قال وزير الإعلام المصري الجديد صلاح عبد المقصود إن الإعلام الرسمي في مصر لن يقدم على تطبيع العلاقات مع اسرائيل قبل أن تتحرر الاراضي الفلسطينية المحتلة كما اكد على ان انحياز الاعلام الرسمي على الصعيد الداخلي سيكون "للشرعية الدستورية".
وعبد المقصود (54 عاما) هو أول وزير إعلام مصري ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين التي ترشح الرئيس المصري الجديد محمد مرسي تحت رايتها في اول انتخابات رئاسة حرة تشهدها مصر في وقت سابق العام الجاري. وهو أيضا صحفي وسبق توليه منصب وكيل نقابة الصحفيين والقائم بأعمال النقيب.
وقال عبد المقصود في مقابلة مع رويترز في القاهرة أمس الاثنين "نحن نتعامل مع اسرائيل باعتبارها لها اتفاقية مع مصر.. نحن وإن كنا نطالب بتغيير بعض بنود هذه الاتفاقية إلا أن رئيس الدولة ومؤسسات الدولة المنتخبة قالوا إننا نحترم الاتفاقيات الموقعة وبالتالي فهذا الجهاز أيضا يؤكد على ذلك."
وأضاف "لكننا في نفس الوقت نعتبر أن هذا الكيان اغتصب الأراضي الفلسطينية وبالتالي فلن نقدم على تطبيع معه حتى تتحرر الاراضي المحتلة."
وأجرى التلفزيون المصري مؤخرا مداخلة مع محلل عسكري اسرائيلي في اعقاب مقتل 16 من افراد حرس الحدود المصريين في هجوم شنه مسلحون على نقطة حدودية مع اسرائيل في رفح بسيناء يوم في الخامس من اغسطس اب.
وأثارت تلك المقابلة استياء قطاع كبير من المصريين. وأعلن التلفزيون اجراء تحقيق داخلي حول الواقعة. والعلاقات بين مصر واسرائيل متوترة منذ مقتل خمسة من قوات الامن المصري في سيناء في غارات عبر الحدود خلال مطاردة القوات الاسرائيلية لمنفذي هجمات في جنوب اسرائيل العام الماضي وزاد هذا التوتر بعد حادث رفح الاخير.
وعلى صعيد الوضع الداخلي قال عبد المقصود خلال المقابلة التي أجريت في مكتبه بمبنى اتحاد الاذاعة والتلفزيون "ليس هناك صراع بين الجيش ومؤسسة الرئاسة.. الجيش جزء من مؤسسات الدولة وهو ملك للشعب."
لكنه أضاف أنه في حالة وقوع أي خلاف أو صراع سياسي داخلي مستقبلا فإن "التلفزيون المصري والإعلام الرسمي سينحاز إلى الشرعية الدستورية التي تم ترجمتها في الانتخابات الحرة النزيهة التي اسفرت عن انتخاب رئيس الجمهورية." وتابع "بعنوان آخر سننحاز إلى الارادة الشعبية.. من سيأتي به الشعب سنحترمه وندافع عن وجوده حتى إن يتم تغييره أيضا عبر الارادة الشعبية."
وعزل الرئيس المصري يوم الأحد كبار قادة الجيش وألغى إعلانا دستوريا مكملا في خطوة مثيرة نحو استعادة سلطته التي قيدتها الإدارة العسكرية لشؤون البلاد. وتولى المجلس العسكري بقيادة وزير الدفاع المقال المشير محمد حسين طنطاوي ادارة شؤون البلاد لعام ونصف العام بعد الاطاحة بالرئيس حسني مبارك في انتفاضة شعبية العام الماضي.
وعن التخوفات من ان يكون الهدف من اختيار قيادي اخواني لتولي حقيبة الاعلام هو تحويل الاعلام الرسمي الى "بوق" للنظام الجديد كما كان الحال في عهد مبارك قال عبد المقصود "وجهت كلمة للعاملين في الاتحاد عبر قناة التلفزيون الداخلية اليوم اكدت فيها أنني جئت إلى هذا المكان كي أسهم معهم في أن أحول الاعلام المصري من اعلام الحكومة إلى اعلام الشعب ومن اعلام السلطة إلى اعلام الدولة."
