كتب: إيهاب فاروق
انطلق سهم البنك التجاري الدولي صاعدا نحو تسعة بالمئة خلال بضع جلسات، بينما قبعت أغلبية أسهم البورصة المصرية دون مكاسب تذكر، وجلس المستثمرون يتطلعون بحنق وحسرة للطائر المحلق الذي يمثل وحده نحو ربع القيمة السوقية لأسهم المؤشر الرئيسي.
ويشكو كثير من المتعاملين في بورصة مصر من أن المؤشر الرئيسي لا يعبر عن حقيقة التداول خاصة وأن سهم البنك التجاري الدولي يتحكم منفردا في السوق لاستحواذه على حوالي 26 بالمئة من المؤشر الرئيسي.
وقال إيهاب سعيد -من أصول للوساطة في الأوراق المالية- "المستثمرون في البورصة غاضبون من أن أسهمهم لا تتحرك بينما التجاري الدولي يصعد وحيدا. هذه المشكلة ليست في المؤشر الرئيسي بل في السوق بأكمله لأنه يفتقد للشركات ذات رأس المال الكبير."
ويعتمد الكثير من مدراء المحافظ المالية وصناديق الاستثمار المحلية والأجنبية العاملة في السوق المصري على المؤشر الرئيسي في استثماراتهم.
وقال كريم عبد العزيز -من الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار- "هذه المشكلة ليست وليدة اليوم. ننادي منذ فترة كبيرة بضرورة تغيير حساب المؤشر المصري الرئيسي."
والمؤشر الرئيسي لبورصة مصر يتضمن أعلي ثلاثين شركة من حيث السيولة والنشاط ويتم قياس قيمة المؤشر عن طريق حساب رأس المال السوقي المعدل بعد حساب نسبة الأسهم الحرة للأسهم التي يتكون منها المؤشر.
وقاد سهم التجاري الدولي الذي صعد نحو عشرة بالمئة منذ منتصف الأسبوع الماضي المؤشر الرئيسي للارتفاع من مستوى 8800 نقطة وحتى 9600 نقطة في حين لم تتغير المستويات السعرية لأغلبية بورصة مصر خلال هذه الفترة.
وبحلول الساعة 1158 بتوقيت جرينتش اليوم جرى تداول سهم التجاري الدولي عند 51.60 جنيه بانخفاض 2.6 بالمئة في أول نزول منذ سبع جلسات.
ولا يتجاوز الحد الأقصى لأكبر الأسهم في بعض الأسواق الخليجية المجاورة عشرة بالمئة من وزن تلك الأسواق مثل السوق السعودي أكبر سوق في المنطقة العربية.
وأبدى عبد العزيز قلقه من تفاقم تأثير سهم التجاري الدولي على مستوى أداء البورصة قائلا "هذه الظاهرة قد تتفاقم في المستقبل بعد ظهور صندوق المؤشر لأن صانع السوق سيشتري بثلث محفظته تقريبا في التجاري يوميا."
وبدأ تداول صندوق المؤشر الرئيسي في بورصة مصر أمس الأربعاء لأول مرة، وهو صندوق مفتوح يتبع حركة المؤشر الرئيسي ويقوم صانع السوق بداخله بالشراء والبيع فقط في أسهم المؤشر الرئيسي وفقا لوزن كل سهم بداخل المؤشر.
ويقول سعيد "لابد من إيجاد بدائل لخروج الشركات الكبرى من بورصة مصر عبر جذب شركات جديدة ذات رؤوس أموال مرتفعة للقيد والطرح حتى تتمكن من خفض وزن التجاري الدولي في المؤشر."
وعانت بورصة مصر خلال السنوات الأربع الماضية من تقليص شركات كبرى لنسب التداول الحر بها لنحو واحد بالمئة بعد عمليات استحواذ عليها بأسعار بخسة من شركات أجنبية.
واستحوذت الكترولوكس السويدية على أوليمبيك المصرية في عام 2011 مما أدى لشطب أسهم أوليمبيك من السوق.
وفي عام 2012 استحوذت فرانس تليكوم على موبينيل. كما استحوذ بنك قطر الوطني على الاهلي سوسيتيه مصر واستحوذت شركة أو.سي.آي ان.في الهولندية على اوراسكوم للإنشاء في 2013. وكان سهم اوراسكوم للإنشاء يمثل وحده 27 بالمئة من القيمة السوقية لأسهم المؤشر الرئيسي قبل الاستحواذ على الشركة.
وخلال عام 2014 أعلنت شركات مثل ايديتا الغذائية وإعمار مصر وأرابتك مصر واتصالات مصر وحديد المصريين ودومتي عن رغبتها في قيد وطرح جزء من أسهمهم في بورصة مصر.
وقال وائل عنبة من الأوائل لإدارة المحافظ المالية "لابد من تغيير معادلة تكوين المؤشر الرئيسي وتجنب القيمة السوقية. يجب ألا يزيد الحد الأقصى لأكبر سهم عن 15 بالمئة من قيمة المؤشر."
وفي مقابلة مع رويترز خلال أكتوبر تشرين الأول أكد رئيس البورصة محمد عمران أنه لا نية لاجراء تعديلات على اسلوب حساب ذلك المؤشر قائلا "لا توجد أي دراسات لتغيير طريقة حساب المؤشر الرئيسي على الاطلاق. كل الأسواق بها عدد من المؤشرات. لدينا خمسة مؤشرات في بورصة مصر.. عليك أنت أن تتابع ما يعبر عن استثماراتك."
والتحدي الحقيقي الآن للقائمين على سوق المال في مصر هو قدرتهم على جذب شركات ذات رؤؤس أموال كبيرة للسوق حتى يحدث توازن في المؤشر بين الشركات بعد أن نجحوا بالفعل خلال 2014 في تغيير قواعد القيد بالبورصة وتسهيل إجراءات زيادة رؤوس أموال الشركات.
تعليقات الفيسبوك