديها شكوك حول نية المجلس العسكرى فى البقاء؟

ــ المجلس سيسلم السلطة ولأول مرة من 1952 سيتوقف العسكر عن حكم مصر، وفى خلال عامين ستنتهى كل الامتيازات التى يتمتعون بها، مهما حصلوا على وعود من الإخوان أو أى طرف آخر، ففى خلال عامين سيتم إبعادهم عن السلطة، والحديث عن سرية ميزانية الجيش لن يحدث وسيتم مراجعتها فى البرلمان.

* لماذا كل هذه الثقة فى رحيل المجلس العسكرى وابتعاد الجيش عن السلطة؟

ــ متأكد لسببين: الأول أن الجيش لا يستطيع مواجهة الشعب وقمعه ولو نزلت الدبابات فى الشوارع الناس هتنزل ويموت 1000 أو 2000 وفى النهاية ينسحب الجيش، كما أن المجلس مختلف عن شباب الضباط فى 1952، فأعضاء المجلس كلهم تخطوا الـ70 سنة، وهذه مرحلة التقاعد، أما ضباط يوليو فكانوا فى الثلاثينيات ولديهم أفكار وطموحات، بالإضافة إلى أن حكم الديكتاتوريات العسكرية والاستيلاء على السلطة كان طبيعيا ومتكررا فى الخمسينيات، ولكن انتهى الآن، ولهذه الأسباب مستحيل استمرار وضع الجيش كما كان.

لكن بعض المحللين يعتبرون أن المجلس العسكرى سيرحل ويسلم مقاليد الأمور للإسلاميين المتحالف معهم؟

ــ الذى يسلم البلد للإسلاميين هم الناس الذين صوتوا لهم فى البرلمان وليس الجيش.

أنا شبه متأكد أن المجلس يعانى من سوء إدارة وليس سوء نية وعدم القدرة على ابتكار أفكار تتواءم مع الفترة الانتقالية، لو كان عمل نجاحات كانت الناس طلبت منه الانتظار ولكنه سيسلم السلطة بسبب فشله.

وكيف تتوقع أن يكون المشهد فى 25 يناير القادم؟

ــ لا أتوقع حدوث حملة اعتقالات واسعة قبل 25 يناير، وسيكون يوما احتفاليا فى الميدان وليس ثورة ثانية، والحديث عن مخطط تخريبى وطرف ثالث كلام فارغ.

*الكتلة المصرية جاء ترتيبها الثالث فى القوائم خلال الانتخابات البرلمانية الحالية، هل كنتم تتوقعون نتنائج مختلفة؟

ــ نصيب الكتلة كان متوقعا. بالنسبة لنا حصلنا على ما كنا نتوقعه، لكن ما لم نكن نتوقعه عدم حصول أحزاب الفلول على شىء، فى مقابل صعود حزب النور وحصوله على نسبة 25% التى توقعناها للفلول.

هذه النتيجة أثبتت أن الشعب فقد الثقة تماما فى الفلول ولم يعطهم صوته.

وماذا عن صعود السلفيين؟

ــ صعود السلفيين يحتاج دراسة، هم موجودون فى مصر منذ زمن نعرفهم باسم «السنية» وهم ناس فى حالهم هادئين لا يتدخلون فى السياسة أو غير السياسة، وكانوا موجودين فى الجامعة بكثرة وعمرهم ما تظاهروا ضد النظام أو دافعوا عن الحقوق الطلابية وعلاقتهم بأمن الدولة كانت متميزة وكان أمن الدولة يقبض على طلبة الإخوان واليساريين، وفى الوقت الذى كانت تحاصر فيها مساجد الإخوان كان مسجد السلفيين مفتوحا بلا أى مشاكل، ولكن أعتقد أن عددهم زاد بكثرة عن طريق الملايين من المصريين الفقراء الذين سافروا إلى السعودية وتطبعوا بالفكر الوهابى بحكم اختلاطهم فترات طويلة بالجماعات الموجودة فى السعودية، وعادوا بهذه الأفكار تاركين الأفكار الوسطية.

لكن توجد أسباب أخرى أيضا لقبول الناس لهم مثل الفقر؛ فأصوات السلفيين المرتفعة موجودة فى المناطق الفقيرة والعشوائية الموجود بها أعداد ضخمة من السكان، والحقيقة أنهم كانوا موجودين ومتمركزين فى مناطق معينة والمجتمع العادى لا يراهم، ومرة واحدة غيروا طريقة تفكيرهم وقرروا العمل بالسياسة وهذا حقهم.

لكن الاستقطاب الدينى لم يكن من قبل الإسلاميين فقط والكتلة حصلت على دعم من الكنيسة، أليس كذلك؟

ــ موضوع الكنيسة سهل وبسيط، المصريون جميعا كانوا يطالبون الأقباط بالخروج معهم للشارع السياسى ويتوقفون عن التقوقع داخل الكنيسة، ويطالبون بحقوقهم السياسية ويشتركون مع المصريين، هذا حدث بوضوح فى الثورة، فلأول مرة منذ 1952 يشاركون بجدية فى أحداث سياسية، والكنيسة المصرية قررت أيضا تشجيع الأقباط على الخروج والتصويت فى الانتخابات والمشاركة. لكن الكنيسة لم تطلب التصويت لحزب معين على الإطلاق، وما حدث أن الأقباط فى المرحلة الأولى كان لابد أن يصوتوا لحزب مدنى، فلن يصوتوا للسلفيين أو الإخوان، وصوتوا للكتلة والوفد وبعض الأحزاب الصغيرة.