وتابع "لا اريد أن افرض عليهم توجها معينا وإنما كل الذي اطالب به أن نتعاون معا من أجل اخراج اعلام مهني موضوعي محايد يعبر عن كل المصريين بمختلف انتماءاتهم."
ومكتب عبد المقصود هو نفسه المكتب الذي جلس فيه كل من صفوت الشريف وأنس الفقي الوزيرين السابقين في عهد مبارك. والرجلان محبوسان حاليا على ذمة قضايا فساد مالي.
وعلق الوزير الجديد خلفه اطار به آية قرآنية تقول "وما توفيقي إلا بالله" ولم تعلق صورة لمرسي. ولا تزال اثار الاطار الذي كان يحمل صورة مبارك باقية على الجدار خلف مكتبه.
وردا على الانتقادات الموجهة للحكومة بعد غلق قناة الفراعين الخاصة المملوكة للمذيع المثير للجدل توفيق عكاشة ومصادرة أحد أعداد جريدة الدستور الخاصة قال عبد المقصود "في رأيي ان التعامل بالقانون هو الطريق الامثل للتعامل مع التجاوزات."
وأضاف "أنا اؤيد الحرية بكل قوة وأدعو اليها وأنا ضد الاغلاق وضد المصادرة... ليس للحرية سقف لكن هناك فارقا بين الحرية وبين السب والقذف والطعن والتحريض على القتل."
وأحال النائب العام المصري أمس الاثنين عكاشة إلى محكمة جنايات القاهرة بتهمة التحريض على قتل مرسي كما احال الصحفي اسلام عفيفي رئيس تحرير الدستور للمحاكمة بتهمة إهانة الرئيس.
وعن مطالبات البعض بإلغاء وزارة الاعلام قال عبد المقصود "اطمع في أن أكون آخر وزير إعلام لمصر.. أتمنى أن أحظى بهذا الشرف."
وأضاف أنه عبر عن رغبته لرئيس الوزراء هشام قنديل في تشكيل مجلس قومي للاعلام ليكون بديلا للوزارة ولكي يتحول الاعلام الرسمي إلى جهاز خدمة عامة على غرار هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي).
وأشار إلى تأييد كل من مرسي وقنديل للفكرة. وعن تصوره لكيفية تشكيل هذا المجلس قال انه ينبغي ان يمثل فيه الاعلاميون ومنظمات المجتمع المدني والنقابات ومجلسا الشعب والشورى ورئاسة الجمهورية والهيئات القضائية.
وتابع ان المجلس القومي المقترح سيتعامل كذلك مع الاعلام الخاص وسيكون "جهة مستقلة.. هي التي تحاسب وهي التي تراقب."
وأضاف عبد المقصود الذي كان ظهوره في التلفزيون المصري ابان عهد مبارك ضربا من الخيال أن اتحاد الاذاعة والتلفزيون المصري "كان
رائدا في المنطقة العربية وكان منارة للثقافة وللابداع وللعلوم ونريد ان نعيد له هذه المكانة."
وعن الآليات التي سيتبعها لتحقيق هذه التطور المنشود قال إنه سيعمل على الارتقاء بالكوادر الموجودة في الاتحاد وكذلك النهوض بالاستوديوهات والامكانات الفنية للاذاعة المصرية والاهتمام بالتدريب والتعليم المستمر.
وقال انه سينتدب عددا من المستشارين القضائيين كي يعاونوه في اصلاح الوضع والقضاء على الفساد المالي والاداري بالوزارة. كما تعهد بتقديم أي ملفات تتعلق بالفساد سواء تخص عاملين بالوزارة أو وزراء سابقين إلى القضاء.
وردا على سؤال حول ما إذا كان يعتزم حذف المشاهد الساخنة ومشاهد القبلات والرقصات من المسلسلات والافلام التي تعرض في التلفزيون الرسمي قال "لن اعمل بالهوى الشخصي. إذا كان القانون يطلب مني حذف شيء سأحذفه .. وإذا كان القانون يمنعني سألتزم به."
تعليقات الفيسبوك