وفى هذا السياق يجب أيضا أن تسألى السلفيين لماذا لم يصوتوا للكتلة، طبيعى أن يصوت الأقباط للوفد أو الكتلة، وطبيعى أن يصوت السلفيون لحزب النور.

والهجوم الذى تعرضت له الكتلة فى هذا الشأن نعتبره «طائفية» نعترض عليها بشدة لأنها قسمت المجتمع المصرى ولا تريد الخير لمصر، وهذا لم يحدث مع الكتلة فقط بل تكرر أيضا مع عمرو الشوبكى وهو رجل مسلم ومحافظ ومعتدل فى كلامه وواخد باله ومع ذلك قال منافسوه أنه مسيحى.

تراجع ترتيب الكتلة المصرية فى نتائج المرحلة الثانية هل يعتبر نتيجة لتصريحات ساويرس؟

ــ الخطاب لم يؤثر فى المرحلة الثانية، حصلنا فى المرحلة الأولى على مليون و300 ألف صوت، وفى المرحلة الثانية 800 ألف صوت، وهذا طبيعى لأن دوائر المرحلة الأولى مختلفة عن الثانية وكنا مدركين لذلك. فى القاهرة وأسيوط سنحصل على أصوات، إنما فى البحيرة والشرقية نحصل على أصوات قليلة لأن الإخوان والسلفيين أقوى بكثير فى هذه المحافظات ولم يكن لدينا وقت للعمل فى بحرى، وأعتقد أن نتائج المرحلة الثالثة ستكون قريبة من نتائج المرحلة الثانية.

إلى أى درجة يمكن أن يكون للسلفيين تأثير فى البرلمان المقبل وقرارته؟

ــ لا أعتقد أنه سيكون لهم تأثير كبير فى البرلمان، سيكون صوتهم عاليا لكن غير مسموع لا من أعضاء البرلمان الآخرين أو الشارع المصرى إلا لو غيروا طريقتهم لأن الكلام الذى يقولونه خارج التاريخ ويعيد مصر للقرون الوسطى، لو غيروا طريقتهم وأفكارهم محتمل الناس تستمع لهم.

وماذا عن تأثير القوى المدنية فى برلمان بأغلبية إسلامية؟

ــ التيار الإسلامى أكثر من 75 % والقوى المدنية حوالى 100 كرسى أو أكثر قليلا بما فيها الكتلة والوفد والأحزاب الأخرى، وهذا يشبه عدد الإخوان والمستقلين فى برلمان 2005، لكن لا أعتقد أن الإسلاميين سيتعاملون بمنطق الحزب الوطنى فى البرلمان فالدنيا تغيرت والعالم اختلف، وأعتقد أن الإخوان المسلمين أنبه من الحزب الوطنى وعندهم قدر من البراجماتية والذكاء لعدم تكرار كوارث الحزب الوطنى، ولن يستطيعوا منع الاستجوابات وطلبات الإحاطة.

لكن ما مستقبل التحالف بين القوى المدنية التى دخلت البرلمان مفتتة؟

ــ التحالف بين القوى المدنية يعتمد على حزب الوفد، الناس كلها تنظر له ولتاريخه العظيم والمصريون يقدرونه، لكن هناك قلق من حزب الوفد، لو كان جادا فى الانضمام للقوى المدنية بصدق وأمانة دون انتهازية سيجعل للقوى المدنية كيانا جيدا بحيث تصل لتفاهم مع الإخوان فى الكثير من الأمور.

* وهل تشك فى أداء الحزب؟

ــ لدى تشكك فى طريقة إدارة الحزب وهذا ليس تصورا شخصيا وإنما تصور عام من كثيرين، لدينا قلق ولا نعرف ماذا سيفعل الوفد، فسبق ودخل التحالف الديمقراطى وخرج منه، وفعل فى العام السابق على الثورة أشياء كثيرة جعلت الناس تقلق منه.

رغم أن حزب الوفد أجرى انتخابات ديمقراطية مر عليها نحو عامين والناس استبشرت خيرا بعودة الدور القديم للحزب، ولكن لم يحدث ذلك وأنا أطلب من حزب الوفد أن يستعيد ثقة الشارع المصرى.

كيف يمكن أن تتفق أحزاب الكتلة المختلفة داخل البرلمان رغم تباين توجهاتها الاقتصادية؟

ــ الكتلة ائتلاف انتخابى تأسس من أجل الانتخابات على أساس اتفاق حزب التجمع والمصريين الأحرار والمصرى الديمقراطى على الدولة المدنية، ونحن لنا توجهاتنا السياسية والاقتصادية الخاصة بنا، لكن أعتقد أننا «بهتنا» على بعض نتيجة العمل المشترك طوال هذه الفترة.

التصميم والتطوير بواسطة WhaleSys